من المنتظر أن يُطلّ اليوم أرز زهر الدين، في دورة اللألعاب البارالمبية التي تُنظَّم في اليابان، كممثل وحيد للبنان. وهو أيضاً المشارك العربيّ الوحيد عن فئة «T64».

وأثناء تمثيله لبلده، يحمل الشاب ذكرى ضحايا انفجار مرفأ بيروت معه إلى اليابان، رغبةً منه في تكريمهم.

بدأ زهر الدين رحلته مع احتياجاته الخاصة بحادث أليم، على غرار ما تسبب به انفجار بيروت للعشرات. ولم يسمح لإصابته، التي أدّت إلى بتر إحدى ساقيه، بأن تُقعده بين جدران أربعة، بل على العكس، أصرّ على الانطلاق في مسيرته الرياضية، حتى وصل اليوم إلى اليابان حيث يشارك في المباراة النصف نهائية والنهائية في سباق الـ200 م عن فئة «T64»، المخصصة للّذين يعانون من بتر ساق واحدة دون مستوى الركبة.

وكان ابن الاثنين والعشرين عاماً، قد فقد جزءاً من ساقه جرّاء حادث وهو في عمر الثلاث سنوات. منذ ذاك الحين، لم يعانِ من الأذى الجسديّ فحسب، بل من ضغط نفسيّ في مجتمع لا يتقبّل الآخرين «المختلفين»، ما ولّد في نفسه رغبة عميقة لتحقيق إنجازات تنطبع في الذاكرة، وتثبت للمجتمع ولكل مصاب، بأنه قادر على خلق الفرصة المناسبة وإيجاد القوة داخل إصابته.

في عمر السابعة، استهوته رياضة المبارزة، واختار أن يحترفها بمساعدة ساق اصطناعية، واستطاع أن يشارك في مباريات وينال ميداليات عدة. وفي العام 2018، قرّر أن يحترف الركض، فتعرّف على جمعية «Beirut Power Hub»، التي تُعنى بتحفيز الشباب ومساعدتهم لتحقيق إنجازات. فواصل تدريبات متخصصة، واتّبع نظاماً غذائياً خاصاً. وكان العدّاء الأميركي الشهير، جاريد والاس، مصدر إلهام وتحفيز له، وها هو اليوم يلتقيه في طوكيو.

في إيطاليا، شارك أرز عام 2019 في مسابقة «Grand prix»، بسباق الـ 100 ثم الـ200 متر، وحلّ الثامن عالمياً، ما أهّله للمشاركة في دورة الألعاب البارالمبية عام 2021، التي تأجلت من العام الماضي حتى اليوم، بسبب جائحة «كورونا».

لم تكن التحضيرات سهلة، إذ يقول أرز إن: «تحديات عدة واجهت هذه الرحلة، لا سيّما أن الرياضة في لبنان لا تُعطى الحيز المناسب من الاهتمام، لا المعنوي ولا المادي. فما بال من يحتاج لتجهيزات وتدريبات إضافية، وخاصةً في ظل انهيار اقتصادي كالذي نشهده؟»

مع ذلك، نقل النادي والمعدّات إلى منزله لمواصلة مساعيه. لكن التحدي الأكبر، والفاجعة التي ألمّت بكل اللبنانيين، كانت انفجار المرفأ الذي خلّف آثاراً نفسية وعينية. فقد حطّم الانفجار النادي الذي يتدرب فيه. غير أن الحادثة لم تزده إلا عزماً وإصراراً وتحفيزاً ليكمل مسيرته، ويهدي فوزه لضحايا الانفجار، ويثبت أنه على الرغم من الجرح البالغ الأثر، يمكن أن نجد القوة التي تستطيع أن تغير وتخلق قصة نجاح فريدة.