«نصفُ قرنٍ عشت الرياضة ومارستها ولم أعرفها حقيقة»، يقول عدنان مكداش، المعروف بعدنان الشرقي. لكنَّ ملعب بيروت البلدي عرفَه جيداً. هناك بيته الثاني، حيث افترش التراب والعشب نحو 25 سنة متواصلة، ومن هناك، ستكون الرحلة الأخيرة، لأحد أعلام منطقة الطريق الجديدة. نادي الأنصار عرفه أيضاً، لاعباً، ومدرباً، وإدارياً. صنعَ مجده، وقاده إلى معظم الألقاب التي حقّقها منذ تأسيسه، ووصل به إلى العالمية. الجمهور يعرف الشرقي. هو «غينيس» و«التاريخ» و«بيروت البلدي» و«الأنصار». الوجهُ الباسمُ خارج الملعب، والمنفعل غضباً داخله.[اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
تتكلّم الأرقام عنه كما يفعل الناس. صعد بالأنصار إلى الدرجة الأولى، وقاده إلى التتويج بلقب الدوري 11 مرّة متتالية، ليدخل موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية. في رصيده كأس لبنان 8 مرات، وكأس السوبر 4 مرات وكأس النخبة مرتين وكأس الاتحاد اللبناني مرّتين.
«الشرقي»، تيمّناً بشقيقه الأكبر منير، الذي حمل الكنية عينها عندما كان لاعباً؛ وُلد في كنف عائلةٍ رياضية. تخرّج من مدرسة البر والإحسان والتحق بكليّة التربية الرياضيّة في الهرم في جامعة حلوان (القاهرة). نال إجازة في إدارة الأعمال من جامعة بيروت العربية، وعمل موظّفاً في وزارة الدفاع اللبنانية، كما مارس الصحافة في جريدة "المحرر" ومجلة "الوطن الرياضي". له ولدان، محمد وعُلا.
بدأت مسيرته الكرويّة مع منتخب المدارس، وفريق الأشبال في الأنصار، حيث لعب ودرّب باكراً. مرَّ على النجمة، لكن سُرعان ما عاد إلى الأنصار ليلعب معه قبل قيادته فنياً. عُيّن مدرباً لمنتخب لبنان في أكثر من مناسبة، كما أشرف على المنتخب الأولمبي، قبل اعتزاله التدريب عام 2008، بعدما ترك الأنصار مدرباً عام 2005. أشرف على عددٍ من نجوم كرة القدم اللبنانية، أمثال جمال طه وفادي علّوش وعمر إدلبي ومحمد مسلماني وعبد الفتّاح شهاب وعصام قبيسي وغيرهم.
لم يفصل الشرقي السياسة عن الرياضة، ولو أنّه لم يُمارسها، ودعا إلى عدم زجّها في شؤون الأندية.
لم يعد النادي الأحب إلى قلبه، أو الوحيد الذي أحبّه أساساً، يُشبه نفسه، كما يقول، لكنّه استعاد شيئاً من مجده. لم يرحل الشرقي حتّى سمِع أصوات المشجّعين يهتفون باسمه مجدداً تحت شرفة منزله. حضروا لتهنئته بلقب الدوري الذي غاب عن خزائن نادي الأنصار 14 عاماً. هو الذي لم يغب عن بالهم أبداً. الشرقي منهم، ابن الحي. هو المتعصّب لكرة القدم وفقرائها في وجه نجاح كرة السلة والأثرياء في منتصف التسعينيات ونهايتها. هو ذاكرة بيروت ولهجتها العتيقة، «واللي مبارح كان ولداً»، صار بطلاً، ورحل. إذا لم يعرف الحاج عدنان الرياضة في لبنان… فمَن عرفها؟