عندما نظّمت بلدية برج البراجنة دورتها الأولى للشباب والقدامى في لعبة كرة الطاولة، أسفرت نتائجها عن احتلال آل رحّال المراكز الأولى في الفئتين. شارك عشرة لاعبين من أبناء العائلة في تلك البطولة، أصغرهم في عقده الثالث. هذه النتائج اللافتة تبعث على الاهتمام، لمعرفة طبيعة العلاقة بين العائلة واللعبة الفردية. وللوقوف على التفاصيل، كان لا بدّ من زيارة إلى معقل العائلة الرياضي، حيث النادي ومكان الالتقاء اليومي حول الطاولة الخضراء.أحمد أنيس رحّال (65 عاماً) هو أوّل الواصلين. يقع على عاتقه فتح أبواب مقر الرابطة «الرحّالية» التي تأسست في العام 1973. يعمل على تهيئة الأجواء لقدوم الأقارب الذين اعتادوا التوافد من دون أي مواعيد مسبقة. وكان أحمد قد نزل إلى ميادين اللعبة حديثاً، أي منذ ثلاث سنوات فقط، بتشجيع من بطل العائلة محمد رحّال (تصنيفه 25 بين لاعبي لبنان والأول على العائلة). وبعد أقل من ربع ساعة، يكتمل النصاب. كلٌّ يحمل مضربه ومنشفته، لتنطلق المعارك في أجواء عائلية رياضية تنافسية. أكثر من خمس ساعات يومياً من اللعب، تارةً في فئة الفردي وطوراً في «الزوجي». العرق يتصبب من الجميع. وخلال فترة الاستراحة بعد مباراة حامية، أخبرنا رئيس بلدية برج البراجنة الأسبق جمال رحّال (56 عاماً ـ ترتيبه الرابع في العائلة) بأنّ لعبة كرة الطاولة أفضل دواء لمحاربة مرض الزهايمر، داعماً رأيه بعرض أحد التقارير عبر هاتفه الجوّال. عن رحلته مع اللعبة، وهو المُهاب من الجميع على الطاولة، يقول محمد حسن رحال (بطل العائلة ـ 56 عاماً): «بدأت بممارسة اللعبة وأنا في الثامنة من عمري، في محل ربيع الخليل. أوّل من درّبني هو مهنّد اليماني، اللاعب رقم واحد في مخيّم البرج، وبعده صقل موهبتي زينون القماطي. وفي مدرستي أحرزت المراكز الأولى لعدّة سنوات، لأحرز بعمر العاشرة بطولة لبنان للناشئين». وأحرز لاحقاً العديد من البطولات مع نادي الرياضي ومع نادي العهد الذي انتسب إليه منذ 3 سنوات فقط. يقوم محمد ومعه صافي أحمد رحّال (53 عاماً ـ المصنّف ثانياً في العائلة) بتدريب وصقل باقي أفراد العائلة، المتزايدة أعدادهم في طرق أبواب اللعبة. ويشير صافي: «في سهراتنا الرياضية نستفيد على أكثر من صعيد، صحيّاً واجتماعياً. ومن خلال اللعبة نسجنا أجمل وأرقى العلاقات مع لاعبين آخرين، وأكثرها تميّزاً مع «رابطة ترشيحا» داخل مخيم البرج. هناك تحدث المباريات من وقت إلى آخر... «مع آل الهبش في صيدا، ومع آل أبو فيصل في الدامور. قد نختلف مع البعض في السياسة ولكن نجتمع بمحبة مع منافسة شريفة عند خوض المباريات».
يقول اللاعبون إن كرة الطاولة أفضل دواء لمحاربة مرض الزهايمر


يستذكر صافي تأثره بمحمد عندما كان يلعب يومياً مع اللاعبين بلال عودة وصالح عبد الرحمن، وهما من أبطال فلسطين في اللعبة. كان يشاهد اللعب لمدة ثلاث ساعات ليحظى باللعب ربع ساعة فقط. بدأ مسيرته مع البطولات في الجامعة عام 1984، ليحرز لاحقاً بطولة الجامعة اللبنانية في عام 1987. يتدخّل نبيل حسن رحّال (58 عاماً ـ المصنّف ثالثاً في العائلة) ليكمل عن قريبه: «صحيح أنها لعبة فردية، ومن المفروض أن تغلّف مجرياتها الألفة وخصوصاً بين الأقارب، إلا أننا نتحمّس لترتفع أجواء الإثارة والحساسية والمنافسة، ولكن بشكل نظيف». أما عن وجود لعبة تجمعهم أيضاً غير كرة الطاولة، أخبرنا صافي أنهم يتمرنون أسبوعياً على كرة القدم، إلا أنّ تركيزهم الأكبر يقع على كرة الطاولة، متمنياً على اتحاد بلديات الضاحية أن «ينظّم بطولة للكبار والشباب بين بلدات الغبيري وحارة حريك والمريجة وبرج البراجنة». وتجدر الإشارة إلى أنّ فريق البرج لكرة القدم في التسعينيات كان يضمّ في صفوفه أربعة أخوة، حسن وحسين وعلي وفضل، هم أولاد عباس رحّال لاعب الشبيبة المزرعة السابق وشقيق الكابتن سهيل رحّال لاعب فريق الراسينغ والمنتخب الوطني لسنوات عدّة.
وحول البطولة العائلية في كرة الطاولة، ومدى التبدّل في تصنيف اللاعبين، قال عبدالله أنيس رحّال (61 عاماً): «نقيم دورة شهرية، يشرف عليها محمد وصافي (الأول والثاني في الترتيب)، على أمل أن يحصل التغيير في بقية المراكز. إلا أنّ الوضع لم يتغيّر منذ أكثر من سنة، إذ بقي زاهي ابراهيم رحّال في صراع دائم مع نبيل حسن رحّال على المركز الثالث وخلفهما يتربّص جمال رحّال». لا شكّ أنّ ممارسة الرياضات العائلية تدعم الروابط الأسرية وتعزز روح الانتماء بينها، لا سيما إذا ما تمت في أجواء حماسية. وفي هذا الصدد، يوضح الرئيس محمد طه رحّال: «أجواء الرابطة والنزالات اليومية في كرة الطاولة شجّعت الجيل الجديد من أفراد العائلة على المواكبة واللعب والارتقاء، وهكذا تترابط أجيالنا على أمر جيّد وهذا ما يُدخل السرور إلى قلوبنا. أن تجمعنا طاولة البينغ بونغ أفضل من أن تجمعنا طاولة لعب ورق»، يختم حديثه.

شجّعونا لتنظيم بطولة
«بناءً على ما تابعته من مستويات عالية خلال زياراتي المتكررة إلى اخوتي آل رحّال، طرحت على المجلس البلدي تنظيم بطولة في لعبة كرة الطاولة للكبار والشباب والصغار، وسريعاً تمّت الموافقة. وقد شارك في مجرياتها ما يزيد عن 60 لاعباً بينهم خمسة أعضاء من المجلس البلدي، إلى نائب الرئيس زهير جلول وعدد من مخاتير البلدة»، هذا ما أخبرنا به رئيس اللجنة الرياضية في بلدية برج البراجنة الكابتن بسام فرحات الذي كان شاهداً على احتدام المنافسات بين أبطال آل رحّال.