معدّات مهترئة، وفود تهجر مقر الإقامة، واتحاد منظِّم «يستجدي» تجهيزات ضرورية من دول شقيقة للحرص على إقامة المسابقات وفق المعايير المطلوبة. هذه ببساطة عيّنة سوداء عمّا كان يدور في كواليس بطولة غرب آسيا للناشئين والناشئات في ألعاب القوى، التي نجح الاتحاد اللبناني فيها فنياً عبر النتائج التي حققها منتخبه، لكن النجاح التنظيمي بقي معلّقاً وسط ملاحظات بعض الوفود المشاركة، في الوقت الذي رفع فيه الاتحاد المسؤولية عنه في هذا الشأن، على اعتبار أنه لم يلقَ التجاوب المطلوب من الجهات المعنية بالتعاون في أمور تنظيمية أساسية. القصة بدأت قبل شهرين عندما أرسل الاتحاد اللبناني لألعاب القوى كتاباً الى وزارة الشباب والرياضة طالباً فيه استضافة البطولة بنسختها الأولى، فجاء ردّ المدير العام زيد خيامي بالموافقة. الاتحاد تحرّك بسرعة، ولو متأخراً، في مسألة تقديم موازنة للاستضافة بلغت قيمتها 90 الف دولار، من ضمنها مبلغ لشراء جهاز
الـ «فوتوفينيش»، فجاءه وعد، لا أكثر، بمحاولة توفير هذا المبلغ.
من هنا، نُظّمت البطولة بالدَّين، إذ إن الحكام لم يتقاضوا أتعابهم، وعدم وجود ميزانية قلّص العدد المطلوب على مضماري المدينة الرياضية والمدينة الجامعية. كذلك، أصبح للجهة التي تولّت نقل الوفود مبلغ في ذمة الاتحاد، الذي سينتظر حصوله على الـ 90 الف دولار لتسديد ديونه.
تعاون الوزارة كان حاضراً في تقديم منشآت المدينة الرياضية والمدينة الجامعية في الحدث. وطبعاً هذه التقديمات لا تكلّف الوزارة شيئاً، لكن حتى في هذه الخطوة كان التعاون بطيئاً، وأثّر تأثيراً كبيراً في سرعة الاستعدادات التي كانت جارية لإخراج الاستضافة بأفضل صورة.
ومن خلال الوضع الذي بدت عليه التجهيزات التي استُعملت خلال المسابقات، كان يمكن قراءة ما حصل، إذ إن معظم هذه التجهيزات أُصيبت بالاهتراء أو بالضرر بالنظر الى تخزينها في غرف في المدينة الرياضية، تصلها الأمطار والصرف الصحي أحياناً. وسبق أن طلب اتحاد ألعاب القوى من الوزير السابق علي عبد الله تسلّم هذه التجهيزات بعد انتهاء دورة الألعاب الفرنكوفونية، لكن من دون جدوى. وقد جاء هذا الطلب بناءً على معرفة القيّمين قيمة التجهيزات التي تصل الى 200 الف دولار، وبالتالي يجب حفظها في مكان أفضل، وإجراء جردة تخوّل الاتحاد التعرّف على أي نقص قبل استضافة البطولات، لكن بقاء هذه التجهيزات في «الأسر» مع الوزارة الجديدة، والتأخر في فتح الأبواب أمام الاتحاد، وبالتالي عدم معرفته بالنواقص، دفعته مجتمعةً الى «استجداء» مطرقتين من نظيره الأردني لإقامة منافسات رمي المطرقة، والى الطلب من نظيره السوري استعارة أقراص لمسابقة رمي القرص، فضلاً عن استعارته
الـ «فوتوفينيش» من نظيره السعودي!
ومن المدينة الرياضية الى المدينة الجامعية، فقد جرى تجاهل الكتاب الذي أرسله الاتحاد الى رئيسها الدكتور زهير شكر بخصوص استضافتها للوفود. وهنا تدخلت الوزارة في «الوقت القاتل» فأعدّت بدورها كتاباً مماثلاً، لكن المفارقة أنها طلبت من الاتحاد إرسال شخص لإيصاله الى ادارة الجامعة لتعذّر وجود من يقوم بهذا العمل البسيط لديها!
وبالفعل، جاءت الموافقة الاثنين بعد الظهر، أي قبل يوم واحد من وصول الوفد العراقي، الذي رفض فوراً الإقامة في الجامعة «المهجورة» بسبب الوضع المزري للغرف الوسخة، فذهب الى فندق على حسابه الخاص، قبل وصول شركة التنظيفات التي أرسلها الاتحاد لإجراء المطلوب، ثم لحق به الوفد السوري قبل ليلة على انتهاء البطولة بسبب شعور رياضييه بالإقامة في سجن، بالنظر الى أن الغرف غير مجهّزة بالتلفزيونات أو الإنترنت.
أما عند السؤال عما سيترتب جراء هذه الثغر التنظيمية، فيأتي الجواب بأنه جرت «ضبضبة» الأمور مع الأشقاء العرب، بينما سجّلت الوزارة يتيماً آخر في عائلتها الكبيرة.



بانتظار لفتة من الوزارة

رأى الأمين العام لاتحاد ألعاب القوى نعمة الله بجاني أن النتائج التي حققها المنتخب اللبناني كانت متوقعة، وخصوصاً عند الناشئات اللواتي يعتبرن بين الأفضل عربياً، آملاً أن تقوم الوزارة بلفتة تجاه ما تحقق، وترعى هذه المواهب، أولاً عبر تقديم المكافآت لهن، وثانياً عبر الاقتناع بالخطة التي وضعها الاتحاد لتطوير النشء.