لم يعد الوضع يطاق بالنسبة إلى عددٍ لا يستهان به من الأندية الأوروبية؛ إذ بالنسبة إليهم أصبح اللاعبون هم الحاكمين لها والموجّهين لقراراتها الإدارية؛ إذ إن شروط النجوم تحديداً تبدو كأنها أحكام مبرمة، لدرجة أصبح وكلاء اللاعبين أقوى من الرؤساء والمديرين والمدربين. وهذه المسألة أوقعت أندية عدة في عجزٍ كبير، وخصوصاً أن رواتب اللاعبين أصحاب الأسماء الرنانة وصلت إلى مستويات مخيفة.
وإذ لا تجد بعض الأندية مشكلة في هذا الإطار ضمن سعيها إلى البقاء الأقوى رغم معاناتها أيضاً، ترى أندية أخرى في استمراريتها أمراً أهم من أي لقب أو نجمٍ، فذهبت إلى إجراءات غير مسبوقة يمكن وصفها بأنها محاولة لإحداث انقلاب على حُكم اللاعبين واسترداد السلطة المفقودة. وهذا الأمر شهدناه أخيراً في إنتر ميلانو مثلاً الذي أقرّ وقف نجم وسطه الهولندي ويسلي سنايدر حتى أجَلٍ غير مسمّى بغية الضغط عليه للقبول بالشروط التي أقرها المديرون الماليون، وهي حسم نسبة 30% من راتبه الذي يصل إلى 6 ملايين يورو سنوياً خالية من الضرائب.
وقضية سنايدر قد تفتح الباب أمام معادلة جديدة في عالم الكرة، وتحدث انتفاضة عامة يمكن تشبيهها بقانون بوسمان الذي حرّر اللاعبين من العبودية للأندية. ففي حال نجاح إنتر في إرضاخ سنايدر للشروط المطلوبة، فإنه لن يكون مستبعداً أن تذهب أندية أخرى إلى سلوك الطريق نفسه، وهو أمر ربما شهدنا عيّنة منه بطريقة غير مباشرة في ريال مدريد الإسباني مثلاً؛ إذ لا يمكن أبداً عدم ربط مسألة الضغط على البرازيلي كاكا للرحيل عن النادي بمسألة استبعاد المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو له من غالبية المباريات وحتى الضعيفة منها. وفي قصة كاكا يعلم الكل أن النادي الملكي يريد التخلص من أفضل لاعب في العالم سابقاً للهروب من دفع راتبه المرتفع، فتألق البرازيلي مع منتخب بلاده أخيراً لم يغيّر شيئاً من الخطة الموضوعة؛ إذ أبقي كاكا على مقاعد البدلاء وحتى خارجها من أجل أن يأتي طالباً الرحيل، وهو أمر لم يُقدِم عليه في الصيف؛ لأن أحداً لم يوافق على دفع نصف الملايين التسعة التي يدفعها له ريال مدريد.
بدوره، لا يتوقف إنتر عن مضايقة سنايدر بشتى الوسائل، والهدف هو إحراجه، ولمَ لا إخراجه من النادي حيث لن يكون رافضاً فكرة تحوّله حتى إلى غريمه ميلان الذي يبدو مهتماً بالتنافس مع مانشستر يونايتد الإنكليزي للحصول على خدماته. وبدا لافتاً أن إنتر يريد أن يطفئ سنايدر أينما كان، إذ حتى قرر منعه من الكتابة على صفحته الخاصة على «تويتر»، وقد اعترفت زوجته يولانت كاباو بهذا الأمر عشية مباراة إنتر مع بارتيزان بلغراد الصربي في «يوروبا ليغ»؛ إذ كتبت على الموقع عينه: «لا يستطيع زوجي الكتابة بعد الآن على تويتر. إنه خيار النادي. أمر غريب».
واللافت أكثر أن رئيس النادي ماسيمو موراتي لا يأبه إطلاقاً لمدى قدرة سنايدر على إحداث الفارق في تشكيلة «النيراتزوري»، وهو الذي يعدّ جزءاً من صنّاع تاريخ النادي، حيث كان الملهم الأول في إحراز الفريق لقب دوري أبطال أوروبا عام 2010. إلا أن موراتي يريد حماية ناديه الآن، ولهذا السبب لم يمانع إطلاقاً التخلي عن حارسه الأساسي البرازيلي جوليو سيزار ثم مواطنيه المدافعين مايكون ولوسيو اللذين كانا من أبطال الإنجاز المذكور، والسبب بكل بساطة رواتبهم العالية.
فعلاً الأندية لن ترحم بعد الآن، وهذا ما يبدو جليّاً في ما أقرّه أرسنال الإنكليزي أمس بأنه سيقتطع من رواتب لاعبيه إذا فشلوا في التأهل إلى دوري الأبطال في نهاية الموسم.