لم يتخيّل احدٌ يوم شراء الملياردير النمسوي ديتريتش ماتيشيتز مالك شركة «ريد بُل» للمشروبات المنشّطة، لفريق «جاغوار رايسينغ» ان يترجم الشعار الشهير لشركته «ريد بُل تمنحك أجنحة» على ارض الواقع في بطولة العالم لسباقات سيارات الفورمولا 1. الا ان ما حصل في السنوات التي اعقبت هذه الصفقة التي رآها البعض تجارية وتسويقية بحتة، هو تحليق الفريق النمسوي وظهوره في احيانٍ كثيرة بمستوى يفوق بأشواط منافسيه الذين يملكون تاريخاً طويلاً في عالم الفئة الاولى، اذ تخطت نجاحات ريد بُل عراقة انجح الفرق على الاطلاق، امثال فيراري وماكلارين مرسيدس ووليامس وغيرها.
الشركة النمسوية الناجحة في مجالها لم تكن بعيدة عن عالم الرياضة اصلاً، وذلك من خلال رعايتها لفرقٍ او رياضيين حول العالم، وهذا ما انسحب ايضاً على سباقات السيارات. الا ان ضربتها الكبرى كانت في الفورمولا 1 بعدما سجلت سابقاً حضوراً عبر عقد رعاية أبرمته مع فريق ساوبر، اضافة الى رعايتها برنامجاً لتخريج السائقين الموهوبين حتى حصلت بنفسها على تركيبة ناجحة على صعيد المهندسين والسائقين الذين جعلوا من ريد بُل رايسينغ العلامة الفارقة في الفورمولا 1.
لكن سرّ نجاح فريق ريد بُل يعود الى رجلٍ واحد، من دون مبالغة، وهو المهندس البريطاني أدريان نيوي، الذي استفاد من تغيير القوانين بين 2008 و2009، ليترجم افكاره الخاصة بالديناميكية الهوائية على سيارة اصبح من الصعب على الخصوم نسخ جودتها، وقد ترافق هذا الامر مع وصول الموهبة الاستثنائية بطل العالم الالماني سيباستيان فيتيل الذي لمع اصلاً مع فريق «سكوديريا تورو روسو» المدعوم من ريد بُل.
ولم يكن يُتوقّع اصلاً من نيوي غير النجاح في ريد بُل، اذ ان الرجل يملك تاريخاً استثنائياً في سباقات الفئة الاولى، اذ خلال التسعينيات حيث عمل مع وليامس وماكلارين، تمكن من تصميم سيارة فازت بستة من اصل 10 القاب للمصنّعين، حاملاً البريطانيين نايجل مانسيل ودايمون هيل والكندي جاك فيلنوف والفنلندي ميكا هاكينن الى لقب السائقين ايضاً، وهو عرف انه في الطريق الصحيح الى المجد عندما وجّه سيارتي ريد بُل الى خط النهاية في سباق الصين عام 2009 حيث جاء فيتيل في المركز الاول وخلفه زميله الاوسترالي مارك ويبر، في اول انتصار للفريق النمسوي.
ويحسب لفيتيل اندماجه مع سيارة نيوي وكأنه قطعة منها، فأصبح الشاب الموهوب الذي اطلق عليه لقب «بايبي شومي» في بداياته صاحب انجاز لم يحققه مواطنه «الاسطورة» ميكايل شوماخر، ففي سن الـ25 وبعد 101 سباق احتفل «سيب» بثلاثة القاب في بطولة العالم، وهو امر اصابه «شومي» بعد 143 سباقاً وفي سن الـ31.
ومع نيوي وفيتيل كان هناك عقل مفكّر يدعى كريستيان هورنر، اذ ان البريطاني اصبح في الـ31 من عمره اصغر شخص يدير فريقاً للفورمولا1، وذلك عندما استلم مهامه مع ريد بُل عام 2005. ومعروف عن هورنر كيفية مساعدته السائقين على بلوغ مرحلة معيّنة من النضج، وهذا ما وصل اليه فيتيل بعدما سمّاه مدير فريق ماكلارين البريطاني مارتن ويتمارش «فتى الحوادث»، اذ ان الالماني ظهر بارعاً ونظيفاً على الحلبة لدرجة اقترب فيها من الكمال.
وما يكشف عنه هورنر ونيوي يعكس صورة واضحة عن كيفية عمل الفريق كوحدة متماسكة، اذ يؤكد الاول ان التواصل هو مسألة اساسية في عمل الكادر المؤلف من 550 شخصاً، والذي تمكن من كسر كل التقاليد التي حكت دائماً قصصاً اسطورية عن الشركات المصنّعة للسيارات السريعة والتي قدّمت الابطال العالميين في الماضي.



جائزة البرازيل | باتون يفوز وفيتيل يحتفل

كان كافياً احتلال فيتيل المركز السادس في جائزة البرازيل الكبرى، وهي المرحلة الأخيرة من البطولة، للاحتفال بلقبه الثالث توالياً، في الوقت الذي ذهب فيه المركز الأول الى سائق ماكلارين مرسيدس البريطاني جنسون باتون (الصورة)، في سباقٍ مجنون تقلبت فيه الصدارة والمعطيات مرات عدة.
وظفر فيتيل باللقب العالمي، رافعاً رصيده في الصدارة بفارق 3 نقاط، إذ جمع 281 نقطة مقابل 278 نقطة لمطارده المباشر سائق فيراري الإسباني فرناندو ألونسو الذي حل ثانياً، بينما جاء زميله البرازيلي فيليبي ماسا ثالثاً.
وكاد فيتيل يخسر كل شيء في بداية السباق عندما ارتطمت سيارته بالجناح الخلفي لسيارة سائق وليامس البرازيلي برونو سينا، علماً بأنه دخل المرأب 4 مرات لتغيير الإطارات قبل أن ينهيه في المركز السادس أمام مواطنه سائق مرسيدس «الأسطورة» ميكايل شوماخر الذي خاض سباقه الـ 307 والأخير في مسيرته الاحترافية، علماً بأن مواطنهما نيكو هالكنبرغ (فورس إينديا) حلّ خامساً بعدما قدّم سباقاً رائعاً.