«نحن معك لانس، أنت بطلنا، تابع كذلك»، «لانس الى الأبد، هذا الصراع ليس عادلاً، ستبقى دائماً البطل»، «لا أحد بإمكانه أن ينزل أسطورة الى الأرض»، «ستبقى دائماً بطل سباق فرنسا سبع مرات، لا شيء سيغيّر ذلك». هذا كان حال أنصار الدراج الأميركي الشهير، لانس أرمسترونغ، على صفحة «فايسبوك» الخاصة بنجمهم، بعد قرار الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات تجريده من ألقابه السبعة في سباق فرنسا للدراجات الهوائية، المعروف بـ «تور دو فرانس».
الأنصار الذين لم يكونوا يتوانون عن اللحاق بنجمهم الاول خلال السباقات لاحتضانه، او لأخذ الصور التذكارية معه، وجدوا انفسهم امام واقع مرير وصادم. كيف لهم أن يستوعبوا هذه المفاجأة المحزنة؟ لكن الصحف الأميركية استوعبت ما حدث على مضض، لا مفر، فالدراج «الأسطوري» سقط بـ «الجرم المشهود»، عندما رفض الدفاع عن نفسه مسلّماً بالأمر الواقع.
ما بين بكاء الأنصار وحسرة الأميركيين، كان ثمة في العالم من لم يخفِ سروره مما حدث. من يشمت. من يفتح سجلات الماضي. هذا كان واقع الفرنسيين في صحفهم لحظة الإعلان عن العقوبة. هؤلاء الذين لم «يهضموا» واقعاً فرضه الأميركي على أرضهم منذ عام 1999 حتى 2005، وجدوا الوقت مناسباً ومثالياً للتشفّي.
هكذا، احتل خبر تجريد أرمسترونغ من ألقابه في «تور دو فرانس» عناوين الصفحات الرياضية في الصحف الفرنسية قاطبة، وبالخط العريض، مفردة مقالات لا تعد ولا تحصى عن الدراج الأميركي، حتى إن هذا الخبر احتل العنوان الرئيسي على الموقع الإلكتروني للصحيفة الشهيرة «لو موند» لحظة إعلانه.
في «لوموند» تقارير كثيرة تطرقت لهذه «القنبلة»، التي انفجرت في وجه أرمسترونغ. «لانس آرمسترونغ، سقوط بطل»، كتبت «لو موند». «أرمسترونغ تنشّط، لا جديد» رأت الصحيفة الفرنسية. «لو موند» راحت تنبش دفاتر الماضي، متغنية بأن أحد كتابها، ويدعى انطوان فاييه، كان سبّاقاً منذ عام 1999 الى اعتبار ان اداء أرمسترونغ كان فائقاً للطبيعة الإنسانية، ولم يكن ذلك ليحدث من دون منشطات. الصحيفة الفرنسية حاورت كاتبها السابق عن أرمسترونغ، فما كان منه الا القول: «لقد بدأ بالغش (أرمسترونغ) في 1999 ومن ثم تابع على هذا المنوال». ورأى فاييه أن أرمسترونغ كان «يتقن التنشّط محاطاً بعدد من الأطباء الكفوئين لمساعدته».
ولدى سؤاله كيف كان أرمسترونغ يهرب من الوقوع في فحوص المنشطات، زعم فاييه أن الدراج الأميركي استفاد من علاقته القوية مع الاتحاد الدولي للدراجات الهوائية، ورئيسه هين فيربروغين.
«لو موند» لم تكتف بذلك، بل أفردت مقابلة لبيتسي أندرو، وهي صديقة قديمة لأرمسترونغ، قبل أن تتحول الى ألد خصومه، وهي بالمناسبة زوجة زميل لانس السابق، فرانكي أندرو، بين 1992 و2000، وقد كانت من الأشخاص القليلين الذين أكدوا دائماً أن أرمسترونغ يتناول المنشطات. ورأت أندرو ان التأخر في اعلان هذه الحقيقة «كان خوف الأشخاص من قول كل ما يعرفون»، مشيرة الى ان الوكالة الاميركية لمكافحة المنشطات «ما كانت لتعلن هذه الحقيقة لو لم تستند الى أدلة دامغة»، كما رأت أن سبباً جوهرياً ثانياً يقف وراء عدم سقوط أرمسترونغ منذ زمن بعيد، وهو «عدم اعتبار الدراجات الهوائية رياضة في الولايات المتحدة، اضافة الى ان وسائل الاعلام أدت دورها في إبراز صورة أرمسترونغ، الرجل الذي كافح المرض وانفصل عن زوجته، فكان من الصعب على الأميركيين ان يصدقوا ان شخصاً كهذا يمكن أن يكون غشاشاً».



زملاء الأمس: حدّة فرنسية وسلاسة ألمانية


حذت صحيفة «ليكسبرس» حذو «لو موند»، مفردة تقارير واسعة عن لانس أرمسترونغ. وفي أحد تقاريرها التي تحمل نفحة تشفٍّ، فتحت الصحيفة المجال أمام أربعة دراجين فرنسيين للإدلاء بآرائهم في ما حدث، فأكدوا عدم تفاجئهم بما آلت إليه الأمور مع أرمسترونغ، لا بل إن أحدهم، وهو نيكولاس فوغوندي قال: «أن يسقط الغشاشون (في إشارة إلى أرمسترونغ) فهذا أمر جيد لرياضتنا».
في المقابل، كان الألماني يان أورليش (الصورة)، المنافس الأساسي لأرمسترونغ مطلع الألفية الجديدة، أقل حدّة في تعليقه على ما حدث؛ إذ أبدى فخره لاحتلاله مركز الوصيف ثلاث مرات خلف الأميركي أعوام 2000 و2001 و2003، مشيراً إلى أن تفوق أرمسترونغ عليه لم يزعجه يوماً، علماً بأن أورليش بطل «تور دو فرانس» عام 1997 أدين بتنشّطه أيضاً في شباط الماضي، وأقرت محكمة التحكيم الرياضي إيقافه لمدة عامين وإلغاء كل نتائجه من 2005 وحتى تاريخ اعتزاله عام 2010.