كانت الامور مثالية لإنكلترا قبل صافرة بداية مباراتها واوكرانيا، اذ ان نجم الاخيرة اندري شفتشنكو دخل لاجراء التحمية من دون ان يستطيع الصمود بسبب الاوجاع في ركبته، ما أكد ابتعاده عن التشكيلة الاساسية. وبالطبع ارتاح المدرب روي هودجسون من وجود وحشٍ يمكنه التهام مدافعيه ومن يقف خلفهم اي الحارس جو هارت، فأطلق «الأسد» واين روني من القفص الذي بقي مسجوناً في داخله طوال 180 دقيقة بسبب عقوبة الايقاف الموقّعة عليه.
لكن مهلاً، أوكرانيا كان لديها اشياء مخبأة في ليلة اجتمعت فيها الامة كلّها وراء المنتخب، اذ حتى رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموتشنكو التي يثير سجنها غضب مناصريها الداعين لمقاطعة كأس اوروبا، كانت تشاهد المباراة من سريرها في المستشفى. هذا الاجماع منح الاوكرانيين دافعاً رهيباً جعلهم يقدّمون افضل 45 دقيقة لهم في البطولة القارية، فكانوا الاكثر استحواذاً على الكرة وجرّب ارتيم ميلفسكي واوليغ غوسيف واندري يارمولنكو حظهم، لكن ما عابهم هو اللمسة الاخيرة، فغياب «شيفا» كان قاتلاً بالنسبة الى تشكيلة المدرب أوليغ بلوخين الذي ما انفك يلوّح بيده طالباً من رجاله مهاجمة المنطقة الانكليزية انطلاقاً من فلسفة «الهجوم هو افضل وسيلة للدفاع».







هذه الفلسفة لم تكن حاضرة ابداً في الجانب الانكليزي، اذ لم يسرّع منتخب «الأسود الثلاثة» من ايقاعه وكأنه ينتظر خطأ اوكرانياً للاستفادة منه، فغابت الشجاعة عن رجال هودجسون الذين كان تعاطيهم سلبياً في الحالة الهجومية رغم اعتمادهم على استراتيجية كلاسيكية قوامها 4-4-2، لكنهم لعبوها بسذاجة وكأن هدفهم هو عدم الخسارة وليس الربح.
القلق كان واضحاً ناحية الجهاز الفني الانكليزي في طريقه الى ارض الملعب بعد انتهاء فترة الاستراحة، ولا شك في ان تعليمات هودجسون كانت الطلب الى افضل لاعب في صفوف انكلترا الكابتن ستيفن جيرارد وشريكه في خط الوسط سكوت باركر تشغيل روني وداني ويلبيك، اضافة الى الطلب من ثنائي مانشستر يونايتد «اقامة علاقة» بعدما غاب التعاون بينهما في النصف الاول من اللقاء.



وفجأة ساد الصمت في «دونباس أرينا»، فانكلترا تصرّفت اخيراً بالشكل الصحيح مفتتحة التسجيل عبر روني الذي انسل خلف الدفاع متابعاً برأسه كرة ساقطة (48). ومن هذه اللحظة لعبت انكلترا كرتها محاولة تهدئة الوضع مجدداً لشعورها بالغضب الاوكراني على ارض الملعب الذي امتزج بالدموع في المدرجات. هذه الدموع كادت تنشف في الدقيقة 62 عندما بدت كرة ماركو ديفيتش متجهة نحو الشباك لهزّها، الا ان جون تيري طار لها وابعدها بعد عبورها خط المرمى من دون ان يحرّك اي حكم اشارة باتجاه منتصف الملعب!
الهدف الغي، امر يكاد لا يصدّقه الجمهور المحلي، فالحلم انتهى وحان الوقت الآن للعودة الى الواقع المرير فالمنتخب اصبح خارج كأس أوروبا.

السويد - فرنسا 2-0

وكما كانت حال انكلترا في الشوط الاول، هكذا بدت فرنسا في مباراتها والسويد، فعدم الجديّة والاعتقاد ان المنتخب السويدي سيلعب من دون حافز كونه سبق ان أقصي من البطولة، كلّفا «الديوك» خسارة بهدفين نظيفين، فكان التأهل الى ربع النهائي مجبولاً بالمرارة.



هذه الخسارة ستترك من دون شك فرنسا قلقة مما يمكن ان يحصل لمنتخبها امام اسبانيا البطلة في الدور المقبل، اذ ان توقّف المسلسل الجميل الذي ابقى الرصيد الفرنسي من دون اي هزيمة في 23 مباراة متتالية، انتهى بطريقة بشعة لأن هدفي زلاتان إبراهيموفيتش الذي سجل بطريقة أكروباتية رائعة، وسيباستيان لارسون الذي فجّر متابعة في سقف الشباك، فضحا دفاع منتخب لوران بلان، الذي عانى في الحدّ من خطورة لاعبي الاطراف، وخصوصاً عن الجهة اليمنى التي اهدت الهدفين السويديين.
وما سيُسأل عنه بلان الآن هو مستوى خط الدفاع الذي يفترض ان يحلّ الكثير من مشاكله قبل مواجهة اسبانيا التي يمكنها بالتأكيد تسجيل اهداف اكثر من السويد في شباك الحارس هوغو لوريس الذي يمكن القول انه كان الافضل بين زملائه الى جانب فرانك ريبيري، بينما خيّب حاتم بن عرفة الآمال بعد اشراكه اساسياً واضطر «البريزيدان» الى سحبه في نصف الساعة الاخير، من دون ان يكون تبديله مؤثراً كما هي حال التبديلين الآخرين.
فعلاً لم يكن اي شيء صحيحاً بالنسبة الى فرنسا في مباراة أمس، اذ حتى التحضير الذهني للتأهل الى ربع النهائي كان مفقوداً، وقد بدا هذا الامر على اداء سمير نصري وكريم بنزيما الذي لم يسجّل حتى الآن في البطولة، وهو كان ربما ضحية الفردية والبطء في ايقاع اللعب الفرنسي امام منتخبٍ قوي بدنياً منح رسالة للفرنسيين بأنه اذا كانت هناك مجموعة تتمتع بقوة جسمانية مشابهة فسيقعون في مشكلة رهيبة.
وفي هذا الاطار هناك فسحة صغيرة للتفاؤل لأن الاسبان لا يتمتعون ابداً بهذه الميزة.
برنامج الدور ربع النهائي
- الخميس: تشيكيا - البرتغال
- الجمعة: المانيا - اليونان
- السبت: اسبانيا - فرنسا
- الاحد: انكلترا - ايطاليا
وتقام المباريات كلّها الساعة 21.45 بتوقيت بيروت.
(الأخبار)