أبو ظبي | فجر أمس كان مطار بيروت الدولي محجّاً لعدد كبير من الأشخاص الذين يمثلون شرائح المجتمع اللبناني، إذ تجد نائب الكتائب سامي الجميّل مرافقاً لنائب حركة أمل علي بزي، وابن عم الأول وزميله البرلماني نديم مع أخته يمنى يلقون التحية على الزملاء في تلفزيون المنار، والمتنافسين الأولمبيين يداً بيد لمؤازرة الوطن بأسره عبر منتخبه في أبو ظبي، من خلال الرحلة التي نظّمها الاتحاد اللبناني للعبة والتحق بها رؤساء اتحادات وإداريين رياضيين وإعلاميين وفنانين ومدعوين وجمهور. خلية نحل في دقائق الانتظار الطويلة والبحث عن البطاقات وأوراق تأشيرات الدخول الى دولة الامارات العربية المتحدة. التنظيم كان جيداً من فريق العمل، واتجاه الكل كان نحو الهدف، أي الطائرة المخصصة لدعم المنتخب ومؤازرته، وقد جرى الإعداد للرحلة منذ أسابيع عدة، وتحديداً منذ الفوز التاريخي على كوريا الجنوبية.
تمر لحظات الانتظار على وقع أحاديث عن اللاعبين، وأكثر ما كان يتمحور حوله هو الكلام على غياب «القائد» رضا عنتر ومن سيحل بدلاً منه وكيف سيلعب المدرب الالماني ثيو بوكير في البداية وبأي خطة.
ولا يخلو الحديث من التطرق الى استقالة الامين العام رهيف علامة، فيما يتابع رئيس الاتحاد وفريق عمله تنظيم عملية انتقال الأشخاص. وبعد انتظار الحصول على بطاقة الطائرة، ينتشر الجميع بين مقاهي المطار والسوق الحرة لشراء بعض الحاجيات، وأغلبها كان أشياء تحمل الأرزة اللبنانية، رمز راية الوطن، لتكون رداءً أو زيّاً تشجيعياً، ثم تأتي الدعوة لدخول الطائرة.
لا تجد تمييزاً كبيراً في الطائرة، فالنائب تساوى في الأهمية مع المدعو مع الإعلامي، والكل باتت لديهم وظيفة واحدة هي «مشجع لمنتخب لبنان».
الرحلة طويلة وتستغرق ثلاث ساعات. أمر يدعو إلى التأفف، لأن كل الموجودين ليس لديهم «طول بال»، ويتمنون لو تمر الساعات بثوان للقاء اللاعبين ولقاء الذين سبقوهم الى المواكبة، من إعلاميين وجماهير وإداريين. يتبعثر الجميع في الطائرة، ثم يقوم رئيس الاتحاد هاشم حيدر بجولة على الموجودين، راسماً ابتسامة تخفي الكثير من التعب والإنهاك، ولسان حاله يقول «كلّو يهون فدى المنتخب»، ولا يتكلم إلا عن المنتخب، ويتابع سيره، لكن القبطان ينادي بوجوب أخذ الأماكن بسبب وجود مطبات هوائية. ثم يأتي الدور على النائب سامي الجميّل وبعض الإداريين الرياضيين وأعضاء اللجنة الاولمبية، فيما ارتأى عدد لا بأس به من الركاب الـ400 في الطائرة الخلود إلى الراحة
والنوم لبعض الوقت من أجل توفير الجهود للتعب الذي ينتظرهم في أبو ظبي.
الجميع شعر بالارتياح عندما بدأت معالم العاصمة الإماراتية وأبنيتها الشاهقة تظهر. ولم تكد الطائرة تحطّ حتى بدت الحماسة على الجميع، إذ كان الكل يريد الخروج بأسرع وقتٍ ممكن والتوجه الى فندق المنتخب لملاقاة اللاعبين وحثّهم على العطاء قبل المباراة المفصلية. لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، عندما علم البعض أن أوراق تأشيراتهم غير جاهزة ليبدأ شوط جديد من الانتظار، والضحية الأبرز لهذه الحالة كان النائب سامي الجميّل الذي آثر الدخول بجواز سفر أجنبي لا يحتوي على اسم الأب، الأمر الذي يخالف لائحة الشروط في الإمارات، وذلك على الرغم من أن هذا الشخص هو سعادة النائب ونجل رئيس الجمهورية الأسبق. وشارك الجميل في الحديث مع الموجودين، ومن
بينهم نائب رئيس الاتحاد ريمون سمعان، ثم انتقل الى إلقاء النكات التي لم تخل من بعض الأمور المطلبية بالنسبة إلى الشباب، حتى المعاملة بالمثل في قضية تصوير «بصمة العين» التي لا تطبّق في مطار بيروت كما تطبق على اللبنانيين في المطارات العربية.
وبعد حلحلة الأمور وتسويتها، تنفّست البعثة الصعداء، لكن البرنامج المعدّ للرحلة ضُرب، وألغيت بعض فقراته، وجرى ركوب الحافلات والانتقال الى الفندق حيث التقى الجميع الوافدين من الامارات وخارجها، لكنّ اللاعبين اجتمعوا في مكان منعزل مع رئيس الاتحاد بحضور وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي ورئيس لجنة الشباب والرياضة في البرلمان النائب سيمون أبي رميا. وكانت المكافآت فحوى الحديث، وهذا مهم جداً بالنسبة إلى اللاعبين، وتعطيهم الحافز لاستكمال
الإنجاز.
ثم عُقد مؤتمر صحافي لحيدر وكرامي مع الإعلاميين اللبنانيين في الفندق.
وقد أشار كرامي الى أن المكافآت التي منحتها الدولة للاعبين أصبحت على طاولة مجلس الوزراء، حيث ستُصرف لهم في القريب العاجل، إضافة الى وعدهم بمكافآت إضافية بعد التأهل، فيما تكلم حيدر عن جهوزية الاتحاد لدعم المنتخب الذي شرّف لبنان وبيّض وجه الشعب، بعدما وصل الى مراحل ضعيفة جداً.
ولدى التوجه الى الغداء، اجتمعت البعثة كلها على شاطئ الخليج العربي، وعادت الأحاديث عن السيناريوات
في النتيجة، خصوصاً لأن لبنان سيلعب تحت الضغط، عكس الإمارات «المرتاحة على وضعها في الترتيب الاخير»، ثم تدخل أحد الأشخاص المقربين لآل الجميّل ليقول سنتأهل ونقول: «شكراً كوريا الجنوبية»، لأنها لن تقبل بأي مؤامرة على حساب منتخبها.
وحانت لحظة التوجه الى ملعب «آل نهيان» التابع لملعب الوحدة حيث زحمة السير خانقة ومزينة باللونين الأحمر والأبيض، وأفيد بأن عدد الذين تابعوا المباراة من المدرجات يبلغ 10231 متفرجاً يهتفون باسم واحد
«لبنان».