لم يكن مشهد احتفال جماهير بوروسيا مونشنغلادباخ بعد انتهاء مباراة فريقهم أمام الضيف بايرن ميونيخ عادياً على الإطلاق. الفرحة كانت عارمة في ملعب «بوروسيا بارك» والأهازيج تملأ كل أرجائه. في الواقع، كان الخمسون ألف مشجع في الملعب، في تلك اللحظة، ينقلون صورة مدينة تبدّلت أحوالها في هذا الموسم. مدينة عادت لتحتل مكاناً بين كبار الـ «بوندسليغا»، بعدما غابت شمسها عنها فترة طويلة، وتحديداً منذ ثمانينيات القرن الماضي.
في السبعينيات، كان مجرد لفظ اسم مونشنغلادباخ كفيلاً بأن يُدخل الرعب الى قلوب الفرق المنافسة، ليس في ألمانيا وحدها، بل في أوروبا بأسرها. في تلك الفترة كان غلادباخ سيداً لألمانيا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، حيث حقق لقب الدوري أعوام 1970 و1971 و1975 و1976 و1977. أما في «القارة العجوز»، فقد حاز لقب كأس الاتحاد الأوروبي عامي 1975 و1979 ووصل الى النهائي في 1973 و1980، كما كان قريباً من رفع كأس دوري أبطال أوروبا في 1977 بوصوله الى المباراة النهائية.
هذه الإنجازات كان خلفها لاعبون كبار من أبرز من مرّ على ألمانيا ومنتخبها المتوّج حينها بكأس العالم عام 1974، وكأس اوروبا في 1972 و1980، ونعني هنا غونتر نيتزر وبيرتي فوغتس ويوب هاينكس وأولي شتيليكه وراينر بونهوف وهورست كوبل.
إلا أن الفترة التي تلت تلك الحقبة شهدت أفولاً في نجم مونشنغلادباخ حتى وصل الأمر الى سقوط الفريق الى الدرجة الثانية في 1999، ومن ثم في 2007. وقتها عاشت المدينة حزناً وصدمة لا يوصفان. أحسّت مونشنغلادباخ بأن كبريائها ضُربت في الصميم. كان لا بد من انتفاضة تعيد إلى المدينة الجريحة شيئاً من هيبة الماضي. انتفاضة تعيد مونشنغلاباخ، القابعة على الحدود الهولندية، الى خارطة الكرة الألمانية. لم ينتظر أبناء المدينة طويلاً.
في 2011 وتحديداً في الجولة الأولى من الموسم الجديد، توجّه الفريق الذي يضم أسماءً شابة الى مقاطعة بافاريا لمقابلة فريق مدينة ميونيخ الغريمة في السبعينيات، بايرن، الذي يضم في صفوفه أبرز الأسماء في الكرة الألمانية والأوروبية. عاد بوروسيا وقتها بفوز غير متوقع، بالنظر الى واقع الفريقين، 1-0. ارتسمت البسمة على محيا مدينة مونشنغلادباخ، لكنّ أحداً لم يكن يتوقع أن الفريق الشاب بمعظمه سيمضي قدماً نحو المنافسة على اللقب.
أما الآن، في بداية عام 2012، وفي الجولة الأولى من مرحلة الذهاب بعد العطلة الشتوية، فإن ميونيخ بأسرها تشخص أنظارها نحو مونشنغلادباخ، وتترقب رد الصفعة. إلا أن المضيف أكرم وفادة الضيف بثلاثية رائعة مقابل هدف، وبأداء أقل ما يقال فيه إنه باهر. مونشنغلادباخ يُسقط بايرن ميونيخ ثانية في موسم واحد، في الموقعة التي شاهدها 7 ملايين الماني، ونُقلت مباشرة الى 200 دولة. في تلك اللحظة، أيقن أبناء المدينة فعلاً أن وصول فريقهم الى مصاف فرق الصدارة لم يكن ضربة حظ. بات هؤلاء على ثقة بأن مونشنغلادباخ قادر على تحقيق «المفاجأة»، والعودة الى المدينة في نهاية الموسم باللقب الغالي.
في الواقع، من تابع مباراة مونشنغلادباخ وبايرن، الجمعة، لا يبدو مبالغاً إن انتفض من مكانه مصفقاً لأداء الفريق الأبيض. مخطىء من يعتقد أن الهفوة التي ارتكبها الحارس مانويل نوير في الدقائق الأولى مانحاً هدف التقدّم لأصحاب الأرض عبر ماركو رويس كانت سبباً في تحقيق الانتصار، إذ إن غلادباخ صنع انتصاره بفضل إبداعات لاعبيه وأسلوب لعبه المميز بقيادة المدرب السويسري لوسيان فافر. أسلوب يعتمد على السهل الممتنع والتمريرات البينية والانطلاق بسرعة منقطعة النظير من الدفاع الى الهجوم. لاعبون يحفظون بعضهم بعضاً عن ظهر قلب، وفي مقدمهم الثلاثي الهجومي المتألق رويس وباتريك هيرمان (مسجل هدفين) ومايك هانكه، في الوقت الذي يمثّل فيه خط الدفاع نقطة قوة الفريق الأفضل في البطولة في هذا الجانب، وخصوصاً بوجود العملاق النمسوي مارتن سترانسل، وخلفه الحارس الواعد مارك اندريه تير شتيغن.
ليلة الجمعة، كانت فرحة أنصار مونشنغلاباخ مزدوجة، إذ إنه بغض النظر عن نكهة الفوز على الغريم البافاري، والدخول بقوة على دائرة المنافسة على اللقب، فإن المدينة اطمأنت الى أن فريقها لن يتأثر برحيل المبدع رويس الى بوروسيا دورتموند في الصيف، بالقدر الذي كان يجزم به البعض، فالمباراة الأخيرة أثبتت أن الفريق يضم العديد من المواهب الواعدة والقادرة على تحمل المسؤولية. أما يواكيم لوف، مدرب ألمانيا، الذي كان حاضراً في المدرجات، فقد كان أكثر المسرورين بهذه الهدية.



فان بويتن يغيب 8 أسابيع


إضافة الى خسارته أمام بوروسيا مونشنغلادباخ 1-3، فإن بايرن ميونيخ خسر أيضاً قلب دفاعه الدولي البلجيكي دانيال فان بويتن، الذي سيغيب نحو 8 أسابيع بعد الإصابة التي تعرض لها خلال المباراة. وأوضح بايرن أن فان بويتن تعرض للإصابة خلال احتكاك مع ماركو رويس فاستبدل في الدقيقة الـ76، وهو خضع لعملية جراحية السبت.