«هذا مخيّب للآمال، لأنه لم يحترمنا بما فيه الكفاية. لأكن صادقاً، إذا استمر هو ووكيل أعماله يتصرفان بهذه الكيفية، فسأكون سعيداً اذا رحل. هذا لن يغير شيئاً بالنسبة لي». هذه الكلمات قالها قبل أشهر معدودة، «السير» الإسكوتلندي أليكس فيرغيسون، مدرب مانشستر يونايتد الانكليزي، في شأن لاعبه الناشئ وقتها الفرنسي بول بوغبا. فيرغيسون، المعروف عنه ذكاؤه المتقد وحنكته التدريبية المشهود لها، لم يطق ذرعاً باحتجاجات هذا الشاب، البالغ حينها 18 عاماً، لعدم إعطائه الفرصة الكاملة للمشاركة على نحو اكبر مع الفريق الاول لـ«الشياطين الحمر» وقراره عدم تجديد عقده مع النادي، فأغلق ملفه سريعاً. لا شك، بأن «فيرغي» يتابع بوغبا في تجربته الجديدة مع يوفنتوس الايطالي منذ بداية الموسم وقد توقف تحديداً عند المباراة الأخيرة أمام أودينيزي حيث سجل الشاب الفرنسي هدفين افتتحهما بطريقة مذهلة بتسديدة صاروخية بقدمه اليمنى من خارج منطقة الجزاء. فيرغيسون شاهد هذا الهدف وضرب، بالتأكيد، كفاً بكف على تفريطه بهذه الموهبة، هو الباحث بكل ما يملك من قوة لإيجاد خليفة لنجمه بول سكولز.
موهبة بوغبا، في المقابل، عرف المدرب الايطالي أنطونيو كونتي كيف يصقلها ويشحنها بالمعنويات اللازمة للتطور. ففي الواقع، منذ قدوم بوغبا الى مدينة تورينو لم يطرأ فقط تبدل على مظهره الخارجي من خلال تسريحة شعره، إذ إن هذا الشاب تبدل على كافة الصعد من الفنية الى البدنية مروراً بالذهنية حيث أصبح أكثر نضوجاً وإمكانات من ذي قبل، وهذا ما يعود فيه الفضل بدرجة كبيرة لكونتي، حيث لم يتوان بوغبا عن الإفصاح أمس بأن مدربه طلب منه أن «يكون وحشاً على أرض الملعب».
في حقيقة الأمر، عرف كونتي كيف يتعامل مع «حالة» بوغبا: شاب مفعم بالنشاط والطاقة والموهبة، هذا لا يبدو فقط من خلال وقوفه بوجه فيرغيسون ضارباً عرض الحائط بفريق بحجم مانشستر يونايتد بقراره الرحيل عنه، بل في ما يعبر عنه الفرنسي نفسه عندما يقول إن هدفه هو أن يفوز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم. كان لا بد أولاً لكونتي من أن يخفف من اندفاع هذا الشاب الطامح للنجومية على نحو سريع. هكذا، أفهمه الرسالة سريعاً عندما عاقبه بالإبعاد عن المباراة أمام بيسكارا لتأخره مرتين عن التدريبات.
لكن ما يحسب لبوغبا أيضاً هو انتقاؤه فريق يوفنتوس تحديداً، اذ إن التاريخ يحدثنا عن ان أبرز اللاعبين الفرنسيين الذين نجحوا خارج بلدهم كانوا في فريق «السيدة العجوز»، من ميشال بلاتيني الى زين الدين زيدان فليليان تورام وديدييه ديشان وصولاً الى دافيد تريزيغيه، وهذا ما منح الشاب اليافع الثقة ودعم ادارة وجماهير يوفنتوس على السواء.
قلنا ديدييه ديشان اذاً، فلا شك بأن مدرب فرنسا، الى جانب كونتي، يبدو أكثر المسرورين بتطور مستوى هذه الجوهرة التي يراقبها عن كثب. اما فيرغيسون، فلا شك أيضاً، أنه يعضّ أصابعه ندماً على ضياع بوغبا من يديه، على الأقل هذا ما أظهرته صحيفة «ذا دايلي مايل»، قبل فترة، عندما عنونت فوق صورة لبوغبا: «هل تشاهده يا فيرغي؟».



فييرا فرنسا وبيرلو إيطاليا

يُنظر في فرنسا الى بول بوغبا على أنه خليفة النجم السابق لـ«الديوك»، باتريك فييرا، وذلك من خلال المواصفات الجسمانية المتشابهة بين اللاعبين. أما في ايطاليا، فإن الآمال في يوفنتوس تبدو كبيرة ليكون الشاب الفرنسي خليفة للنجم اندريا بيرلو، القريب من الاعتزال، وذلك بسبب براعته الفنية على غرار الأخير.