لم يكن «الدربي» بين مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي عادياً في أي فترةٍ زمنية خلال تاريخهما الطويل، فقد كان غالباً مليئاً بالأحداث الشيّقة، من حساسية جماهيرية، وجدالات تحكيمية وأهداف عالمية على صورة ذاك الهدف التاريخي للنجم المعتزل واين روني بعد كرة مقصيّة رائعة جداً تحوّلت إلى لوحةٍ خالدة في «البريميرليغ».المواجهة الأولى التي جمعت بين الفريقين ذهاباً وانتهت لمصلحة «السيتيزنس» بهدفين نظيفين، ليست بأهمية لقاء «الويك أند»، ولو أنّ بطل الموسم الماضي حقق انتصاراً عزيزاً في ملعب «أولد ترافورد» الشهير والخاص بغريمه اللدود.
هذه المرّة يعرف المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا أنّ أي دعسة ناقصة لفريقه ستكلّفه غالياً بمعنى الصدارة حالياً واللقب لاحقاً لأن ليفربول لا يقف بعيداً سوى على مسافة 6 نقاط ويملك مباراةً أقل.
هذه المسألة تفرض ضغطاً نفسياً على «بيب» ورجاله، فقرر إطلاق حربٍ نفسية على خصومه في أعقاب المباراة أمام إيفرتون، متّهماً تشلسي ومانشستر يونايتد تحديداً باللعب الدفاعي الذي يقتل جمالية المباريات، ومسميّاً حتى الفرق التي لا تعتمد هذا الأسلوب.
«بيب» لم يعتمد هذه الطريقة في الكلام يوماً، لكنه تحوّل في ليلةٍ وضحاها إلى جوزيه مورينيو من خلال مهاجمة منافسيه في الإعلام، وذلك على صورة ما دأب البرتغالي على فعله في كلّ مرةٍ شعر فيها بالسخونة الناتجة عن التحديات الصعبة والحسّاسة.
(أ ف ب )

غوارديولا يهاب التكتل ضده
«الفيلسوف» الإسباني أقدم على هذا الأمر قبل مباراة «الدربي» لسببٍ بسيط وهو أنه لا يريد أن يسقط فريقه في فخ اللعب أمام تكتلٍ دفاعي لأن التعادل حتى، هو خسارة بالنسبة إليه. انزعاجٌ استباقي آتٍ من إدراكٍ مسبق بأن «الشياطين الحمر» تطوروا كثيراً من الجانب الدفاعي بعد وصول المدرب الألماني رالف رانغنيك، والأخير لن يقدم على ضربٍ جنوني بفتحِ الملعب أمام فريقٍ مهيمنٍ في كل الخطوط الأمامية.
صحيح أن فريق رانغنيك هو أسوأ الفرق الأربعة الموجودة في «التوب فور»، ولا يخفى أن الخطر فعلي لخسارته مركزه في حال سقوطه أمام جاره القوي أو تعثّره في مراحل لاحقة، لكنه يبدو قادراً على تصعيب الأمور على السيتي الذي يملك توازناً دفاعياً وهجومياً كبيراً بغض النظر عن الأسماء التي يعتمد عليها غوارديولا في تشكيلة الـ 4-3-3.
يلعب ليفربول مع ويستهام اليوم ويلتقي طرفا مانشستر في «الديربي» غداً


هنا المقصود أن رانغنيك لن يغامر أبداً بل سيعمد إلى اللعب برباعي دفاعي ولاعبَي ارتكاز وجناحين يملكان اللياقة البدنية العالية للارتداد الدفاعي في كل مرّةٍ يخسر فيها الفريق الكرة على طرفي الملعب حيث تكمن خطورة الأزرق السماوي عادةً. لذا لن يكون مستغرباً أن يتحوّل الفريق الأحمر خلال المباراة من 4-2-3-1 الى 4-2-2-2 التي اعتمدها الألماني فور وصوله إلى «مسرح الأحلام»، على اعتبار أنها تؤمّن له خطاً ضاغطاً عند خسارة الكرة أمام منطقة جزاء الخصم. وهذه المسألة تسمح له بالتالي بخلقِ الزيادة العددية للاستحواذ ولشنّ الهجمات المرتدة بأربعة لاعبين على الأقل في حال انقضاضه على الكرة بشكلٍ سريع.

هل يملك السيتي الحل؟
الصورة العامة تبدو جيّدة في هذا الشرح، لكن لا يمكن إسقاط فرضية دائمة، وهي أن غوارديولا يجد غالباً الحلّ لكل شيء ويفكّ أي شيفرة دفاعية من خلال إيجاده الثغرات ولو كانت قليلة. وفي حالة «الدربي» لا بدّ من أن يكون قد لاحظ بأن المشكلة في هذا الأسلوب أو هذه الإستراتيجية هي أنها تفقد المنظومة توازنها الدفاعي في حال غاب التناغم عنها عند القيام بعملية الضغط، إذ إن أي لاعبٍ يتأخر للوصول إلى متلقّي الكرة سيُفشل تحرّك الكتلة الضاغطة، ما يجعل الوضع خطراً إلى أبعد الحدود أمام فريقٍ يركّز عملية البناء من منطقة الوسط التي قد تكون فارغةً في حال خسر خط الضغط الأول التوازن المطلوب، فيصبح نقل الكرة إلى منطقة الجزاء ومحيطها سهلاً بالنسبة إلى المتصدر الذي لم يتذوّق طعم الهزيمة إلّا في ثلاث مباريات (مقابل 21 انتصاراً و3 تعادلات) من أصل 27 خاضها في الدوري.
من هنا، يفترض أن يكون التزام مانشستر يونايتد بالإستراتيجية الأساسية المبنية على خلق خطٍ ضاغط أوّل في منتصف الميدان بشكلٍ يزعج نقل الكرة عند السيتي الذي يهوى مدربه غوارديولا الاستحواذ وتنويع عملية البناء، ما جعل فريقه ثاني أكثر الفرق تسجيلاً في البطولة بـ64 هدفاً، وصاحب أقوى خط دفاع بحيث لم تهتز شباكه سوى 17 مرة.

(أ ف ب )

يعلم المدرب الكاتالوني أنه سيصعب على اليونايتد التسجيل في شباكه ولو أنه يملك وحشاً تهديفياً يتمثّل بالنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، لكن إدراكه بأنه سيُعاني جعله يفتح النار على خصمه من باب انتقاد أسلوب لعبه فهو يعرف تماماً بأن الأخير تعلّم بلا شك من مباراة الذهاب بينهما حيث تلقّى خسارته الثانية في آخر خمس مباريات جمعت الفريقين.
وقتذاك توقّع أكثرية المتابعين تلك الهزيمة لمانشستر يونايتد لأن جاره يفوقه بالإمكانات والأرقام. الأمر عينه قد يتوقّعه البعض هذه المرّة ايضاً، لكن يبدو أن الضغط النفسي هو على المضيف لا الضيف القادم بنفسية الفوز، والدليل ما قاله نجم خط الوسط البرتغالي برونو فرنانديش قبل أي أيام: «هي مباراةٌ نريد الفوز بها مهما كان الثمن».


نهاية أسبوع «التوب فور»
يمكن إطلاق عنوان نهاية أسبوع «التوب فور» بامتياز على «الويك أند» الحالي، إذ إن مباراةً مهمة أخرى في المرحلة الـ28 ستقام اليوم تحمل أهميةً قصوى بالنسبة إلى طرفيها، وهي لقاء ليفربول وضيفه وست هام يونايتد (الساعة 19:30 بتوقيت بيروت) اللذين يقف كلٌّ منهما أمام فرصةٍ ذهبية للوصول إلى هدفه هذا الموسم.
يسعى ليفربول طبعاً للضغط على مانشستر سيتي في صراعهما على اللقب وقبل مواجهة الأخير مع جاره اليونايتد غداً، ووست هام يرغب بوضع ضغطٍ مشابه على القطب الآخر في مانشستر أي اليونايتد في سباقهما إلى آخر المراكز المؤهلة إلى دوري أبطال أوروبا.
هي مواجهة صعبة بلا شك بالنسبة إلى اثنين من الفرق التي ظهرت أكثر تطوّراً في السنة الجديدة، إذ إن الخسارة الأخيرة التي عرفها زملاء النجم المصري محمد صلاح تعود إلى 28 كانون الأول الماضي عندما سقطوا أمام ليستر سيتي، ما يعني أنهم في أفضل حالاتهم حالياً. أما «الهامرز» فقد قدّموا مبارياتٍ قوية في الفترة الأخيرة حيث تفادوا الهزيمة في آخر 4 لقاءات لهم في «البريميرليغ».
تألّق ليفربول يقابله ثقة عند الفريق اللندني الذي فاز في مباراة الذهاب، لكن الطريق قد لا يبدو صعباً على صاحب أفضل هجوم في الدوري الإنكليزي الممتاز في ظل مشكلات دفاعية عانى منها وست هام مراراً هذا الموسم.
الأرقام تحكي عن واقع الحال، إذ إن هذا الفريق تلقّى 34 هدفاً في 27 مباراة في البطولة، والسبب يعود إلى الأدوار الدفاعية غير الواضحة لبعض لاعبيه المندفعين إلى الهجوم من دون حساباتٍ دقيقة، ووسط انشغال لاعبي الوسط - الهجومي بواجبات التسجيل دونها الدفاعية، ما يفقد الفريق توازنه بسرعة، وهو ما أجبر المدرب الاسكتلندي ديفيد مويز إلى اعتماد إستراتيجية 4-2-3-1 أخيراً لإغلاق ملعبه.
هو سيحتاجها وسيحتاج إلى اأكثر من ذلك لقتل نسق لعب «الريدز» الذين وصلوا إلى نسبةٍ عالية من الاستحواذ وصلت إلى 62.80% (مقابل 48.31% لوست هام) في المباراة الواحدة، ما جعلهم الأفضل هجوماً بـ70 هدفاً بينها 19 هدفاً لمتصدّر الهدافين «أبو صلاح» الذي مرّر 10 كرات حاسمة.