لم تكن الدقيقة 7.30 من مباراة العهد وضيفه الزوراء العراقي ضمن مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عادية، لمن تابعها على شاشة تلفزيون BEIN Sports الرياضية. المسألة لا تتعلق بهدف أو فرصة ضائعة أو حدث شهدته المباراة، بل بكلمة قالها معلّق المباراة، الزميل السوداني سوار الذهب (الصورة).
بعد إضاعة فرصتين للعهد أصابتا القائم مرتين مع تألّق للحارس العراقي جلال هاشم. المعلّق الذهب قال «العهد حتى الآن ليس لا عهد لهم مع الشباك، بل لا عهد لهم مع الحظ حتى الآن. الحظ يعاند العهد الى حين اللحظة في مباراة الرافضة رافضة. كرة ملعوبة مباشرة...» ثم يكمل التعليق على الكرة المرتدة للعراقيين. وقامت القيامة على السوشال ميديا.

رأى أمين سر نادي العهد محمد عاصي أن الموضوع لا يتخطى إطاره الرياضي

العبارة شكّلت صدمة للمتابعين، وكثيرون منهم توقفوا طويلاً حول استعمال كلمة «الرافضة، رافضة». وما إن انتهت المباراة حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو مجتزأ يتضمن ما قاله الذهب «ناعتاً» فريق العهد بالرافضة. حتى بعض المسؤولين في النادي وجمهوره استاؤوا من العبارة الواردة في الفيديو المجتزأ، معتبرين أن معلّق المباراة توجّه بالإهانة الى ناديهم وإلى فئة كبيرة من اللبنانيين تمسّهم عبارة مثل هذه.
«الرافضة». المفردة مستقاة من أدبيات الحركات الإسلامية التكفيرية، وليس لها ــ نظرياً ــ أي أبعاد أخرى، سوى إهانة أتباع المذهب الشيعي. المصطلح مهين ويتضمن عبارات طائفية متعصّبة ومن الطبيعي في ظل سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي وامكانية اجتزاء أي كلام وتحويره، جرى تظهير الموضوع على أنه إهانة طائفية بنفَس متعصب تجاه فئة كبيرة. وما زاد طين سوار الذهب بلة، هو أن نادي العهد يعتبر نادياً «شيعياً»، في «العُرف» اللبناني، في حين أنه يضم لاعبين من جميع الطوائف، ناهيك عن ثلاثة لاعبين أجانب من غانا والسنغال وساحل العاج.
لكن، هل الزميل سوار الذهب كان يقصد الإهانة؟
بالطبع لا. وحين تتابع التسجيل الكامل للمباراة على موقع «YouTube»، وتسمع الكلام من بدايته حتى نهايته، وفي أي سياق ذُكِر، ستتأكّد أن الموضوع لا يقع في إطار طائفي متعصّب. حتى إن أمين سر نادي العهد محمد عاصي أشار لـ«الأخبار» إلى أن «المعنى رياضي وغير مقصود في إطار تعصبي طائفي». القصد منه كان أن «الكرة رفضت أن تدخل الشباك، وهذا متداول بين المعلّقين».
أمرٌ يؤكّده الذهب لـ«الأخبار»، في اتصال معه. أكد المعلّق السوداني أن عبارة الرفض والأرض الرافضة غالباً ما يستعملها في تعليقه حتى في مباريات أوروبية، وكان آخرها أول من أمس حين كان يعلّق على مباراة بازل السويسري وضيفه مانشستر سيتي الإنكليزي ضمن الدور الثاني لمسابقة دوري أبطال أوروبا، حيث أضاع صاحب الأرض العديد من الفرص ليستعمل الذهب عبارة الأرض رافضة لأصحابها. ويشير الزميل السوداني الى أن تعبيرات كـ«ترفض الدخول والأرض تبخل على أصحابها والكرة ترفض، المرمى يعلن العصيان...» غالباً ما تمرّ في سياق تعليقه. وفي مباراة العهد والزوراء تحديداً، استعمل عبارة الرافضة بعد فرصتين خطرتين للعهد مع تالق الحارس العراقي وتفوّق العهداويين فنياً من دون القدرة على التسجيل، وهو يقصد أن الكرة ترفض الدخول إلى المرمى.
ويذهب سوار الذهب أبعد من ذلك حين يعتبر أن كرة القدم والإعلام الرياضي جزء صغير، وهي متعة مباحة لا علاقة لها بموضوع الدين أو التعصب... «ولا يمكن أن أشتم لاعباً أو نادياً أو أوجّه إهانة لأجل كرة القدم». برأيه، الرياضة للجميع... «وقد يكون لأخي قناعات وتوجهات أخرى، لكن هذا لا يعني أنه ليس أخي في الإسلام والإنسانية. فإذا كان هناك شخص بحاجة إلى مساعدة وهو غير مسلم، هل يمكن أن لا تساعده؟ الكلمة الطيبة هي الأساس، وما ذكرته خلال التعليق لا يتعدى حدود الرياضة وإضاعة الفرص من فريق كان أفضل في المباراة»، يختم سوار الذهب. وتنتهي القصة هنا.