إذاً فرنسا والبرتغال في نهائي كأس أوروبا 2016. هكذا تحددت معالم المباراة التي ستُختتم معها البطولة غداً بعد أن فازت فرنسا على ألمانيا 2-0 والبرتغال على ويلز بالنتيجة عينها.لكن قبل النهائي يفترض فتح قوسين حول مباراتي نصف النهائي اللتين تعطيان انطباعاً عن المنتخبين الفائزين، حتى إنهما تعبّران عن صورتهما في البطولة ككل، وهي صورة تحمل الكثير من القواسم المشتركة بين طرفي المباراة الختامية التي يستضيفها ملعب "سان دوني" في باريس.
ما يمكن قوله في المنتخبين أن الكرة ابتسمت لهما وساعدتهما كثيراً للوصول إلى المحطة الأخيرة. حصل ذلك في نصف النهائي ومنذ دور المجموعات.
بالنسبة إلى "الديوك"، فإن نتيجتهم أمام "المانشافت" لا تعكس على الإطلاق مجريات المباراة، إذ لا مبالغة في القول إن الحظ، الذي لعب دوره كثيراً في هذه البطولة، كان إلى جانبهم، فضلاً عن الأخطاء الألمانية غير المبررة بالنسبة إلى منتخبٍ بحجم "الماكينات" وفي مثل هذه المباراة، إذ من غير المعقول أن يطير قائد ولاعب خبير مثل باستيان شفاينشتايغر إلى الكرة بيده في منطقة الجزاء بمثل هذه الطريقة وأكثر في الثواني الأخيرة من الشوط الأول ليحتسب الحكم ركلة جزاء مجانية أصابت الألمان بالصميم بعد أن كانوا مسيطرين "بالطول والعرض" على خصومهم على أرضهم وبين جماهيرهم، وكان من الممكن أن يخرجوا متقدمين بالنتيجة 1-0 على الأقل.
الكرة ابتسمت للمنتخبين وساعدتهما كثيراً للوصول إلى المحطة الأخيرة

وهذا الأمر ينطبق على خطأ جوشوا كيميش في الشوط الثاني بإبعاده الكرة عن منطقته في الهدف الثاني، ما كلّف خروجاً خاطئاً لمانويل نوير الذي أعاد الكرة إلى الفرنسيين بدلاً من إبعادها إلى خارج المنطقة بقبضته، وهذا ما أدى إلى الهدف الثاني الذي جاء في وقت كان فيه الألمان يشنون "الغارة" تلو الأخرى على المرمى الفرنسي الذي نجا من أكثر من هدف.
فضلاً عن ذلك، فإن "الديوك" استفادوا كثيراً من الغيابات في صفوف "المانشافت" المتمثلة بماتس هاملس وسامي خضيرة وماريو غوميز الذين كانوا مؤثرين كثيراً على الصعيدين الدفاعي والهجومي، خصوصاً في الجانب الأخير، حيث بدت ألمانيا مفتقدة لمهاجم ينهي الكرة في الشباك مع الضياع الذي كان يعيشه توماس مولر والبطولة الكارثية الغريبة التي قدمها. وقد زاد عليهم خروج جيروم بواتنغ للإصابة في الشوط الثاني ليتحمل بديله شكودران مصطفي جزءاً من مسؤولية الهدف الثاني.
الحال يبدو مشابهاً لدى البرتغال، وإن بنسبة أقل في مجريات مباراتها أمام ويلز، حيث إن هدفيها جاءا في ظرف 3 دقائق، وأولهما من قفزة غير عادية لكريستيانو رونالدو، رغم أن منتخب "برازيل أوروبا" لم يكن مسيطراً على خصمه، فضلاً عن أن ويلز وصلت إلى مباراتها مع البرتغال بالرمق الأخير بعد المجهود خلال البطولة لمنتخب كان سقف طموحه يقف عند تخطي دور المجموعات.
وما ينطبق على فرنسا ينطبق على البرتغال، إذ بدا واضحاً أنها استفادت كثيراً من غياب أرون رامسي لاعب ويلز الذي ظهر تأثيره كبيراً في وسط الملعب، ما جعل المهمة ملقاة بأكملها على كاهل غاريث بايل.
ولعل أوجه الشبه بين طرفي المباراة النهائية تنسحب على مشوارهما في البطولة، إذ إن طريق فرنسا والبرتغال كان سالكاً نحو ملعب "سان دوني" بعدم اصطدامهما بمنتخبات من العيار الثقيل باستثناء فرنسا في مباراتها الأخيرة أمام ألمانيا والتي لم تكن الطرف الأفضل فيها، وفوق ذلك فإن مبارياتهما في البطولة شابتها الشكوك حول الأداء باستثناء أيضاً فرنسا ضد أيسلندا التي في النهاية لا تتعدى كونها مفاجأة وحدودها القصوى كان نصف النهائي، حتى يمكن القول دون مبالغة إنهما لم يكونا مقنعين، أو بتعبير آخر، لم يقدما نفسيهما بثوب البطل المرعب الذي يخشاه الجميع كما الحال مع ألمانيا أو إيطاليا على وجه التحديد، وهذا ما بدا واضحاً في مباراة الأخيرتين وجهاً لوجه ومباراتي إيطاليا أمام بلجيكا وإسبانيا، وألمانيا أمام سلوفاكيا وفرنسا، وحتى أنهما لم يحققا فوزاً مستحقاً وجديراً على منتخب كبير على غرار فوز كرواتيا على إسبانيا أو ويلز على بلجيكا، على سبيل المثال، لا بل إن منتخبات متواضعة أحرجتهما في دور المجموعات تحديداً.
ما يمكن قوله أن ظروفاً عديدة متشابهة لا تخلو من الحظ والتوفيق، إضافة إلى المهارة الفردية لكل من أنطوان غريزمان في فرنسا وكريستيانو رونالدو في البرتغال، فضلاً عن عامل مهم وأساسي لدى الفرنسيين، هو "الحالة الوطنية" المتمثلة بمساندة جمهورهم لهم، وفي مقدمه الرئيس فرنسوا هولاند، كلها أسهمت في وصول فرنسا والبرتغال إلى النهائي، لكن كل هذا يبقى كلاماً لا يدوّنه التاريخ الذي يذكر فقط اسم المنتخب الفائز، أياً تكن الصورة التي قدّمها.