بيجينغ 2008» عبارة منتشرة في أرجاء عاصمة بلاد المليار نسمة التي تنتظر اليوم أضخم حفل في تاريخها عندما تقصّ شريط افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي تستمر حتى 24 الجاري، وسط أجواء وظروف استثنائية
بكين ـ شربل كريّم
عندما أُعلن أن الألعاب الأولمبية ستصل للمرة الثالثة إلى القارة الآسيوية عبر بوابة الصين، طرح كثيرون سؤالاً عن ماهية هذا الاختيار رغم إدراكهم أن البلاد صاحبة القوة الاقتصادية المتعاظمة تستحق فرصة إثبات حضورها على صعيد التنظيم الرياضي، بينما ذهب آخرون إلى القول إن صفقة سياسية بحتة منحت الصين هذا الشرف.
لا يخفى أن السياسة تطرح نفسها بقوة حالياً كلعبة إضافية بين الألعاب التي ستشهدها المنافسات، وقد بلغت حملة «التشهير» بالصين أوجها عشية انطلاق المنافسات، في الوقت الذي تعتمد فيه هذه البلاد على الأولمبياد لتؤكد انفتاحها على العالم الذي اعتاد إدانة نظامها الشيوعي.
الأمر الأكيد، أن الوضع على الأرض يختلف كليّاً عما روّجته بعض وسائل الإعلام الغربية المناهضة للنظام الصيني، إذ إن تسهيل الأمور أمام الوافدين، وخصوصاً الصحافيين منهم، يبدأ من مطار بكين، حيث يحتشد جزء كبير من المتطوعين (تطوّع 75 ألف شخص للعمل في أماكن إقامة الألعاب، فضلاً عن 400 ألف متطوع «مدني» لمساعدة الزائرين) الذين يتهافتون لمعالجة كل صغيرة وكبيرة.
قرية الإعلاميين لا تقلّ شأناً عن تلك التي يقطنها الرياضيون، ويبدو جليّاً أن مبانيَ حديثة أُنشئت من أجل استقبال الصحافة العالمية المتوافدة بأعداد قياسية لخوض «مغامرة» فريدة انطلاقاً من المركز الإعلامي المتطوّر إلى أقصى الحدود ووصولاً إلى الملاعب وأهمها الاستاد الرئيسي «عش الطير».
الهمّ الوحيد الذي يشغل الصينيين ليس التلوث الذي حُكي عنه كثيراً، كما أنه ليس عدد الميداليات التي يمكن أن يحرزها أبناء البلاد ضمن سعيهم لإنهاء الهيمنة الأميركية على رأس لائحة الميداليات المختلفة المعادن، أو نقل وسائل الإعلام صورة غير موضوعية عن الحدث بضيافتهم، بل يبقى الشقّ الأمني هو الهاجس الوحيد، وخصوصاً مع تواصل أعمال العنف في أماكن متفرّقة من البلاد وآخرها في منطقة شينجيانغ (شمال غرب) حيث قتل مطلع الأسبوع الحالي 16 من رجال الجمارك إثر هجوم على مركزهم.
من هنا، لا يبدو مستغرباً الانتشار الكثيف لرجال الأمن في كل مكان حيث كل شيء تحت الرقابة، لكن من دون أن يثير أي منهم إزعاج كل من يعلّق تلك البطاقة الصفراء الخاصة بالبطولة حول عنقه، وذلك وسط ضمانات من المنظّمين بشان تأمين سلامة الجميع ليتبيّن أكثر أن أولمبياد بكين تحوّل فعلاً تحدياً شخصياً للصينيين لتقديم إثبات إلى جميع المشككين بأن ما يردّدونه يعدّ افتراءً قبل أي شيء آخر.
اليوم (8-8-2008 الساعة 8 مساءً) كل الأنظار ستتجه إلى بكين، والكل سيكون هنا، من رؤساء الدول وأبرز الرياضيين والقيّمين على الألعاب عبر العالم، وذلك لمشاهدة أضخم حفل افتتاح أكبر تظاهرة رياضية يشهدها العالم كل أربع سنوات، وهي شمولية بكل ما للكلمة من معنى في ظل حرص اللجنة الأولمبية الدولية على وجود رياضيين ممثلين لجميع أرجاء المعمورة.
«عالم واحد، حلم واحد»، هو الشعار الذي رفعه الصينيون وزيّنوا به طرقاتهم لاستقبال الألعاب ولتحطيم جزء من الجليد مع الكثير من البلدان بسلاح وحيد هو الابتسامة والترحيب بالوافدين بلغة إنكليزية ركيكة لا تفارقها غالباً كلمة «نيهاو» الشهيرة.


انفصال عقد الكوريتين