سوق الانتقالات أقفل بالنسبة إلينا»، هذا ما جاء على لسان الفرنسي أرسين فينغر، مدرب أرسنال الإنكليزي قبل أسابيع عدة على وقف حركة الانتقالات، رافضاً تعزيز صفوف الفريق اللندني رغم المبالغ التي وفّرتها له الإدارة
شربل كريم
اكتفى فينغر بشراء لاعبين اثنين واعدين في الصيف الحالي، رغم أن فريقه بدا الموسم الماضي بحاجةٍ إلى تدعيم للحصول على نفسٍ طويل، لكن الفرنسي الخبير الذي يطلق عليه البعض لقب «البروفيسور» استناداً إلى أساليبه المدروسة في تخريج الناشئين ودمجهم في الفريق الأول لأرسنال، فضّل كالعادة إدخال البهجة إلى قلوب أعضاء مجلس الإدارة والتوفير عليهم عناء أوجاع الرأس التي تأتي عادةً من المبالغ الكبيرة التي يطلبها المدربون لتعزيز صفوفهم.
ولم تختلف العادة عشية انطلاق الموسم الجديد عنها في المواسم القريبة الماضية، إذ لم يتخلّف أرسنال عن بيع أحد نجومه، فرحل البيلاروسي الموهوب ألكسندر هليب إلى برشلونة الإسباني، تماماً كما سبقه الفرنسي تييري هنري إلى هناك، ومواطن الأخير باتريك فييرا إلى يوفنتوس الإيطالي (قبل انتقاله إلى إنتر ميلان بطل إيطاليا). وكادت السبحة تكرّ لولا تبديل التوغولي إيمانويل اديبايور رأيه في الرحيل إلى ميلان الإيطالي للحاق بزميله الفرنسي ماتيو فلاميني، أحد أبرز ركائز الفريق اللندني في الموسم الماضي.
وبقدر ما كانت المفاجأة كبيرة برحيل هليب وفلاميني، كانت المفاجأة أكبر بعدم دفع أرسنال المال، إلا لاستقدام الويلزي الناشئ أرون رامسي من كارديف سيتي والفرنسي سمير نصري من مرسيليا، وذلك بعدما ظهر جليّاً في الموسم الماضي أن أبرز أسباب فشل موسم «المدفعجية» كان عدم تحلّيه بنفسٍ طويل حتى المراحل الأخيرة، فبدأت حظوظه في المنافسة على الألقاب تسقط الأسبوع تلو الآخر، وكان ضعف مقعد البدلاء الذي يعجّ باللاعبين الذين يفتقرون إلى الخبرة سبب الموسم الجاف.
النسج على المنوال عينه هذا الصيف، ترك علامة استفهام كبرى على سياسة الانتقالات داخل النادي اللندني، التي يديرها فينغر شخصياً، وهو الذي يصيب غالباً النجاح في صفقاته، بيد أن لعنة الإصابات أسقطت آماله في التعاقدات التي أبرمها، وهذا ما حصل تحديداً بعد قدوم الهولندي روبن فان بيرسي والتشيكي توماس روزيسكي والكرواتي إدواردو سيلفا.

استثمار وتجارة

إلا أن كل هذه الأمور لا تخفي حقيقة أن أرسنال هو نادٍ يعتمد مبادئ معيّنة في ما خصّ التعاقدات، إذ اشتهر بخطف المواهب الشابة وصقلها واستثمارها ثم بيعها بأسعارٍ كبيرة، على غرار ما فعل مثلاً بشرائه الفرنسي نيكولا أنيلكا من باريس سان جيرمان بـ 500 ألف جنيه إسترليني ثم بيعه إلى ريال مدريد الإسباني بـ 23 مليون جنيه. إلا أن الجديد في الأعوام القريبة الماضية اتجاهه إلى بيع أبرز لاعبيه، أو عدم تجديد عقود أصحاب الأجور المرتفعة منهم مقابل شراء آخرين بأسعارٍ أرخص، رغم أنه كان ثاني الأندية الأوروبية بعد ريال مدريد ناحية المداخيل في الموسم الماضي الذي خرج منه بـ 200 مليون جنيه ربحاً صافياً.
طبعاً، ما أقدم عليه النادي اللندني نتج في الفترة الأولى عن الديون المترتبة عليه بعد انتقاله من «هايبيري» إلى «ستاد الإمارات» الذي كلّفه الكثير، وخطواته هذه تعطيه الاستمرارية والثبات المادي، لكن من دون شك لن تجعله يقف على منصات التتويج ومجاراة مانشستر يونايتد وتشلسي تحديداً اللذين يصرفان مبالغ هائلة لتدعيم صفوفهما والحفاظ على لاعبيهم الأساسيين.

تشاؤم في «ستاد الإمارات»

ورغم التشاؤم الذي ساد الأجواء بعد خسارة الفريق المفاجئة أمام جاره فولام (0 ـــــ 1) في ثاني مباريات الموسم، فإن فينغر الذي كان من السهل بالنسبة إليه التنازل عن الأسماء الكبيرة بسبب سياسته الاستثنائية في تخريج الناشئين الذين سرعان ما يصيبون النجومية، يبقى مقتنعاً بأنه ليس بحاجةٍ إلى المال المتوافر له لشراء لاعبين جدد، وبأنه يملك تشكيلة قادرة على الفوز بالدوري الإنكليزي الممتاز والذهاب بعيداً في دوري أبطال أوروبا، واضعاً ثقته بكوكبة جديدة من الشبان، أمثال الدنماركي نيكلاس بندتنر والبرازيلي دينيلسون والكاميروني ألكسندر سونغ والمكسيكي كارلوس فيلا.
الارتياح الذي يشعر به فينغر حالياً يمكن أن يتبخّر مع مرور الوقت، لأن بعض اللاعبين الذين يعوّل عليهم باتوا يطالبون بتجديد عقودهم، ومنهم فان بيرسي الذي ينشد تحسين الوضع المادي لعقده، وأي تعثر في المفاوضات سيجعله يطلب الانتقال إلى فريقٍ آخر تماماً كما يفعل بقية اللاعبين حول العالم بعدما تحوّلت المسألة المادية إلى أمر أساسي في تحديد وجهاتهم والمثال الأبرز على هذه المقولة قصة البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي أراد ترك مانشستر يونايتد للذهاب إلى ريال مدريد بعدما عرض الأخير أجراً أكبر عليه، وكذلك البرازيلي روبينيو الذي طلب من الريال بيعه وحطّ به الرحال مع مانشستر سيتي الإنكليزي الذي يعدّ فريقاً أصغر، لكنه منح المهاجم الموهوب راتباً أكبر، والسبب عينه كان أصلاً وراء تجاهل الهولندي راين بابل عرض أرسنال وتفضيل ليفربول عند انتقاله من أياكس أمستردام العام الماضي.
قد يرضي فينغر اليوم تطلعات الإدارة الساعية إلى إدخال أكبر قدر ممكن من الأموال إلى الخزينة، وخرج هؤلاء ليقولوا إن الفرنسي سيكون مدرباً للفريق إلى الأبد دون إبداء الاهتمام للنتائج التي سيحققها الفريق بإشرافه. لكن من دون شك لن يشعر الجمهور العريض بالرضى ما لم يشاهد فرحة التتويج بالألقاب التي تأتي وحدها بأقدام اللاعبين الكبار الذين يصنعون الفارق، كيف لا وهم أصحاب الأسعار المرتفعة في سوق الانتقالات، حيث تتسلح الأندية الإنكليزية الأخرى بأموال المستثمرين الأجانب، وعلى رأسها مانشستر يونايتد (الأميركي مالكولم غلايزر) وتشلسي (الروسي رومان إبراموفيتش) وليفربول (الأميركيان جورج جيليت وطوم هيكس).
«سنكون بخير»، هذا ما يقوله فينغر اليوم ردّاً على منتقديه لعدم إبداء كرمه في سوق الانتقالات، لكن وسط المنافسة الطاحنة المتوقعة هذا الموسم سيحتاج «البروفيسور» إلى كل سحره حتى يخرج حيّاً من معركة الأسود.


انتقالات الساعات الأخيرة

42 مليوناً تنقل روبينيو إلى سيتي

نجح مانشستر سيتي الإنكليزي في حسم صفقة انتقال النجم البرازيلي روبينيو من ريال مدريد إلى صفوفه، بعدما كان جاره تشلسي المرشح الأبرز للحصول على توقيع النجم البرازيلي. وتعاقد سيتي مع روبينيو لمدة أربع سنوات مقابل 42 مليون يورو، بينما كان تشلسي قد عرض 30 مليون يورو.
وانتقل المهاجم البلغاري ديميتار برباتوف من توتنهام إلى مانشستر يونايتد، بطل إنكلترا وأوروبا، مقابل 30.75 مليون جنيه إسترليني (37.7 مليون يورو). ووقّع برباتوف عقداً لمدة أربع سنوات مع «الشياطين الحمر». وتضمنت الصفقة انتقال الشاب فرايزر كامبل إلى توتنهام على سبيل الإعارة لمدة عامٍ واحد.
بدوره حاز ليفربول خدمات جناح إسبانيول الإسباني ألبرت رييرا، وتخلى له عن المدافع الإيرلندي ستيف فينان. كما أعار المهاجم الأوكراني أندري فورونين إلى هيرتا برلين الألماني.
ووقّع لاعب الوسط الدولي البلجيكي مروان فلايني عقداً لمدة خمسة مواسم سيلعب بموجبه مع إفرتون الذي دفع 16 مليون يورو لستاندار لياج لقاء الحصول على خدمات اللاعب المغربي الأصل، وهي أعلى صفقة في تاريخ الكرة البلجيكية.
واستعاد جنوى الإيطالي خدمات مهاجمه الأرجنتيني السابق دييغو ميليتو من سرقسطة الإسباني، في صفقة قدرتها وسائل الإعلام الإيطالية بثمانية ملايين يورو.

خطف أرسنال الجناح أرون رامسي قبل مانشستر يونايتد، ثم تعاقد مع مدافع الأخير ميكايل سيلفستر