مهما تحاشى الرياضيون، وخصوصاً لاعبو كرة القدم الوقوع في فخ الإصابات التي تعوق مسيرتهم أو عملية تطوّرهم الفني، إلا أن الواقع على أرض الملاعب لا يقرّ لهم بضمانات ولا يعترف باحتياطات مهما بلغت
ابراهيم وزنة
الإصابات في قاموس الممارسات الرياضية هي الضريبة المفروضة على جنبات التألق والعطاء. وكثيرة هي الإصابات التي تواجه لاعبي كرة القدم في مشوارهم، لكن المشترك عند جميع المراقبين أن الخشونة الزائدة المتعمّدة من قبل البعض، إضافة إلى سوء التحضير قبل انطلاق الموسم والبطولات يقفان في طليعة الأسباب المؤدية إلى تكاثر الإصابات على اختلافها، فاللاعب «الخشن» (مصدر الإصابات ) غالباً ما يتسلّح بأسلوبه القوي لسدّ النقص الفني عنده، وضحيته في هذه المعادلة اللاعب الفنان، المراوغ تحديداً، إذ طالما خسرت الملاعب نجوماً في عزّ عطائهم نتيجة «وحشنة» بعض منافسيهم.

ضريبة الإصابات

بالانتقال إلى نتائج الإصابات، فهي كثيرة ومكلفة، أبرزها:
ـــــ ابتعاد اللاعب المصاب عن المباريات لفترة طويلة قد تصل إلى شهور.
ـــــ التأثير السلبي على مسيرة الفريق، وخصوصاً مع غياب مفاتيح اللعب.
ـــــ تقصير عمر اللاعب في الملاعب، وهذا ما أكّده أطباء الإصابات الرياضية بالإجماع.
ـــــ زيادة موازنة الأندية، فالعلاجات بحاجة إلى مصاريف مادية، تشمل العمليات والجلسات العلاجية والمعدّات والأدوية.
وهنا نشير إلى غياب عدد من نجوم الأندية اللبنانية في الموسم الماضي، نتيجة تعرّضهم للإصابات، عباس عطوي وعلي ناصر الدين (النجمة)، فيصل عنتر وسعد بلهوان (المبرة)، عباس عطوي «أونيغا» وحمزة سلامي (العهد)، حسين عليق (الساحل)، كريكور ألوزيان (الحكمة)، البرازيلي أندريه دي سوزا (الأنصار)، رامز ديوب (الصفاء) وغيرهم، ويعلّق فيصل عنتر حول غيابه لشهرين ونصف: «تعرّضت لتمزّق في أربطة الكاحل، فاضطررت لإجراء عملية ووضع الجبس لفترة طويلة، وكم تحرّقت للعودة إلى تشكيلة الفريق سريعاً».

الرباط الصليبي ... الهاجس!

لا يختلف طبيبان بشأن تصنيف الرباط الصليبي والتمزّق العضلي في مقدّمة الإصابات الرياضية السائدة في ملاعبنا، وفي أسوأ الأحوال تحصل الكسور الناتجة من قوة الالتحامات والحوادث الطارئة (اصطدام غير متوقع)، لذلك، ارتأينا دق باب العيادة الرياضية، آملين الوقوف على التفاصيل المحيطة بتلك الإصابات، وخصوصاً معضلة الرباط الصليبي التي كانت وما تزال بمثابة «فزّاعة» يخشاها اللاعبون، ويرسمون حولها أكثر من علامة استفهام، وبغية فتح آفاق المعرفة الطبية بشأن تلك الإصابات «الهواجس» المكلفة بدنياً وفنياً ومادياً ونفسياً، توجّهنا إلى الدكتور حسن علي كركي (43 سنة ـــــ متخرّج من جامعة مونبلييه ـــــ فرنسا)، فأفادنا حول الرباط الصليبي:
«في كل ركبة رباطان صليبيان، أمامي وخلفي، وظيفتهما حمايتها ومساعدتها على التحرّك بطواعية، وأبرز الأسباب المؤدية إلى إصابتهما، ارتفاع معدّل التمارين وقساوة الاحتكاكات بين اللاعبين وتنوّع اللعب على أرضيات الملاعب (رملي، باطون، باركيه، عشب صناعي وعشب طبيعي) من دون مراعاة هذه الأمور»، مشيراً إلى أنه ضد مبدأ التخويف من إجراء العملية، إذا تعرّض أحدهم لإصابة في الرباط الصليبي الأمامي، وخصوصاً الرياضيون دون الـ35 سنة، «فنسبة نجاح العملية عند هؤلاء مضمونة، فيما تصل نسبة المصابين بالرباط الصليبي في لبنان إلى 7 بالمئة من مجموع الإصابات عموماً»، مضيفاً في سياق التطمينات «بعد العملية، يحتاج اللاعب إلى 4 أو 6 أشهر للعودة إلى الملاعب بشكل طبيعي، وأنصح الساعين إلى تجنّب الوقوع في شرك «الرباط الصليبي»، بأن يجتهدوا لتقوية عضلاتهم مع الوقوف فوق المسطّحات المتأرجحة كنوع من التمارين».

التمزّق في الطليعة

«التمزّق العضلي لعنة تصاحب غالبية لاعبي كرة القدم في لبنان، وأكثر أنواعه شيوعاً هو الذي يصيب العضلة الخلفية للفخذ»، خلاصة استنتجها كركي بعد أكثر من 20 سنة أمضاها في عيادته، معالجاً عدداً كبيراً من لاعبي كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد، ونصح لتحصين العضلات بالآتي: شرب الماء الزائد، أكل الأطعمة النشوية (المعكرونة مثلاً)، النوم المنتظم الكافي، عدم إرهاق الجسم (الابتعاد عن السهر) والحرص الأساسي على اكتساب الليونة البدنية، لافتاً إلى أن مضاعفات التمزّقات العضلية عند اللاعبين مردّها إلى إهمالهم وتساهلهم في التعامل مع تمزّقاتهم الصغيرة، وأن المصاب بالتمزق العضلي يحتاج إلى راحة من 3 إلى 4 أسابيع، مصحوبة ببعض التمارين الخفيفة قبل أن يعود إلى الملاعب مجدداً.
ختاماً، نشير إلى أن استفتاءً أجراه الاتحاد الدولي للطب الرياضي، كشف أن اللاعبين المدمنين على «الإنترنت» هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالرباط الصليبي، جراء جلوسهم الطويل.


الدكتور كركي «الفكش» أكثر شيوعاً

أكّد الدكتور حسن كركي، أن «الفكش» هو من أكثر الإصابات التي يداويها في عيادته، نظراً إلى طبيعة الألعاب الجماعية، وخصوصاً كرة القدم الحافلة بالالتحامات البدنية. ومن نصائحه إلى الرياضيين «على اللاعب أن يكون صادقاً مع إصابته لأن من يلعب متحاملاً عليها فهو يسرّع في عملية إخراج نفسه من اللعب والملاعب»