ما زلنا نحب نادي النجمة وندعو له بالخير»، خلاصة مشاعر أعلنها أربعة من نجوم الفريق الجماهيري الذهبي، وذلك خلال جلسة استضافها الكابتن محمد حاطوم في ملعبه، نُُكئت على جوانبها جراح واستُذكرت أفراح
إبراهيم وزنه
بعد غياب طويل بين الاعتزال والهجرة، حضروا إلى ملعب «الملك» محمد حاطوم (62 سنة)، وكأنهم على موعد لخوض مباراة، النجمة فيها الطرف الوحيد. حبيب كموني (صورة رقم 2، 65 سنة، هاجر إلى كندا عام 1988)، حارس المرمى علي رمال (50 سنة) والكابتن المهاجم جمال الحاج (38 سنة)، أربعة كبار لعبوا للنجمة وللمنتخب الوطني لسنوات في المرحلة الذهبية للنجمة وللكرة. استقبلهم حاطوم ببلادة ولهفة، ليسأل كموني «السد العالي»: أين مصباح رميتي وموسى حجيج؟ فأجبناه، اعتذرا لارتباطات اجتماعية. وبعد دقائق دار نقاش كروي قلّب الصفحات والذكريات، في ملفات شخصية وعامة، ولطالما توحّدت الآراء والرؤى، كيف لا، فالأربعة من مدرسة، اسمها النجمة.

ما بين الالتحاق... والفراق

في البداية، لخّص كموني مسيرته مع النجمة (بين 1963 و 1978) قائلاً: «أمضيت حياتي الكروية كلها مع نادي النجمة، فعندما التحقت به فرحت وحققت حلماً يتمناه كل لاعب كرة في لبنان، لكن طعنة إدارية دفعتني إلى الابتعاد». أما حاطوم (1974ـ 1988) فأوضح: «ربما كان وضع حبيب كموني وجمال الحاج مختلفاً عن وضعي أنا وعلي رمال، فهناك فَرق بين لاعب يبرز مع فريقه ومن يلتحق به بارزاً أصلاً». ثم أضاف وهو المشهود له بقلة الكلام: «بصراحة لم يزعجني أحد، ربما بأمر وإيعاز من رئيس النادي عمر غندور. والحمد لله لقد خرجت من النادي مكرّماً بمباراة اعتزال ووظيفة محترمة»، فقاطعه الحارس علي رمال (1989ـــــ 1993) مازحاً: «ما زال زين هاشم موعوداً بمباراة اعتزال تليق بتاريخه مع النادي». وهنا انفرجت أسارير جمال الحاج (1989ـــــ 2004) لكونه كُرّم أيضاً بمباراة اعتزالية لائقة، ثم شنّ رمال هجومه على إدارة النادي، قائلاً: «لقد احتفلت عندما خرجت من النادي، نظراً لأنني حوربت من بعض إدارييه الذين أمعنوا في ظلمي». وعند طيّ هذه الصفحة، توافق الأربعة على اختلاف تعاطي الأندية مع لاعبيها ما بين يوم التحاقهم ويوم مغادرتهم، لكنهم أكّدوا أنّ اللعب مع النجمة مختلف عن بقية الفرق في لبنان «في النجمة يكون اللاعب تحت المجهر دائماً».


آراء في التراجع الكروي


أربعة كبار اعتزلوا اللعب ولم يعتزلوا الصداقة وذكرياتها
انتقالاً إلى تراجع مستوى اللعبة في لبنان على جميع الصعد، أشار كموني قائلاً: «حسب معلوماتي، الوضع الكروي في لبنان سيئ إلى ما لا نهاية»، فدعم حاطوم رأيه، مضيفاً: «لا بل سيئ حتى الموت»، وهنا ضحك الجميع لأنّ «شرّ البلية ما يضحك»، ثم انفجر جمال الحاج منتقداً ولافتاً: «لقد أصبت بنوبة قلبية أخيراً، وكادت أن تودي بحياتي (خضع لعملية قلب)، وتعجّب الأطباء لعدم إجرائي أية فحوص طوال مسيرتي الكروية، لافتين إلى أن أي فحص طبي شامل ـــــ وهذا ما تحرص عليه الأندية المحترمة في الخارج ـــــ كان سيوفّر عليّ الكثير من المتاعب». ثم ختم «نقمته» لافتاً: «هناك استخفاف باللاعب في لبنان غير موجود في أي مكان». بعد ذلك أعلن النجوم الأربعة موقفهم الموحّد: «الاتحادات الرياضية في لبنان، وخصوصاً اتحاد كرة القدم ظالمة وغير مسؤولة»... حيث لا اعتبار للقدامى، ولا للاعبي المنتخبات الوطنية، فيما الصورة معكوسة تماماً في البلاد المحترمة.
هذه الصورة السوداوية، جعلت «الكباتن» يعلنون صراحة عدم تشجيعهم لأولادهم على متابعة مسيرتهم الكروية، أو حتى التوجّه إلى أندية الكرة. وهنا بيّن جمال الحاج رغبته في صقل موهبة ولديه يوسف وعلي في الخارج، مضيفاً: «لا بل سأشجعهما على الاحتراف خارج لبنان». أما علي رمال فقال متحسراً: «ما زلت أفتش عن طريقة تبعد ابني بلال عن اللعبة الشعبية». فيما أبدى الكابتن حبيب سعادته لعدم تعلّق أولاده بكرة القدم لعباً أو متابعة، شارحاً بسعادة «ربما يعود الفضل لظروف الحياة في كندا»، ليختم حاطوم بقوله: «الحمد لله أنا مرتاح».


شارة القيادة من منظار «الكباتن»بدأ حبيب كموني معرّفاً مفهومه لشارة «الكابتنية» قائلاً: «إنها ترفع المعنويات وتزيد في المسؤوليات، وهي في النهاية تكليف لا تشريف»، فأضاف حاطوم واصفاً الكابتن بـ«أنه الإطفائي الذي يعرف كيف يمتصّ الأجواء والتشنجات كلما احتدمت الأمور على أرض الملعب»، وهنا أوضح جمال الحاج «... وكلما كبر دور الكابتن لا بد من أن يكون هناك تقصير من الجانب الإداري». ثم استدرك كموني مضيفاً: «الكابتن هو ضابط إيقاع فريقه، ويجب أن يحسن التعامل مع الحكم بطريقة جيدة»، ليختم رمّال: «ومن الضروري أن يكون الكابتن محبوباً من زملائه في الفريق، وإذا أصابه الغرور، فلا شك في أن الأمور ستنعكس سلباً على الأداء والعطاء والنتائج». ورفض الأربعة فكرة مضاعفة العقوبة للكابتن، كما كان سائداً في القوانين المحلية (تمت مساواة عقوبته ببقية اللاعبين منذ 4 سنوات)، فهو إنسان من لحم ودم ومعرّض للوقوع في الخطأ الفني وغير الفني أيضاً.

هجوم... لأجل الإنقاذ!

حيال كثرة المشاكل المحيطة باللعبة، ومع تراجع لبنان على لائحة الترتيب الدولي إلى الخانة 150، أجمع النجماويون السابقون على أن الكرة اللبنانية في حالة احتضار، وخصوصاً في ظل عدم تنظيمها والإمعان في إبعادها عن الاحتراف المناسب إلى تفريغها من الصدقية والإنسانية، ليؤكد جمال
الحاج أنه «لا شك في أنّ تحسين وضع اللاعب سيؤدي إلى تحسين وضع اللعبة، لكن للأسف معظم الأندية تتعاطى مع اللاعب كقيمة فنية لا كقيمة معنوية. فلا احترام ولا اهتمام»، فأضاف كموني: «ويجب أن يدرك المسؤولون عن تطوير كرة القدم في لبنان أنّ البناء يجب أن ينطلق من القاعدة، لا من فوق، وأين الاهتمام بالنشء الصاعد طلاب المدارس؟»، ليرد حاطوم:
«الفوتبول بدو مصاري ما بدو حرامية»، وأقفل رمال باب الملاحظات بقوله: «ما دامت المحسوبيات تتحكم في الإدارة وفي عملية التطوير، فلن نتقدم
خطوة».

غندور والعدو... في عيونهم


«الكويّس» و«الأسمر» أوصلا كموني والحاج إلى النجمة
«إنه الحاضر الغائب»، بهذه العبارة وصف علي رمّال رئيس نادي النجمة عمر غندور، وبسرعة وافقه الحاضرون على العبارة. ثم أضاف حاطوم واصفاً غندور بـ«أنه قلب النجمة النابض»، ثم أكّد الأربعة: «هو محبّ للعبة ولناديه وحريص على تهيئة الأجواء المريحة للاعبيه، ولن يجود الزمان بأمثاله، إنه الرئيس التاريخي للنجمة». وعند «فلش» صفحة اللاعب والإداري الراحل سمير العدو (الصورة الرقم 1)، استهل حاطوم بقوله: «هو روح النجمة، والخبير العارف من أين تؤكل الكتف»، فتنهد كموني مبيّناً: «الله يرحمو، رهن حياتو كلها للفوتبول، ولذلك كان مضطراً لتثبيت موقعه في النادي... حتى لو وصل الأمر أحياناً إلى مخالفة المنطق الرياضي». هنا أضاف رمال: «له حسناته وسيئاته، ربما لأنه كان يعمل لمصلحته ومصلحة النادي معاً». أما جمال الحاج، فختم: «شهادتي فيه مجروحة، فهو ترك أثراً طيّباً في كتاب النجمة، ولا أحد ينكر حنكته في التعاطي مع اللاعبين، وخصوصاً في حل المشاكل المستعصية».

كيف حطّوا رحالهم في النجمة

أفادنا المدافع حبيب كموني بأنّ إبراهيم شاتيلا «الكويّس» راعي الناشئين هو أول من فتح أمامه الطريق للانضمام إلى فريق النجمة. أما لاعب الوسط محمد حاطوم، فلفتنا إلى أن رئيس النجمة عمر غندور جاءه إلى منزله في الشياح، طالباً منه الانتقال من الراسينغ إلى النجمة، فيما أوضح الحارس علي رمال أنه التحق مع النجمة بعد مساعدة لاعب النجمة السابق مصباح رميتي بالتعاون مع رئيس نادي التضامن بيروت عفيف حمدان. وأشار لاعب الوسط جمال الحاج إلى أنّ المرحوم الكابتن يوسف الأسمر هو من أوصله إلى النجمة.


الرئيس غندور «ضميري مرتاح»

كنتُ أتمنى أن أكون معهم بضيافة محمد حاطوم»، بهذا علّق الرئيس عمر غندور عندما أعلمناه بلقاء النجوم، ثم أوضح: «تسلمت قيادة النادي 34 سنة، ثم خرجت منه وضميري مرتاح». وعنهم، قال: «كانوا من أركان النادي، ومعهم تحققت إنجازات عدّة، ولهم أن يفتخروا بها كما الإدارة».