من دون شك، سرق عنوان مباراة المانيا والارجنتين، التي اجريت أول من أمس، الأضواء من كل المباريات الدولية الودية الاخرى في تلك الامسية، لكنّ الامر الأكيد ان صورة اللقاء كانت دون المستوى بسبب تقديم المنتخبين اداءً متواضعاً ترك قلقاً كبيراً عند جمهوريهما
شربل كريم
لو عرف الجمهور الكبير الذي ملأ مدرجات ملعب «أليانز أرينا» في ميونيخ أو نظيره الذي جلس امام شاشات التلفزة بأن مستوى اللقاء الودّي بين الالمان والارجنتينيين سيكون متواضعاً الى هذا الحدّ، ربما لم يكن ليضيّع وقته أو لفضّل مشاهدة مباراة فرنسا واسبانيا (0-2) التي كانت توازي في أهميتها تلك التي جمعت «المانشافت» والـ«ألبي تشيليستي».
بداية، يمكن القول إنه بدا بوضوح ان حماسة اللاعبين وقوة التحاماتهم لم تدلّ ابداً على ان اللقاء كان ودياً. لكن ما حصل انه لم يكن في استطاعة أي منهم تقديم افضل من المستوى الذي ظهر عليه لأسبابٍ عدة تتعلق باللاعبين أنفسهم عموماً وبمدربيهم خصوصاً.
وإذا أردنا تشريح الاداء الالماني أو الارجنتيني انطلاقاً من المباراة المذكورة، يمكن استنتاج ان المنتخبين في حالةٍ فنية يرثى لها، ومستواهما الحالي لا يخوّلهما على الاطلاق المنافسة على لقب كأس العالم في جنوب أفريقيا، الصيف المقبل.
وإذا اعتبرنا أن الصورة المهزوزة للمنتخب الارجنتيني كانت متوقعة نسبياً، لكون رجال المدرب دييغو ارماندو مارادونا عبروا بصعوبة الى المونديال الأفريقي، فإن المفاجأة كان مستوى الالمان الذين اظهروا تراجعاً مخيفاً طرح علامات استفهام ضخمة بشأن قدرة مجموعة المدرب يواكيم لوف على تعويض ما فاتها على ارضها قبل أربعة اعوام.
ببساطة، ظهرت خطوط الالمان مفككة تماماً، كأن اللاعبين اجتمعوا للمرة الاولى تحت لون قميصٍ واحد! وليس مبالغة القول إنه وحده القميص الاسود الجديد كان جذاباً ناحية اصحاب الارض، وسط ظهور الدهشة على محيّا لوف الذي كان الحاضر الغائب عن اللقاء.
ويصح القول إنها المرة الاولى التي يبدو فيها لوف ضعيفاً على الصعيد الفني، منذ تسلّمه دفة تدريب المانيا، وهو يلام كثيراً بسبب اصراره مثلاً على الدفع بميروسلاف كلوزه ولوكاس بودولسكي أساسيين، إذ بغض النظر عن حضورهما الخجول امام الارجنتين، فهما لم يصلا الى مستوى الكثير من المهاجمين في «البوندسليغه» هذا الموسم، إذ إن كلاً منهما سجل هدفاً واحداً فقط!
ولا يخفى ان كلوزه ظهر شبحاً لهداف مونديال 2006، وبودولسكي أشبه بخيال ذاك الموهوب الذي توّج افضل لاعبٍ شاب في المونديال عينه، لكن رغم ذلك تجاهل لوف هداف الدوري ستيفان كيسلينغ وتأخر كثيراً في الاستعانة بجيرونيمو كاكاو الذي يعيش أفضل أيامه حالياً، وقد حرّك الهجوم فور دخوله.
نقطةٌ سلبية اخرى تضاف الى المباراة، وهي انطفاء نجومية كل من الارجنتيني ليونيل ميسي والالماني ميكايل بالاك، حيث كان يفترض بهما أداء دورٍ قيادي واضافة اكثر من الهدف الوحيد الذي سجّله زميل الاول في مرمى الحارس رينيه أدلر.
وتبدو مشكلة ميسي اكبر من بالاك، إذ ضاع افضل لاعب في العالم مراراً، لذا يفترض بمارادونا إيجاد حلٍّ سريع لجعل «خليفته» محور اللعبة وإعادته الى اجواء المباريات، في كلّ مرة يشرد فيها زملاؤه ويضيّعونه داخل المستطيل الاخضر.
باختصار، اذا لم يكن ميسي في افضل حالاته فسيكون من المستحيل على الارجنتين الفوز بكأس العالم للمرة الثالثة في تاريخها.
خلاصة القول هي ان المانيا والارجنتين في أسوأ حالاتهما، ووحده الظهير خوناس غوتييريز كان على حجم عنوان اللقاء، وهو المبتعد عن اللعب على اعلى مستوى، عكس كل اولئك النجوم، وذلك بسبب دفاعه عن الوان نيوكاسل يونايتد في الدرجة الثانية الانكليزية!