strong>شربل كريمفجأة، كأن المونديال اصبح عبارة عن مباراة واحدة، اذ ان الجميع يتحدث عن القمة المرتقبة بين الأرجنتين والمانيا، التي ستجمعهما السبت المقبل في كايب تاون، ضمن الدور ربع النهائي.
التحليلات كثيرة، والتوقعات محدودة، اذ ان مشجعي منتخب «التانغو» لا يرون امامهم سوى انتصار كبير، بينما يؤمن مشجعو «المانشافت» بقدرة منتخبهم على اطاحة رأسٍ كبيرٍ آخر بعدما أعدم «عدوه» الانكليزي الاحد الماضي.
لكنّ هذين الفريقين لم يغوصا كثيراً في النواحي الفنية، وتحديداً النقاط القليلة التي يمكن ان تنعكس سلباً على منتخبٍ وايجاباً على آخر.
باختصار، هي مباراة نهائية قبل الأوان، اذ إن قلة من متابعي المونديال يرون أن الارجنتين والمانيا لم يكونا افضل منتخبين حتى الآن. وهنا الحديث ليس عن النتائج فقط بل عن الاداء داخل المستطيل الاخضر، اذ حتى في خسارة المانيا امام صربيا في الدور الاول، قدّم رجال يواكيم لوف مستوى طيّباً بعشرة لاعبين، لذا لم يكن مستغرباً لمن تابعهم عن كثب مشهد تقديمهم استعراضاً هجومياً رهيباً ضد الانكليز.
ولا يختلف الوضع من الناحية الارجنتينية. فمن دون شك، كانت مشاهد تسجيل الارجنتين للاهداف هي الاكثر اثارة في المونديال، اذ لا شيء اجمل من رؤية «الاسطورة» دييغو أرماندو مارادونا يقفز فرحاً ويعانق كل من وجده في طريقه بعد كل هدف.
فنياً، يمكن اعتبار ان المنتخبين اعتمدا الاسلوب نفسه في طريقهما لاصابة النجاح، اذ قدّما كرة سريعة شاملة ارتكزت كثيراً على تبادل المراكز بين لاعبي الوسط والهجوم، ما جعل مهمة الوصول الى الشباك اسهل بكثير ومباغتة بالنسبة الى الخصوم. وهذه النقطة كانت حاسمة في المواجهة الالمانية - الانكليزية، لذا يعرف الالمان ان ما ينتظرهم سيكون مغايراً تماماً، لان الارجنتين هو المنتخب الوحيد الذي يمكن ان يجاريهم في هذه المسألة.
ستدخل الموقعة التاريخ على غرار كل مواجهات الأرجنتينيين والألمان
وتبدو علامة الاستفهام الاكبر حول الاداء الدفاعي للمنتخبين في ظل هفوات قد يرتكبها مارتن ديميكيليس مثلاً في مواجهة ميروسلاف كلوزه الذي يعلم اكثر من اي مهاجمٍ آخر في المونديال نقاط ضعف زميله في بايرن ميونيخ. وفي الجانب الآخر، هناك خوف من عدم تمكن بير مرتيساكر من مجاراة سرعة كارلوس تيفيز وليونيل ميسي.
لذا، سيكون الثقل كبيراً على خط الوسط، لأن استخلاص الكرات سيكون عاملاً حاسماً، وخصوصاً ان الفريقين هما الافضل في العالم من ناحية بناء الهجمات المرتدة. واذا كان الالمان قد قدّموا كل شيء لديهم على هذا الصعيد، فان الارجنتينيين افتقدوا هذه الميزة فقط في المباراة امام المكسيك، اذ باستثناء الاهداف الثلاثة، سجلوا فرصة حقيقية واحدة كانت في النهاية من تسديدة لميسي!
وعلى طرف الملعب، هناك «معركة» اخرى، وهي ذهنية بطبيعة الحال، اذ ان تأثير المدربين بدا واضحاً على اداء مجموعتيهما حتى الآن.
مارادونا أراح نفسياً كل لاعبيه بتعامله الاستثنائي معهم، وقد بدا جلياً ان قراراته الفنية لم تأتِ منه وحده، اذ غالباً ما نراه في حوارٍ مع طاقمه قبيل قيامه بأي تبديل، وعلى رأس هؤلاء كارلوس بيلاردو الذي يبدو انه يؤدي دور لوف صانع انتصارات الالمان في مونديال 2006، حيث وقف يورغن كلينسمان يحصد المديح.
وفي مختلف الاحوال، ستدخل موقعة كايب تاون التاريخ على غرار كل المواجهات التي جمعت الارجنتينيين والالمان في المونديالات السابقة.
فمن منكم لا يذكر تلك التمريرة الساحرة من مارادونا التي وضعت خورخي بوروتشاغا في مواجهة طوني شوماخر ليسجل هدف الفوز في المباراة النهائية لمونديال 1986؟
ومن منكم لا يذكر دموع «الولد الذهبي» بعد تلك الخسارة امام منتخب «القيصر» فرانتس بكنباور في نهائي 1990؟
ومن منكم لا يذكر تلك الورقة الصغيرة التي وضعها الحارس ينس ليمان في احد جاربيه، وكانت تحمل اسرار الارجنتينيين في تنفيذ ركلات الترجيح، فأقصاهم من ربع نهائي مونديال 2006؟
للأسف السبت سيخسر المونديال منتخباً عظيماً.