strong> حسن زين الدين لا يمكن الحديث عن مونديال 2010 من دون التوقف طويلاً عند «حالة» اسمها ألمانيا، إذ رغم الخسارة أمام إسبانيا، التي لها أسبابها وطبعاً بخلاف توقّع الأخطبوط الذي يندرج ضمن الخرافات المسليّة في عالم كرة القدم، مثّل «المانشافت» علامة فارقة في كأس العالم الحالية سيبقى أثرها طويلاً في السنوات المقبلة لما شكلته من مفاجأة لعشاق اللعبة ومتابعيها من النقاد والمحللين.
لنبدأ من «ليلة سقوط البطل»، أول من أمس، أمام «الماتادور» الإسباني، إذ إن المتابع للقاء أمكنه أن يلاحظ مدى التأثير الذي تركه غياب ذلك اللاعب صاحب الرقم 13 الجالس في المنصة، ونعني هنا بالطبع توماس مولر، لا ميكايل بالاك.
إذ إن افتقار «المانشافت» لنجمه الشاب كان تأثيره السلبي واضحاً على خطة المنتخب بأكمله، اذ لا يختلف اثنان على أن مولر كان الضلع الأساسي الرابع من أضلاع المربع الذهبي، المكوّن إضافة اليه من كل من باستيان شفاينشتايغر ومسعود اوزيل ولوكاس
بودولسكي.
وعبثاً حاول المدرب يواكيم لوف الاستعانة بخدمات بيوتر تروشوفسكي للتخفيف من تأثير وطأة غياب مولر، إلا أنه بدا واضحاً مدى الفارق في المستوى بين اللاعبين من حيث أداء الواجبين الدفاعي والهجومي والمهارات الفنية، إذ إن ميزة تروشوفسكي الوحيدة تكمن في التسديد وهذا ما لم يكن متاحاً في هذه المباراة من خلال الإحكام المطبق من الدفاع الإسباني بقيادة الرائع كارليس بويول.
وحاول المدرب يواكيم لوف في الشوط الثاني تدارك الموقف بإشراكه طوني كروس مكان تروشوفسكي، الا ان عدم تجانس هذا الأول، رغم موهبته، مع التشكيلة وخصوصاً أن نزوله كان في الوقت الحرج من المباراة، كان بادياً، ويقيناً لو أن الفرصة التي سنحت أمامه كانت لمولر لكان بالتأكيد سيكون مصيرها في الشباك الإسبانية لما يتمتع به هذا الأخير من موهبة تهديفية
لافتة.
غياب مولر كان أثره واضحاً اذاً، وهو ما أدى الى ان تكسب إسبانيا معركة منتصف الملعب التي كانت مصيرية في مباراة مغلقة مثل التي شاهدناها.
وهنا لا بد من العودة الى مونديالات سابقة لنكتشف سوء الطالع الذي يلازم الألمان في هذه النقطة تحديداً، وهي غياب عنصر مؤثر عن المباراة الحاسمة وهذا ما حصل في مونديال عام 2002 عندما افتقدت ألمانيا نجمها الأول عامذاك ميكايل بالاك (صاحب رقم 13

كسبت إسبانيا معركة وسط الملعب بغياب مولر

حان لألمانيا أن تفتخر بلاعبين شبان مطلوبين في أكبر الأندية

أيضاً) عن المباراة أمام البرازيل بعد نيله بطاقة صفراء ثانية في مباراة نصف النهائي أمام كوريا الجنوبية، وهذا ما حدث بالضبط مع مولر، وفي مونديال 2006 حرمت المانيا أيضاً من دينامو خط وسطها المشاكس تورستن فرينغز في نصف النهائي أمام ايطاليا بعد ادانته بالاشتراك في العراك الذي شهدته نهاية المباراة أمام الارجنتين في الدور ربع النهائي.
فلنترك سوء الطالع هذا، ولنعد الى مباراة أول من أمس، حيث بدا أن الألمان مرهقون بعد ادائهم مباراتين من الوزن الثقيل في الدور الثاني وربع النهائي أمام كل من انكلترا (4-1) والأرجنتين (4-0) توالياً.
اذ لاحظنا بطئاً شديداً في تحركات اللاعبين وخصوصاً في الهجمات المرتدة التي امتازوا بها في هذا المونديال، أضف الى ميزتهم التي غابت عن اللقاء وهي الضغط على حائز الكرة، بدءاً من المهاجم ميروسلاف كلوزه ما ترك المساحة أمام الخطيرين شافي هرنانديز وأندريس إينييستا ليصولا ويجولا في منتصف الملعب رغم المجهود الذي بذله شفاينشتايغر للحدّ من خطورتها، لكن هيهات فإن يداً واحدة لا تصفق.
ورغم ذلك، يجدر بنا التصفيق لمنتخب ألمانيا الذي قدّم وجهاً مختلفاً في هذه الدورة لم نعتده من منتخب نمطي وتقليدي، اذ استطاعت هذه الكوكبة من اللاعبين الشبان بقيادة مدرب شاب أن تقوم بثورة كروية استمرت شهراً من الزمن.
وبالتأكيد فإن أثرها سيظهر في الأشهر المقبلة، حيث بات بإمكان ألمانيا أن تفتخر بمنتخبها وبلاعبين تتلهف أندية أوروبا الكبرى على الظفر بخدماتهم، اذ يكفي ذكر أن اوزيل مطلوب في برشلونة الإسباني وأرسنال وتشلسي ومانشستر يونايتد الإنكليزية وشفاينشتايغر في ريال مدريد الإسباني، وكذلك مولر وخضيرة وبودولسكي في مانشستر سيتي وبير ميرتيساكر في انتر ميلانو الايطالي، ليعيدنا الى الفترة الذهبية عام 1990 حين كان معظم لاعبي «المانشافت» محترفين في أكبر الأندية خارج البلاد.