عمان | دعا الملك الأردني عبد الله الثاني، أمس، الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي من أجل مصلحة بلاده، قائلاً: «لو كنت مكانه لتنحيت». دعوة أتت وسط انقسامات على المستوى السياسي والشعبي الأردني تجاه الأزمة المتصاعدة في سوريا.وقال عبد الله، في مقابلة مع قناة «بي بي سي»: «أعتقد أنني لو كنت مكانه لتنحيت، وكنت سأتنحى وأعمل على ضمان أن تكون لدى أي شخص يأتي من بعدي القدرة على تغيير الوضع الراهن الذي نراه». وشدد على أنّ على الأسد أن «يفتح حقبة جديدة من الحوار السياسي قبل أن يتنحى عن السلطة، لعدم وجود من يخلفه لتغيير الوضع الراهن». وأضاف: «مرة أخرى لا أعتقد أن النظام يسمح بذلك. لذلك، إذا كانت مصلحة البلاد تهم بشار فإنه سيتنحى، ويوجد كذلك القدرات لبدء مرحلة جديدة في الحياة السياسية السورية».
تأتي تصريحات الملك الأردني عقب تعليق الجامعة العربية عضوية سوريا ودعوتها إلى سحب السفراء العرب من سوريا، لكن الأردن الذي استبق ملكه كل الزعماء العرب ليدعو الأسد إلى التنحي، لم يتخذ أي إجراء رسمي في هذا المجال، مثل سحب السفير، أو التصعيد ضد النظام السوري على المستوى الرسمي في مختلف المجالات.
وتفاعل الأردن كثيراً وفي العديد من المجالات مع الأزمة السورية بحكم الجوار، وتحدثت معلومات عن تحويلات مالية سورية منذ بداية الأزمة إلى الأردن، إضافة إلى نزوح عائلات ورجال أعمال سوريين إلى عمان. كذلك ارتفعت أسعار العقارات في بعض المحافظات شمال المملكة بعدما سكنها سوريون، هذا إلى جانب القيام بتحضيرات لإقامة مخيمات لجوء قرب الحدود وتدريب فرق أردنية للتعامل مع هذه الحالة.
ورغم الدعوة الملكية، هناك شرخ يزداد اتساعاً على المستوى الشعبي والسياسي في ما يتعلق بالأزمة السورية، وظهر هذا الأمر في أكثر من مناسبة سياسية، وتجلى في مطالبات «الهيئة الأردنية لنصرة الشعب السوري»، والدعوات التي أطلقت لإغلاق السفارة السورية في عمان، وسحب السفير الأردني من دمشق، والاحتجاجات أمام مبنى السفارة السورية في العاصمة الأردنية.
لكن في المقابل، إن صورة سقوط بغداد وتبعاتها لا تزال عالقة في أذهان وعقول مؤيدي النظام السوري في عمان، الذين رأوا أن ما يجري لسوريا ما هو إلا مؤامرة تهدف إلى تفتيتها، وأن الأمر لن يتوقف عند سوريا، بل إن كل الدول العربية مستهدفة.
على المستوى السياسي، فإن الحركة الإسلامية، التي تتصدر المشهد السياسي المعارض على الساحة الأردنية، هي التي تقود الاحتجاجات ضدّ السفارة السورية في عمان مع عدد من النشطاء والقيادات الأردنية. وطالبت من خلال حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الحكومة الأردنية بالمسارعة في سحب السفير الأردني من دمشق تنفيذاً لقرارات الجامعة العربية.
وقال رئيس مجلس شورى الحزب المهندس علي أبو السكر، إن المصلحة الأردنية تتجسد في الوقوف إلى جانب الشعب السوري الذي يتعرض لإبادة جماعية، لافتاً إلى أن «الشعب السوري هو الباقي والنظام إلى زوال». وأكد أن «الأردن مطالب بموقف مبدئي يتوافق مع حق الشعوب في الحرية والكرامة، كذلك فإنه معني بموقف مبادر، إذ إن الشعب الأردني تربطه بشقيقه السوري عدد من الروابط إلى جانب كونه جاراً ملاصقاً، وبذلك لا يقبل أن تقف الحكومة إلى جانب النظام السوري على حساب شعبه الذي يذبح». وأشار إلى أن «النظام السوري فقد شرعيته بقتله لما يزيد على 3500 مواطن سوري، وبات لا يجد وسيلة للخروج من المأزق إلا من خلال المزيد من العنف». ورأى كذلك أن «النظام السوري فقد عقله، وبات يعد ساعاته الأخيرة. لذلك، من مصلحة الأردن دعم الشعب السوري. يجب أن يكون الأردن في مقدمة الركب». ورأى أن «سحب السفير الأردني من دمشق يتناغم مع رغبة غالبية الأردنيين».
من جهة ثانية، رأى مراقبون أن زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية، دانييل جلاسر، للأردن إشارة واضحة إلى بدء مرحلة جديدة من اتخاذ عقوبات؛ فالزيارة في مجملها تهدف إلى إطلاع المسؤولين الأردنيين على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على النظام السوري، ومناقشة المحاولات المحتملة من الحكومة السورية لتجنب هذه العقوبات، وذلك عبر القطاع المصرفي الأردني.