في مقابل لغات التهديد المتواصلة، والحديث عن مناورات عسكرية على الحدود مع لبنان وسوريا، لا يزال إعلام العدو يركّز على الجانب السياسي من الاتصالات. ونُقل أمس كلام للمبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكشتين يقول فيه إنه يعمل على التوصل إلى اتفاق يمنع الحرب في الشمال ويحد من نفوذ إيران على لبنان.وكان هوكشتين قال في لقاءات مع باحثين في شؤون المنطقة قبل أيام، إن ما لديه من معطيات يشير إلى أن حزب الله لا يسعى إلى حرب واسعة مع إسرائيل، وأن حكومة تل أبيب تريد هي أيضاً التوصل إلى حل سياسي. لكنّ هوكشتين قال في جلسة مغلقة إن عدم تجاوب حزب الله مع الطلبات الخاصة بالترتيبات الأمنية في المنطقة الحدودية قد يدفع إسرائيل إلى البحث في خيارات عسكرية لضمان عودة المستوطنين إلى الشمال وعدم تعرّضهم لأي خطر.
بينما الحرب مندلعة في الشمال، الحكومة تختبأ تحت طاولة الكابينيت وسط مسوّدات مشاريع القوانين المتناثرة (كاريكاتور، عاموس بيردمان/ هآرتس)

ومع ذلك، فإن الأمور على الأرض لا تبدو متطابقة مع التمنيات ولا مع التقديرات، خصوصاً أن المقاومة بادرت منذ مدة إلى التصعيد في العمليات النوعية ضد قوات الاحتلال على طول الحدود مع لبنان، وقرّرت عن عمد إصابة كل قواعده العسكرية التي تشارك في العدوان على لبنان، سواء التي تُستخدم للقصف المدفعي أو للجمع الاستخباراتي، إضافة إلى ملاحقة الجنود وانتشارهم في نقاط جديدة، بعدما أخلوا غالبية مواقعهم العسكرية.
وفي إسرائيل أيضاً، كُشف أمس عن مشاركة كتائب من الفريق القتالي التابع لفرقة غولاني في تدريبات حسّنت جاهزية اللواء لسيناريو القتال في الشمال. وتدرّب الجنود على السيطرة على أهداف على طول طريق بري يحاكي لبنان، واستفادوا في التدريب من الدروس والخبرة العملياتية التي اكتسبوها من القتال في قطاع غزة. واختبرت السيناريوهات، من بين أمور أخرى، قدرة القوة على التعامل مع صواريخ العدو المضادة للدروع والتعامل مع العبوات الناسفة وكشفها أثناء المناورة وإغلاق دوائر النار بسرعة وتصفية العناصر بمساعدة معلومات استخباراتية دقيقة. بالإضافة إلى التدرب على إخلاء الجرحى في الظروف المعقّدة. وجرت جميع التدريبات بالتزامن مع معركة الدفاع في الشمال واستجابة الكتائب للأحداث في الوقت الفعلي.
وأشارت وسائل إعلامية إسرائيلية نقلاً عن مسؤولين عسكريين إلى أنه «طوال الحرب نجح حزب الله في مفاجأة إسرائيل والكشف عن استخدام سلاح متقدّم». وقالت وسائل الإعلام إن حزب الله «يخطط لخطوات مفاجئة على مستويين:
الأول، استخدام سلاح لم يُستخدم من قبل في هذه المعركة بما في ذلك صواريخ دقيقة بعيدة المدى.
خشية من «مفاجآت» المقاومة وسؤال حول قدرة الجيش بشن حرب على لبنان وهو تعب في غزة


الثاني، يتمثل في إطلاق حزب الله صواريخ «أرض – جو» باتجاه طائرات سلاح الجو».
وأضافت أن «قواعد عسكرية في الشمال في حالة تأهب تحسباً لتلقّي ضربات والدخول إلى المناطق المحصنة». بينما نقلت الوسائل نفسها عن منشور خاص بمعهد أبحاث «الأمن القومي» للعدو يشير إلى أن «الجيش يواجه صعوبة مستمرة في تحديد واعتراض مُسيّرات حزب الله».
وفي هذا السياق، عكس الصحافي أمير بوخبوط النقاشات حول الوضع في الشمال قائلاً إنه بدلاً من أن «يضع الجيش الإسرائيلي منظمة حزب الله أمام معضلات، فإن العكس هو ما يحصل». وأضاف: «لا يجوز للمستوى العسكري العام أن يختبئ خلف المستوى السياسي، وعليه أن يقدّم بدائل للوضع الذي لا يطاق في الشمال».
من جانبه رأى المحلل العسكري في القناة 13، ألون بن دافيد، أن إسرائيل «في بداية حرب طويلة ومتعدّدة السنين»، لكنّ «الحكومة الإسرائيلية تبذل كل ما بوسعها من أجل ضمان أن نقضي مدتنا معزولين وأضعف مما مضى».
واعتبر بن دافيد أن «غزة هي الأصغر بين مشاكلنا من دون الاستخفاف بها»، مشيراً إلى أن إسرائيل «تواجه سبع جبهات: حماس في غزة / حماس في الضفة الغربية / حزب الله في لبنان / ميليشيات شيعية في سوريا/ ميليشيات شيعية في العراق/ الحوثيون في اليمن / حرب مباشرة مع إيران». وأضاف أن هذه الجبهات السبع هي «التحدي الذي سيرافقنا لسنوات ويحتّم علينا أن ننظر بشكل مختلف إلى مكاننا في المنطقة، إلى بنية جيشنا وإلى توزيع الموارد القومية» وقال إنه «طالما أن فرقتين عسكريتين إسرائيليتين لا تزالان غارقتين في غزة، لا يوجد لدى إسرائيل أي احتمال لإحداث تغيير في الوضع مقابل حزب الله، بينما إنهاء العملية العسكرية المكثفة في غزة يمكن أن يفتح فرصة لمفاوضات حول تسوية مقابل حزب الله».
وتابع أن «أي اتفاق مع حزب الله لا يمكنه ضمان أمن سكان الشمال، لكن بإمكانه منح الجيش الإسرائيلي وقتاً للاستعداد للحرب القادمة. فجيشنا منهك من أشهر القتال الكثيف الثمانية ومتآكل، وقبل أن نقفز إلى الحرب القادمة علينا أن ننعشه ونعزّزه».