من خارج الجوّ الشعبي الغالب لمصلحة القوات اللبنانية، والمؤيّد لموقفها من جريمة الخميس، يبرز رأي رجل ستّيني «بحبّ شخص واحد لأنو قوي هوي جبران باسيل. بس ما بلحق زعيم، وما بموت كرمال حدا. أنا قاتلت وانخطفت وانصبت بالحرب الأهلية، وبعرف انو كل شي صار بصبّ لمصلحة بلاد كبيرة، لمصلحة أميركا يللي بدّها تخلص من حزب الله». يروي عن استفزاز انطلق من داخل عين الرمانة تجاه المتظاهرين، «وكان المطلوب توريط حزب الله، ولكن وجدوا حركة أمل على خطّ التماس بوجههم. لو أنّ الحزب كان في الواجهة، لاستمرت المعارك حتى اليوم». ولكنّ الرجل «عتبان» على حزب الله، «كُنت أحبّ السيد حسن، قبل أن يتدخل في زواريب السياسة... مثلاً، لماذا هذا الموقف من القاضي طارق البيطار؟».
ينفي أهالي عين الرمانة تهديد أصحاب عمل «شيعة» وطردهم من المنطقة
الهدوء الظاهر لا يعكس بالضرورة الوضع الفعلي في عين الرمّانة. فعلى مستوى الأفراد، وتحديداً المُنتمين إلى الطائفة الشيعية الذين يسكنون في عين الرمانة أو يُرسلون أولادهم إلى مدارس في نطاقها، هناك خوف من العودة حالياً. ذاكرة الحرب الأهلية جدّدت نفسها بعد ما جرى، «هذا بالتحديد ما يجب أن نعمل عليه: إعادة الأمور لنصابها وبثّ الطمأنينة لأبناء المنطقة أن لا أحد سيعتدي عليهم»، يقول النائب آلان عون. تواصل التيار الوطني الحرّ بعد الجريمة «مع الناشطين والمسؤولين لدينا، من باب التهدئة واستيعاب ما جرى». أما على المستوى السياسي، «فاستمررنا بالاتصالات الروتينية مع حزب الله. بالنسبة إلى القوات، لم يحصل أي تواصل معها في المنطقة». بالنسبة إلى التيار الوطني الحر، يجب أن تأخذ أحداث الخميس «مجراها القضائي، فهو الإجراء الأسلم للمحاسبة. ويجب أن تُضاعف كلّ الأحزاب جهودها من أجل عدم تكرار ما جرى، خصوصاً أنّه يوجد توتّر كبير وقد سقطت دماء».
في الإطار نفسه، يتحدّث النائب فادي علامة عن مُجريات «نقّزت الناس» يجب العمل لمعالجة ذيولها، «بالمواكبة مع تبادل الرسائل السياسية لحلّ أصل الأزمة، وفكفكة العوامل التي أدّت إلى استغلال ما جرى من قبل البعض». إضافةً إلى ذلك، «التمسّك بالقانون والدستور لمعرفة حقيقة ما جرى في انفجار المرفأ ومجزرة الطيونة».
استيعاب الـ«ميني حرب» لدى التيار الوطني الحر وحركة أمل، يُقابله تصعيد سياسي من جانب القوات اللبنانية. يُصرّ أحد نوابها على أنّه «لا يوجد ذيول لمعالجتها، بل سبب واحد: أن يتراجع حزب الله عن فوقيته وتحدّيه للدولة وللقضاء. أما إذا أصر على هذه الطريقة، فستستمر التداعيات. لبنان ليس إيران ولا اليمن ولا سوريا». التهديد القواتي بالتصعيد يترافق مع تأكيد نفي المسؤولية المباشرة عن إطلاق النار، «لو تدخلت القوات لقامت بمعركة وليس مناوشات، ولكن ماذا يظنّون؟ أن يُهاجم الناس وتُكسّر أرزاقهم ويردّون بالورد؟ أما ما قصده جعجع عن «ميني 7 أيار»، فهو هجوم حزب الله على المسيحيين هذه المرة، كما هجم على السنّة عام 2008». على رغم ذلك، يُشير النائب القواتي إلى أنّ «مجريات الخميس غامضة وهي رهن التحقيق. معلوماتنا أنّ الشارع هادئ والقصّة انتهت، نحن لا نريد حرباً ونُريد التهدئة. ولكن لن نركع لأحد بعد اليوم».
بطبيعة الحال أنّ «ما قبل المجزرة ليس كما بعدها»، يقول النائب علي عمّار، مُضيفاً أنّ منطقة عين الرمانة - الشياح - الطيونة «حسّاسة تاريخياً، إلا أنّنا أجرينا لقاءات مع فعاليات محلية ومن المجتمع الأهلي بيّنت وجود وعي ورفض العودة إلى الحرب». أما في السياسة، فـ«إصرار القوات على تبنّي المجزرة يؤكّد أنّ لبنان في خطر. توجد معطيات تصل إلى حدّ القطع عن مُخطّط أميركي - صهيوني - خليجي لإشعال الحرب الداخلية. يستعملون الورقة التي يعتقدون أنها رابحة، بعد سقوط كثير من الرهانات السابقة». وقد يكون من أهداف المجزرة واحد من خيارين: إما شدّ العصب طائفياً لاستثماره في الانتخابات، أو إطلاق النار على إجرائها. حزب الله من أشدّ الحريصين على حصول الانتخابات النيابية، ولن يُستدرج إلى الحرب، من دون أن يعني ذلك التفريط بدماء سقطت».