ساهم انفصال النائب السابق لرئيس مجلس النواب، إيلي الفرزلي، ترشحاً، عن التيار الوطني الحر في حلحلة كل العقد في البقاع الغربي. تحرّر الفرزلي وحرّر معه التيار من أي التزام تجاهه. كانت معادلة الوزير جبران باسيل في المفاوضات ليكون جزءاً من أي لائحة هو التمثّل بمرشحَين ينضمان في حال فوزهما إلى تكتل الإصلاح والتغيير، الفرزلي المحسوب على رئيس الجمهورية، ومرشح حزبي ملتزم هو شربل مارون. رُفض طلبه من المستقبل ومن 8 آذار على السواء. 8 آذار اعتبرت أنه يحق له بمرشح واحد، بالنظر إلى عدد أصوات التيار في الدائرة، فوافقت على أن يكون الفرزلي هو هذا المرشح، نظراً إلى الحيثية التي يملكها في المنطقة وقدرته على تجيير أصوات للائحة. وفي المستقبل تردد الأمر نفسه، لكن مع وضع فيتو على ترشيح الفرزلي، بحجة أنه شخصية حليفة لسوريا (في لائحة المستقبل نفسها حليف آخر لسوريا هو محمد القرعاوي).الدخول إلى لائحة المستقبل كان يعني بالنسبة إلى التيار التخلي عن مرشحه، الذي كان محسوماً منذ البداية، أي الفرزلي، وهو خيار عاد باسيل وأظهر ليونة تجاهه، بخلاف إصراره على مرشحَين في حال انتقاله إلى صفوف لائحة عبد الرحيم مراد. تلك الازدواجية جعلت الأمور تتعثر بين الحليفين المفترضين. حتى حُكي أن اللقاء الأخير بين الفرزلي وباسيل كان سيئاً للغاية، وأسفر عن ابتعاد الأول عن حليفه المفترض، مبقياً على ترشحه في مربّع رئاسة الجمهورية. أما الرئيس نبيه بري، فكان له الدور الحاسم في التأكيد أن محل الفرزلي في اللائحة محفوظ، بصرف النظر عن التيار.
وعليه، صارت لائحة 8 آذار تضم كلاً من: عبد الرحيم مراد (سني)، محمد نصر الله (شيعي)، إيلي الفرزلي (أرثوذكسي)، فيصل الداود (درزي) وناجي غانم (ماروني) الذي كان بري مصراً على تسميته على اللائحة. أما المقعد السني الثاني، فيُرجّح أن يترك فارغاً مع احتمال أن يشغله مرشح من كامد اللوز.
في المقابل، وبالرغم من أن التحالف بين التيار الوطني الحر والمستقبل لم يحسم بعد، إلا أن الترجيحات تشير إلى أنه سيسلك الطريق نحو الإنجاز قريباً، حيث سيكون للتيار مرشح ماروني هو شربل مارون، فيما سيؤول المقعد الأرثوذكسي إلى المرشح غسان السكاف، المقرّب من المستقبل. لكن المستقبل لم يرض بهذه القسمة، إذ يصر على أن يكون هنري شديد مرشحاً عن المقعد الماروني بدلاً من مارون، بسبب قدرته على تأمين أصوات إضافية للائحة. هذه الإشكالية لم تحلّ حتى مساء أمس، علماً بأن أحد الخيارات المطروحة كان انضمام شديد إلى تكتل التغيير في حال فوزه.
إلى حين إيجاد حل لهذه المعضلة، فإن المشهد الانتخابي في البقاع الغربي بدأ يكتمل، وخاصة بعد تسجيل لائحة «المجتمع المدني» في وزارة الداخلية أمس، والتي تضم: فيصل رحال وعلاء الشمالي عن المقعدين السنيين، ماغي عون عن المقعد الماروني، جوزف أيوب عن المقعد الأرثوذكسي وعلي صبح عن المقعد الشيعي.
المستقبل يصرّ على تبني ترشيح شديد، والتيار يتمسّك بمارون


وستطلق اللائحة، التي اعتمدت الأخضر لوناً لها، نشاطها رسمياً في احتفال تقيمه في 30 من الشهر الحالي في مجمع السهول. يعرف أعضاء اللائحة أن المعركة ليست سهلة، وخاصة وسط تنافس أحزاب السلطة على انتزاع المقاعد، إلا أن رحّال يؤكد أن استطلاعات الرأي تعطيهم الأمل بتحقيق الحاصل الذي قد ينخفض إلى 12 ألفاً، فالناس يريدون تغيير الواقع الذي فرضته الأحزاب والذي كانت نتيجته حرمان المنطقة من خدمات الحد الأدنى. أما في حال عدم وصول اللائحة إلى هدفها، فيؤكد رحال أن العمل سيبدأ بعد الانتخابات من خلال مراقبة أداء النواب.
في «لوائح الشطب»، يتبين أن العدد الإجمالي للناخبين في الدائرة يصل إلى 143 ألفاً و673 ناخباً (موارنة 10231 ناخباً، كاثوليك 10479 ناخباً، أرثوذكس 10080 ناخباً، سنّة 70031 ناخباً، شيعة 21049 ناخباً ودروز 21062 ناخباً). وبالرغم من أن الدراسات الأولية كانت تشير إلى أن نسبة الاقتراع يمكن أن ترتفع ربطاً بالقانون النسبي، الذي ينهي مرحلة المحادل، إلا أن عمل الماكينات الانتخابية على الأرض أظهر أن نسب الاقتراع قد لا تتغير عن نسب عام 2009 (53.3 في المئة) لأسباب عديدة؛ أبرزها النقمة على السلطة وغياب التجييش الذي اعتمد في عام 2009، إضافة إلى إلزام القانون للناخبين بالتصويت للائحة محددة وصوت تفضيلي واحد. ومع افتراض أن نسبة المقترعين ستكون ما بين 50 و55 في المئة، أي ما بين 72 و79 ألفاً، فإن العتبة الانتخابية قد تتراوح ما بين 12 و13 ألفاً بالحد الأقصى.
واللافت أن التغيير الذي طرأ على التحالفات، بابتعاد الفرزلي عن التيار الوطني، لم يغير في النتائج المتوقعة. إذ يتوقع أن تحصل لائحة 8 آذار على ثلاثة نواب، مقابل ثلاثة للائحة المستقبل ــ الاشتراكي، بصرف النظر عن تموضع التيار الوطني. وبحسب أكثر من ماكينة، فإن اللائحة تملك 2.6 حاصل انتخابي، مقابل نحو 3.2 للائحة الثانية. وهذا يعني أن أصوات التيار، التي تبلغ نحو 4000 صوت (0.3 حاصل)، لن تساهم في تعديل النتائج، إذ إن الكسر الأعلى سيبقى لمصلحة لائحة 8 آذار.
تلك الأرقام لم يسلّم بها المستقبل، الذي يراهن على امتلاكه أربعة حواصل. قد يكون ذلك ممكناً، لكن بالمقارنة مع نتائج انتخابات 2009، حيث كان الفارق بين الخاسر الأول والرابح الأخير نحو خمسة آلاف صوت فقط، يحتاج لتحقيق هذا الهدف الى استنفار حقيقي ورفع لعدد المقترعين. وحتى المقارنة بين أرقام المرشحين الشيعيين في حينها أمين وهبي (34 ألفاً) وناصر نصر الله (25 ألفاً)، حين كانت المعركة بينهما أكثر تعبيراً عن المعركة السياسية الحادة بين 8 و14 آذار، تُظهر أن الفارق لم يكن شاسعاً، وهو لا يصل في حسابات الانتخابات الحالية إلى 0.7 حاصل.