يمكن المطّلع على برقيات «ويكيليكس» اعتبار الرئيس فؤاد السنيورة نموذجاً للسياسي اللبناني كما يحبه آل سعود. صلته بهم غير وثيقة، وهو لا يكثر من التواصل المباشر معهم، ولا تشبه صلته بهم ما تكشّف عن صلته بالأميركيين في برقيات «ويكيليكس» الأميركية. لكن الرجل يؤدي «واجباته»على أكمل وجه. يمتدح الملك حين يجب ذلك، وينفّذ السياسات السعودية بحذافيرها، ويقدّم تقارير عن عمله بصورة دورية. وهذه التقارير يمكن أن تكون عن أمر لبناني «داخليّ للغاية»، كمناقشة مجلس النواب الإجازة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي إنفاق 8900 مليار ليرة كنفقات إضافية على ما يجوز لها إنفاقه بناءً على القاعدة الاثني العشرية.
تقرير من 8 صفحات (وهو رقم قياسي نسبة إلى عدد صفحات تقارير الخارجية السعودية) فيه تفاصيل قانونية ومالية لبنانية لا يهتم بها إلا ذوو الاختصاص، من المشرعين والقانونيين والمتابعين للشؤون المالية. لكن السنيورة يصرّ على إبلاغ حكام المملكة بها. «واجبات» الرئيس الأسبق للحكومة التي يرفع «تقارير» بشأنها إلى الرياض لا تقف عند حدود لبنان، بل تتعداه إلى تنفيذ السياسيات السعودية في.. سوريا والعراق.
ففي برقية صادرة عن السفير السعودي في لبنان عام 2012، يرد الآتي: «أتشرف بأن أرفع لسموّكم أن الرئيس فؤاد السنيورة سلّمني في لقائي الأخير به نسخة من رسالة كان وجهها الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أبدى فيها استغرابه لتصريحات المالكي عن استبعاده سقوط النظام السوري وعدم رؤيته أي مبررات لسقوطه، ورغبة دولته اطلاع سموّكم عليها. وذكّره في الخطاب بزيارة كان قام بها الى بغداد عام 2008 م ولقائه بالرئيس نوري المالكي الذي كان مهتماً حينها بعودة العراق الى العرب. وأضاف الرئيس السنيورة أنه فوجئ بعد ذلك بأن الوزير الشيعي اللبناني السابق إبراهيم شمس الدين نقل إليه رسالة شفوية من نوري المالكي بذات صبغة اعتذارية عمّا قاله بحق سوريا، وتأكيد بأنه لم يكن يعني حقيقة ما قاله، وأنه يعي حقيقة ما يجري في سوريا. وأشار الرئيس فؤاد السنيورة أنه يعتزم متابعة التواصل مع نوري المالكي لحمله على إعادة النظر في مواقفه».