ما زالت المعركة الانتخابيّة في جونية تشهد مداً وجزراً. فما يتم الاتفاق عليه ليلاً يتغيّر نهاراً. مساء أول من أمس تم الاتفاق على دمج لائحة فؤاد البواري المدعومة من النائبين السابقين منصور البون وفريد هيكل الخازن، مع لائحة فادي فيّاض المدعومة من رئيس جمعية الصناعيين نعمة أفرام والقوات اللبنانيّة، قبل أن يفرط التحالف الانتخابي ظهر أمس وتعود معه الأمور إلى نقطة الصفر. ثمّ حلّت المفاجأة ليلاً، ليدخل دمج اللائحتين غرفة الانعاش ويحيا في ساعة متأخرة، على أن يكتمل تشكيل اللائحة ويعلن عنها يوم الجمعة.وأكّد فياض لـ«الأخبار» «تأجيل إعلان اللائحة من مساء الأربعاء حتى مساء اليوم أو غد الجمعة على أبعد تقدير لأسباب تقنيّة»، وأن البواري سيترأس «لائحة التجدّد»، وسيكون هو نائبه. فيما أشار البواري إلى «أن عمليّة دمج اللائحتين دفع باتجاه التخلّي عن بعض الأسماء لصالح أخرى، والنقاش دار حول ثلاثة أسماء، ومن المفترض أن تتوضّح التركيبة النهائية اليوم».
إذاً الدخان الأبيض لم يتصاعد كلياً. ففي الواقع، يتخبّط التحالف المتناقض في التوجّهات والحسابات حول حصص كلّ طرف في اللائحة التي ستخوض المعركة البلديّة المرتقبة في عاصمة قضاء كسروان في مواجهة لائحة «كرامة جونية» برئاسة جوان حبيش.
المشكلة التي طرأت ظهر أمس طرفاها الخازن وافرام، بعدما رفض الأول الأسماء القواتية المطروحة، واعترض الثاني على الأسماء المحسوبة على «الشيخ فريد».
الحسابات المتناقضة للرجلين، كانت كفيلة بفرط التحالف في الساعات الأخيرة، لكنها سرعان ما ذلّلت تحت وقع «المصلحة» لضمان تشكيل لائحة لها آمال بالفوز. فافرام نجح خلال السنوات الاخيرة في شبك علاقات وطيدة مع القوات اللبنانية، كذلك فإن قائد المفاوضات القواتية في جونية شوقي الدكاش من أشدّ المقرّبين إلى آل افرام، فيما للخازن خلافات مع القوات، وهو متحالف مع النائب سليمان فرنجية.
تناقضات الثنائي تضع التحالف الانتخابي المستجدّ الذي يهدف الى حشر حبيش، على طرف هاوية. وفي تفاصيلها، وضع الخازن فيتو على الأسماء القواتية المطروحة، وأوّلها جورج بعينو العضو الحالي في بلدية جونية والذي تحوم حوله شبهات في ملف الإعلانات. وكذلك الأمر بالنسبة إلى جورج عودة الذي استبدل بأنطوني نخول. إلا أن اسمه نزل كالصاعقة على أبناء صربا كونه من وطى الجوز، قبل أن ينقل نفوسه إلى صربا (تتألف بلدية جونيه من بلدات صربا وساحل علما وغدير وحارة صخر).
جابه فيتو الخازن على الاسماء القواتية اعتراضاً من نعمة افرام على مطالبة ملحم العضيمي المحسوب على الخازن بمنصب نائب الرئيس مناصفة بينه وبين فادي فيّاض، إضافة الى اعتراضه على سيلفيو شيحا المقرّب من التيار الوطني الحر. فما كان من ماريتا افرام (زوجة ربيع افرام، عم نعمة) إلّا أن قدمت ترشيحها في قائمقامية جونية في الساعات الاخيرة قبل إغلاق باب الترشيح.
الاتفاق بين القوات وافرام والخازن والبون سيصعّب مهمة جوان حبيش، رغم ان في رصيده أرقام انتخابات 2010 التي نال فيها وحيداً 43٪‏ من الأصوات، في مواجهة الجميع، شخصيات سياسية ونواب سابقين والقوات والتيار الوطني الحر. وفي المعركة الحالية، أضيفت إلى أرقامه القدرة التجييرية للتيار الوطني الحرّ. اما منصور البون، فيبدو رابحاً كيفما مالت رياح النتائج، سواء بخسارة حبيش أو ربحه. في الحالة الأولى، سيبتعد جوان حكماً عن النيابة، خصوصاً إذا خسر في مدينته، وفي الحالة الثانية سيكون متفرّغاً لإدارة شؤون البلدية وربما اتحاد البلديات، ولن تكون النيابة ضمن طموحاته القريبة. يعتبر البون نفسه وفريد الخازن بيضة القبان في المعركة، ويحرص من خلال دعم البواري على الظفر برئاسة البلديّة، خصوصاً أن الأخير محسوب عليه، ومرّر خلال ست سنوات من جلوسه في مقعد نائب رئيس البلدية معاملات وخدمات كرمى للشيخ منصور شخصياً.