منار صباغومع إقرار بند النسبية، سقط آنياً مطلب وزراء تكتل التغيير والإصلاح بتقسيم العاصمة بيروت إلى دوائر تؤمّن التمثيل الصحيح للمدينة. وبحسب الوزير جبران باسيل، فإن ما تمّ التوصل إليه إنجاز لم يكن بالسهل، وقد قاتلنا لأجله، والعين الآن على إعادة طرح وإقرار بند الهيئة المخصصة للإشراف على الانتخابات البلدية، لأن إقرار مبدأ النسبية برأيه، يسقط ما يصفها بحجج اعتماد النظام الأكثري.
الجلسة، بحسب مصادر وزارية، كانت أكثر من هادئة. وقد نوّه بعض الوزراء بإدارة كل من رئيسي الجمهورية والحكومة لدفة النقاش، الذي شابه شيء من الفوضى الخلاقة بطرح الآراء على حد وصف أحد الوزراء، وقد بدا واضحاً من اللحظة الأولى، أن تعديلاً ما طرأ على مواقف بعض القوى الأساسية، سيسمح بتمرير بند النسبية، إذ بادر رئيس الحكومة إلى طرحها للنقاش، موحياً من خلال مداخلته أنه قد وافق عليها، وبالتالي قطع الطريق على بعض وزرائه، الذين كان قد اعترضوا عليها بشدة في الجلسة الماضية.
في المحصّلة، لم يلجأ مجلس الوزراء إلى التصويت وتمّ تخطي اعتراض «القوات» والوزير حرب، وتمّ تكليف الوزير بارود بإعداد مسوّدة نهائية لمشروع القانون، ومناقشتها في جلسة صباحية يوم السبت المقبل، على أمل أن تقرّ وترسل إلى مجلس النواب لمناقشتها.
وكان الرئيس سعد الحريري قد أعلن في بداية الجلسة أن كتلته درست الأمر ووجدت أن من المفيد اعتماد النسبيّة في جميع بلديّات لبنان. بينما أبلغ وزير الصحة محمد جواد خليفة المجلس وجهة نظر الرئيس نبيه بري التي تؤيّد إقرار النسبيّة، شرط اعتمادها أيضاً في أول انتخابات نيابيّة، وخصوصاً أن النسبيّة برأيه وُجدت للدوائر الكبرى. فيما برر الوزير حرب اعتراضه بأن النسبية سوف «تشتّت العمل البلدي». وقد اعترض أيضاً وزري و«القوات اللبنانية» التي رأت أن النسبية «تنقذ التيار الوطني الحر من انهيار شعبيته بين المسيحيين»!
وقد اعتمد مجلس الوزراء الآليّات الآتية:
ـــــ اعتماد اللائحة المكتملة، على أن تُعتبر اللائحة التي تضمّ 75% من أعضاء البلديّة مكتملة.
ـــــ تُمثّل اللائحة التي تحصل على 10% من الأصوات، أمّا اقتراح بارود فقد كان ينصّ على حصولها على 6%.
ـــــ الرئيس ونائبه هما أول اسمين على اللائحة.
ـــــ عدم اعتماد الصوت التفضيلي.
ـــــ رفع نسبة اللائحة الأولى إلى 51% تلقائياً من أجل استقرار أداء المجلس البلدي.
وقد أبلغ مصدر وزاري رفيع أن إقرار النسبيّة في مجلس النواب لا يعني حكماً مرورها في مجلس النواب، وأن هذا الأمر لا يعني أبداً أن الانتخابات النيابيّة لن تؤجّل.
ماذا أقر من مشروع بارود؟
القوات عارضت وبري اشترط اعتمادها في الانتخابات النيابية أيضاً
لكن، ما هي أبرز البنود الإصلاحية التي أقرّت أو تلك التي أسقطت خلال الجلسات الخمس:
ـــــ خفض ولاية المجلس البلدي إلى 5 سنوات بدلاً من 6 سنوات.
ـــــ حقّ الموظّف بالترشّح والحديث هنا عن موظفي الفئة الثالثة وما دون.
ـــــ عدم استقالة الموظف من وظيفته إلا في حال قراره الترشح لمنصب رئيس البلدية.
ـــــ إقرار الكوتا النسائيّة، لكن بنسبة 20% وليس 30% كما ورد في مشروع بارود.
ـــــ إقرار بند اللوائح المطبوعة سلفاً.
ـــــ إعلان القوائم الانتخابية وإعطاء مهلة عشرة أيام للمراجعة بأيّ خطأ فيها.
ـــــ إقرار مبدأ النسبية في كل لبنان وليس فقط في البلديات الكبرى التي يزيد عدد أعضائها على 21 كما هو وارد في مسوّدة مشروع بارود.
ـــــ سقط بند انتخاب الرئيس ونائبه من الشعب مباشرة، مع إقرار بند النسبية التي تفرض اعتماد اللوائح المغلقة.
بقي السؤال الرئيسي: هل تجرى الانتخابات البلدية في موعدها الذي أُجّل تقنياً لمدة شهر؟
المتوافر من معلومات يؤكد أن التأجيل حاصل لا محالة ولفترة قد تصل إلى السنة. وبحسب مصدر وزاري، فإن رئيس الحكومة بات مقتنعاً بضرورة التأجيل، ولا سيما بعدما لمس بداية توتر في العاصمة بيروت على خلفية البدء بالإعداد للانتخابات، وهو انطلاقاً من قناعاته بضرورة الاستفادة من الأجواء الإيجابية والهادئة في البلاد، وانطلاقاً من عدم ممانعة بل حتى رغبة غالبية الأطراف الموالية والمعارضة بحصول هذا التأجيل، يُجري لقاءات بعيدة عن الإعلام، تدرس الطريقة التي سيتمّ من خلالها إعلان هذا الأمر، بالنظر إلى ثلاثة عوائق:
أولاً: إقناع رئيس الجمهورية بمبدأ التأجيل، وهو الذي ذهب بمواقفه الرافضة لهذا الأمر إلى الحد الأقصى، وهي مواقف بات متعذراً معها التراجع بسهولة.
ثانياً: إقرار التأجيل دون التعرض لمساءلة دستورية، ولا سيما أن أحد القانونيين، أطلعه على قرار صادر عن المجلس الدستوري عام 1997 بأحد الطعون، يفتي بعدم قانونية تأجيل الانتخابات البلدية وقتها. وتؤكد المصادر، «أنه لا خوف من أي طعن هذه المرة، إلا في حال إسناده إلى أسباب قاهرة تستدعي التأجيل، مثل احتمالات قوية لحرب إسرائيلية على لبنان، ما يستدعي عدم إشغال الجبهة الداخلية بمعارك انتخابية قد تجعل لبنان عرضة للمخاطر بصورة أكبر».
ثالثاً: عدم تحمّله منفرداً وزر الدعوة إلى التأجيل، وبالتالي البحث عن مخارج لائقة تؤدي الى هذه النتيجة بصورة غير مباشرة، وهنا تبرز أهمية لعبة تقطيع الوقت التي مورست على طاولة مجلس الوزراء خلال أكثر من شهر، والتي يتوقع أن تنتقل الى مجلس النواب مع وصول المشروع الى أدراجه.
بعد الجلسة، تحدث وزير الإعلام طارق متري عن المداولات، فأشار الى أن الرئيس الحريري سيلتقي قريباً وفداً من عائلات ضحايا الطائرة الإثيبوية المنكوبة، وأن تقريراً مفصلاً عن التحقيقات الجارية بعد العثور على الصندوق الأسود الثاني سوف يذاع قريباً مع كل التفاصيل.