ظهر تباين في الآراء بين المعلّقين في الصحف الإسرائيلية عند مقاربتهم أسباب وخلفيات التصعيد الأمني الذي شهده قطاع غزة والمستوطنات القريبة منه في اليومين الماضيين. ففيما حمّل البعض المستوى السياسي في إسرائيل مسؤولية التصعيد، معرباً عن خشيته من خروج المواجهة العسكرية مع حركة «حماس» في قطاع غزة عن السيطرة، رأى آخرون أن التصعيد ناجم عن أزمة داخلية تعيشها حركة «حماس» في ضوء تزايد الدعوات إلى المصالحة بينها وبين حركة «فتح»، دون أن يعني ذلك أن «حماس» معنية بمواجهة واسعة.في هذا السياق، ألقى أليكس فيشمان، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الكرة في ملعب المسؤولين الإسرائيليين، مشيراً إلى أن التصعيد الأخير ناجم عن خطأ إسرائيل في تقدير الأمور، الذي تمثّل في قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بـ «رد مبالغ فيه على نار القسام»، الأمر الذي يهدد بأن يتطور الى مواجهة شاملة أخرى. وأضاف إن الطرفين يسوقان «تعليلات سياسية وأمنية ثقيلة الوزن، لكنهما يتحمسان ويقودان غزة الى انفجار غير مضبوط».
واتهم فيشمان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك، بأنهما «أرخيا الحبل للقيادة العسكرية لتصعيد ردود الفعل على النار من قطاع غزة نحو بلدات في إسرائيل»، مشيراً إلى أن «إسرائيل غير مستعدة بعد اليوم لأن تقبل ادعاءات حماس بأن النار تطلقها جهات عاقّة، وأن الجيش الإسرائيلي غير مستعد لأن يقبل بعد اليوم وضعاً يكون فيه كل منبوذ لديه قسّام تحت السرير يطلق النار نحو إسرائيل لأنه راقه الأمر».
ولم يُعف فيشمان المستوى العسكري الإسرائيلي من مسؤوليته عن التصعيد، حين أشار إلى أن «الرسالة العنيفة التُقطت جيداً في الجيش»، وعبّر عن ذلك بالقول «انتهت الإشارات، ومن الآن ـــــ اكسح»، مضيفاً إن «أحداً ما في قيادة المنطقة الجنوبية سار خطوة واحدة أبعد مما ينبغي في ترجمة مزاج القيادة السياسية».
في المقابل، أكدت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن الهجمات التي شنتها حركة «حماس» خلال اليومين الأخيرين تستهدف حرف الأنظار عن قضاياها الداخلية. وأشارت الى «أن الحركة تستهدف جر إسرائيل الى تنفيذ هجوم عسكري على قطاع غزة، وهذا هو المطلوب من حماس لحشد الرأي العام الفلسطيني وراءها». وبينت أن هذه الهجمات بقذائف المورتر على إسرائيل في مطلع الأسبوع كانت لتحويل الانتباه عن مشاكل «حماس» المتنامية داخل قطاع غزة، وفق الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن قيادة «حماس» تعيش تحت ضغوط شديدة نتيجة للتظاهرات في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة للمطالبة بإنهاء النزاع بين حركتي «حماس» و«فتح»، وخصوصاً بعد فشلها في منع الاحتجاجات. وقالت «إنه بعد هذا الفشل بدأت سلطات حركة حماس بشن حملة ضد منظمي هذه الاحتجاجات طاولت خصومهم السياسيين والصحافيين».
وترى «حماس»، وفق «جيروزاليم بوست»، «أن ما يجري من تظاهرات في القطاع تنظّمه حركة فتح كجزء من محاولة لتقويض سيطرتها على هذه المنطقة». ومن المفارقات، كما تقول الصحيفة، «فإن عملية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة من شأنها تخفيف الضغوط الداخلية على حماس».
وفي «هآرتس»، اتفق الكاتبان عاموس هرئيل وآفي يسخروف، مع ما أوردته «جيروزاليم بوست»، وتحدثا عن أمواج ارتدادية من مصر وصلت الى «حماس» أيضاً. وقال الكاتبان إنه رغم التصعيد يبدو الآن أن إسرائيل و«حماس» لا تزالان غير معنيّتين بمواجهة واسعة.
وتحدث الكاتبان عن أن حماس تعيش أزمة في الأيام الأخيرة جراء إعلان رسمي من فتح برغبتها في المصالحة والوحدة بين المعسكرين الفلسطينيين، وهو ما أجّج خلافاً داخلياً في «حماس». ويعتقد الكاتبان أن تأييد الجمهور الفلسطيني لحماس في انخفاض، ويضيفان إنه «إذا كان قادة حماس قد قدّروا حتى الآن أن الثورة في مصر والأحداث في شوارع العالم العربي ستكون في مصلحة المنظمة، فإن الأمور الآن تبدو أكثر تعقيداً. في نهاية الأسبوع شعروا لأول مرة حتى في دمشق، وهي حصن تأييد حماس، بالأمواج الارتدادية لربيع الشعوب العربي».