ومهما طال الليل غداً تشرق شمس جديدة ومهما طال القيد غداً ينكسر " مي وملح مش قصة طبخة قصة كرامة ". هذه العبارات ليست جديدة على الفلسطيني، انها الوقود الذي يشعل ثورته ويزوده بالأمل.
والأمل، ذلك القمر المعلق على نوافذ الاسماء التي رحلت ونوافذ السجن ونوافذ أمهات الأسرى، المعلق في عيون أطفال ينقصهم العيد في العيد لافتقادهم لآبائهم الذين هدرت أعمارهم في السجون الإسرائيلية. ومع الأمل تظل العتمة تلاحق الذاكرة حتى وإن أشرقت الشمس فما أكثر العتمة فينا وما أكثر الحزن وما أبعد الغد عن انكسار القيد.
في الضفة الغربية حيث فلسطين، ما من ليلة تمر إلا وهناك مداهمات واعتقال للعشرات يقتادون إلى جهات مجهولة بعد أن يعيث الجيش الإسرائيلي فسادا في بيوتهم .
وفي إحصائية أخيرة صادرة عن نادي الأسير الفلسطيني فان عدد الأسرى قد وصل إلى 7 آلاف أسير بينهم 550 معتقلا إداريا، و600 مريض بينهم 160 حالات مزمنة ، قد يؤدي استشهاد اي منهم إلى انفجار الوضع من جديد. فضلا عن وجود 18 امرأة تحت بند الاعتقال الإداري.
قد لا يعرف البعض ما هو الاعتقال الإداري؟ هو إجراء تلجأ إليه قوات الاحتلال لاعتقال المدنيين الفلسطينيين دون تهمة او محاكمة. مما يحرم المعتقل ومحاميه معرفة أسباب الاعتقال، ويتيح لاسرائيل تجديد مدة الحبس الى ما لانهاية..
في الفلسطيني ثمة ثورة نائمة يوقظها الشهداء دوماً
ولعل إعادة اعتقال محرري صفقة شاليط، وعدم التزام إسرائيل تنفيذ بنود الصفقة المبرمة برعاية مصرية، قتل الكثير من الآمال لدي الأسرى وذويهم بالحرية.
في الفلسطيني ثمة ثورة نائمة يوقظها الشهداء دوماً غير أنها سريعا ما تتوقف. الفعاليات الاحتجاجية لم تعد كما كانت. فعيوننا التي كانت ترحل كل يوم إلى القدس لم تعد ترحل لان قدسية الأرض تذهب في مهب القلق اليومي. أصبحت لقمة العيش هاجس الفلسطيني. فمع غلاء المعيشة وانخفاض مستوى الدخل وتزايد البطالة وإغراق المواطنين بالقروض المصرفية واعتداءات الجيش الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني والحرب على غزة وما خلفته من دمار، كل ذلك كان سبباً في تراجع العمل الثوري ضد الاحتلال.
البارحة حين كنت أمر بشارع الإرسال وسط رام الله شاهدت على أبواب احد المطاعم صورة لأحد الأسرى مكتوب عليها " كرامتي أغلى من الطعام " وبجانب الصورة يقف شاب عشريني قنفذي الشعر يتناول فطوره الصباحي ولا يعبأ بوجع الصورة.
هناك على حاجز عطارة العسكري شمال رام الله يتجمهر ذوو الأسرى وبعض الشباب يطالبون بالحرية لأسرى جياع. وعلى الجانب الآخر من الحاجز يقف بائع للعصافير. على مقربة منه تحتشد الكثير من العصافير على الأسلاك الكهربائية ربما هي أيضا تطالب بالحرية لعصافير سجينة. بادر الجنود بإطلاق النار، فرد الشبان عليهم بالحجارة. أطلق البائع سعره البخس فارتفعت الزقزقة
في صباح اليوم التالي. لا عصافير تزقزق ولا أسرى.