غزة | ضاعف جيش الاحتلال، خلال الشهر الماضي، عمليات الاستهداف المركّز للكوادر الحكومية والخدمية والأمنية التي تنشط في مناطق شمال قطاع غزة. فقد نفّذ اغتيالات طاولت عدداً من موظفي بلدية غزة. كما اغتال، أول من أمس، الدكتور هاني الجعفراوي، وهو المدير العام للإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة في القطاع، في قصف استهدف عيادة الدرج في مدينة عزة. وكان العدوّ قد صفّى عدداً من الكوادر والعناصر الأمنية في مناطق القطاع كافة. وتقرأ عمليات الاغتيال تلك، في سياق ما أعلنه مستشار «الأمن القومي»، تساحي هنبغي، من أن جيش الاحتلال بدأ يجرب إحلال قيادة بديلة لحركة «حماس» في غزة، حيث يتضح من السلوك الميداني الإسرائيلي، وتحديداً في شمال القطاع، أن العدو يحاول بشكل يومي تقويض إدارة الحركة لكل مفاصل العمل الحكومي، الخدماتية منها والأمنية.على أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعتقد أن أيّاً من البدائل المطروحة لن يستطيع العمل، بينما تحافظ حركة «حماس» على قدراتها الأمنية، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال مقابلة عبر «القناة الـ 14» العبرية، حيث قال إن جيش الاحتلال حاول تسليم إدارة شؤون القطاع لإدارة العشائر المحلية، لكن «حماس» قتلت ذلك الخيار. ووفقاً لمصادر أمنية تحدثت معها «الأخبار»، فإن «جهاز الأمن العام» (الشاباك)، يعمل منذ شهور على إيجاد بدائل محلية قادرة على تولي مهمة توزيع المساعدات من دون التعاون مع حماس، وقد تواصل ولا يزال يحاول التواصل منذ شهور مع عشرات العائلات الكبيرة، وطلب منها التعاون معه لإدارة شؤون قبائلها، لكن الإسرائيليين عادوا خائبين، حيث رفضت العائلات كافةً التعاون معهم، ما دفعهم إلى تنفيذ عمليات اغتيال طاولت عدداً من كبار المخاتير ورجال الإصلاح، وقصف مقر المجلس الأعلى للعشائر».
يبدو جيش الاحتلال حتى هذه المرحلة من عمر الحرب عاجزاً عن إيجاد بديل لإدارة القطاع


ووفقاً للمصدر ذاته، فإن جيش الاحتلال لجأ، أخيراً، إلى حيلة أخرى لاختراق العائلات الكبيرة، مستغلاً أوضاع النزوح القاسية التي تعيشها العائلات في جنوب القطاع ووسطه، حيث تواصل ضباط إسرائيليون مع أسر بعينها، وطلب منها الاستعداد للعودة إلى منازلها في شمال غزة عبر حاجز «نتساريم»، شريطة أن يتولى مخاتير تلك العائلات مهمة تسلّم المساعدات بعيداً من حركة «حماس»، وهو ما قوبل برفض اجتماعي، إذ أصدرت عائلة الغول، مثلاً، بياناً أكدت فيه أنها لن تكون جزءاً من أي تعاون مع جيش الاحتلال في إدارة قطاع غزة. وبالتوازي مع ما تقدم، يحاول جيش العدو تشغيل معبر كرم أبو سالم الذي يسيطر عليه لسفر الغزاويين، عوضاً عن معبر رفح البري الذي دمر تماماً. وهو حاول، خلال اليومين الماضيين، التنسيق لسفر المرضى من الأطفال، وذلك بالتنسيق مع جهات محلية.
وفي محصلة الأمر، يبدو جيش العدو حتى هذه المرحلة من عمر الحرب عاجزاً عن إيجاد بديل لإدارة القطاع، لأن توجّهات ذلك البديل محكومة بالتعايش السلمي مع جيش الاحتلال، وهذا الأمر ليس متاحاً في مدينة يشعر معظم سكانها بأن لديهم ثأراً شخصياً مع دولة الاحتلال.