رام الله | تحت غطاء حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ترتكب قوات الاحتلال مجزرة مفتوحة ومتواصلة في الضفة الغربية، تجلّى آخر فصولها مساء الثلاثاء في قرية كفردان غرب جنين، والتي تسلّلت إليها قوة إسرائيلية خاصة، قبل أن يكتشفها المقاومون ويخوضوا اشتباكات معها، وهو ما أعقبه دفع العدو بتعزيزات عسكرية، وسط تحليق للطيران المروحي (أباتشي) والمسيّر. وتوالت البيانات العسكرية التي أكدت خوض المقاتلين اشتباكات وصفت بالعنيفة، تخللها تفجير عبوات بآليات الاحتلال، واستهداف بالرصاص لشاحنة النقل التي استخدمتها القوات الخاصة الإسرائيلية في التسلل. وفي المقابل، أطلق جنود العدو 4 قذائف محمولة على الكتف (أنيرغا) تجاه منزل حاصروه، كما داهموا منزلاً آخر عند المدخل الرئيس للقرية، توازياً مع نشر القناصة وإطلاق الرصاص بشكل عشوائي. ومع تواصل الهجوم، فتشت قوات الاحتلال مركبات الإسعاف، وعرقلت عمل الأخيرة خلال نقلها للإصابات، فيما أطلق قناصتها النار على تلك المركبات. وفي وقت لاحق، أعلن المتحدث باسم جيش العدو انتهاء العملية في كفردان، قائلاً إنه اغتال «4 مسلحين»، فيما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بارتقاء 6 شهداء خلال العدوان على القرية، هم: صقر عارف عابد (28 عاماً)، وأحمد محمد سمودي (24 عاماً)، وأيمن عبد الكريم أبو فضالة (24 عاماً)، ومحمد هزاع مرعي (32 عاماً)، ومصطفى علام مرعي (21 عاماً)، وأحمد محمد أبو عبيد (21 عاماً).وكانت قوات الاحتلال نفّذت عملية مشابهة في قرية كفر نعمة غرب رام الله، والتي ودعت 4 من أبنائها شهداء، مساء الإثنين. وبدأ الحدث بعد تسلل قوة خاصة من جيش العدو إلى القرية، قبل أن ينتهي بإطلاق الرصاص تجاه مركبة كان يستقلّها عدد من الشبان، ومنع طواقم الإسعاف من الوصول إلى المصابين، توازياً مع اندلاع مواجهات عنيفة خلال محاصرة أحد المنازل. وفرضت قوات الاحتلال، طوال مدة العملية العسكرية، حصاراً على القرية والمنطقة المحيطة بها، كما احتجزت جثامين الشهداء، وهم محمد رسلان عبدو، ومحمد جابر عبدو، ورشدي سميح عطايا، ووسيم زيدان، علماً أن الثاني يعدّ أحد قادة حركة «حماس»، وقد أُفرج عنه قبل شهور، بعد أن أمضى 20 عاماً في سجون العدو.
وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن الشهداء كانوا قد شكلوا خلية لتنفيذ عمليات ضدّ المستوطنين، وإن الجيش والشرطة، بالتعاون مع «الشاباك»، نفذا هجوماً لاعتقال أحد «المطلوبين»، بعد إضرامه النار في مقطورة في بؤرة «سدي إفرايم» الاستيطانية. وأشارت شرطة الاحتلال، من جهتها، إلى أنه لدى وصول القوات إلى المجمع الذي كان يتوارى فيه المقاوم، قامت بتطويق المبنى، فيما حاول المحاصَر و3 آخرون الانسحاب من المكان عبر سيارة، ودهس عناصر القوات الخاصة التي أطلقت النار على المركبة، التي عثر بداخلها على سلاح من نوع «كارلو» وسترة واقية وعبوات ناسفة، بينما أصيب جندي بجراح طفيفة. وكان قد تمكّن مسلحون، فجر الإثنين، من اقتحام «مزرعة سدي أفرايم» في مستوطنة «أفرايم» غرب رام الله، وإشعال النار في مقطورة تستخدم للسكن (كرفان)، قبل أن يعلن جيش الاحتلال إخماد الحريق الذي لم يؤدّ إلى وقوع إصابات. وأظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي صورة شاب يرتدي بزة عسكرية تشبه بزة جيش الاحتلال، وهو يشعل النار بـ«الكرفان»، فيما ذكرت مصادر إسرائيلية أن البؤرة كانت خالية من المستوطنين عندها، ما حال دون وقوع «حدث كبير».
يتابع أقطاب اليمين الفاشي في حكومة الاحتلال استصدار قرارات وتفعيل سياسات تستهدف إحداث تغيير جذري في الضفة


وعمّ الإضراب الشامل، أمس، محافظتي رام الله والبيرة، بعد أن ارتفع عدد الشهداء في أقلّ من 24 ساعة في الضفة إلى 6؛ إذ كان قد استشهد شابّان أحدهما في ضاحية ذنابة في طولكرم، والآخر في مخيم الفارعة في محافظة طوباس، والذي تعرض لاقتحام واسع ظهر الإثنين، ليشيَّع الشهيدان في اليوم نفسه، وتنعى حركة «حماس» شهيد طولكرم، يوسف عبد الدايم، وتعلن أنه ينتمي إلى «كتائب القسام». كذلك، نعت الحركة الشهداء الأربعة اللاحقين، مؤكدة أنهم ينتمون إلى «القسام»، ومعلنةً أنهم ارتقوا في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في منطقة كفر نعمة، بينما دعت، إلى جانب فصائل المقاومة، إلى اعتبار الثلاثاء «يوم غضب جماهيري رفضاً لجرائم الاحتلال ونصرة للأسرى وغزة»، وتصعيد المقاومة بأشكالها كافة لوقف تمادي العدو. وبالتزامن مع العملية في كفر نعمة، هاجم مستوطنون تجمعوا عند مدخل البيرة الشمالي، مركبات الأهالي بالحجارة، فيما اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال في بلدة بيتونيا غرب رام الله. كما اقتحم جيش العدو مدينة يطا جنوب الخليل، وداهم منزلاً وخلّف خراباً كبيراً فيه، بينما اقتحم أيضاً مناطق متفرقة داخل مدينة الخليل، أبرزها وادي الهرية وأبو كتيلة وباب الزاوية وعقبة تفوح، واعتقل عدداً من الفلسطينيين، توازياً مع اقتحام خلة مناع في مدينة دورا ومدينة الظاهرية جنوب الخليل، وتفتيش عدد من المنازل والمركبات.
وسبق أن شن المستوطنون، الإثنين، هجمات عدة في محافظة نابلس، حيث أصيب فلسطينيون بحالات اختناق وحروق جراء اعتداء أولئك عليهم وعلى مركباتهم، خلال مرورهم من بلدة حوارة جنوبي مدينة نابلس، وذلك على مرأى من جنود الاحتلال المنتشرين على الطرقات الرئيسية. كما أحرق المستوطنون عشرات الدونمات الزراعية في جبل بانياس شرق بلدة نحالين غرب بيت لحم، ما ألحق أضراراً كبيرة بالمحاصيل. أيضاً، اقتحم جيش العدو، فجراً، مخيم بلاطة والمنطقة الشرقية من مدينة نابلس، وسط إطلاق نار وتفجير عبوات ناسفة ومواجهات مسلحة أصيب خلالها شاب برصاص الاحتلال، الذي نشر دورياته وطائراته المسيّرة بشكل مكثّف. ومع حلول فجر الثلاثاء، بلغت حصيلة الاعتقالات من مناطق متفرقة في الضفة 15 مواطناً، بينهم رجل كبير في السن يبلغ 60 عاماً من بلدة أبو ديس، قام الجنود باعتقاله بعد إطلاق النار عليه وإصابته وهو في طريقه لأداء صلاة الفجر.
وبالتوازي مع حرب الاستنزاف تلك، يتابع أقطاب اليمين الفاشي في حكومة الاحتلال استصدار قرارات وتفعيل سياسات تستهدف إحداث تغيير جذري في الضفة، بما يفضي إلى انهيار السلطة الفلسطينية، وخنق الفلسطينيين اقتصادياً، وتمكين المستوطنين هناك. وبينما شنّ وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أمس، هجوماً على الوزير المستقيل من حكومة الحرب، بيني غانتس، واتهمه بأنه كان يقود مخططاً أميركياً لإدخال السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، و«تأسيس دولة إرهابية قرب مستوطنات الضفة الغربية»، سلّطت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الضوء على الصلاحيات التي يعمل بموجبها سموتريتش لخلق تأثير بعيد المدى في الضفة. وقالت الصحيفة إن سموتريتش ينتزع صلاحيات واسعة من الإدارة المدنية الإسرائيلية بصفته وزيراً في وزارة الحرب، ويدفع بالسلطة الفلسطينية إلى حافة الهاوية، في الوقت الذي تدّعي فيه المؤسسة الأمنية أن انهيار السلطة سيعزز قوة «حماس»، ويدعم كل ما يقوم به المستوطنون رغم الانتقادات الدولية، بخطوات عدّة أهمّها شرعنة البؤر الاستيطانية، وتقديم التراخيص والموازنات لها، والامتناع عن إخلائها، كما يمنح نفسه صلاحيات واسعة جعلته يسيطر على التخطيط والتنظيم في الضفة.