أتمّ جيش الاحتلال الإسرائيلي السيطرة على محور فيلادلفيا، مدّعياً «العثور على 20 نفقاً، وأكثر من 80 فتحة بئر». تطوّرٌ عدّته صحيفة «معاريف» «إنجازاً تكتيكياً مهماً»، مستدركةً بأن ذلك سينقلب «صداعاً لإسرائيل» قريباً. وتساءلت: «بعدما بات المحور في أيدينا، ما هي الخطوة المقبلة؟»، معتبرةً أنه بمجرد تدمير الأنفاق، «ستتمكن حماس من إعادة تأهيلها حتى في خلال سيطرة الجيش على المنطقة فوق الأرض». والسبب بحسبها هو أن مدينة رفح جنوب القطاع، هي «منطقة رملية وحفرها سهل»، وهو ما تقاطع مع ما قاله الرئيس السابق لشعبة العمليات، الجنرال يسرائيل زيف، أخيراً؛ إذ رأى أن احتلال المحور لن يمنع «حماس» من حفر أنفاق جديدة، ولن يفيد إسرائيل عسكرياً بشكل كبير، قياساً بالضرر السياسي الناجم عنه.وطبقاً للصحيفة، فإنه حتى في ظل الاحتلال الدائم للمحور، «سيَنتج وضع سيضطرّ على إثره الجيش للعمل على حماية الجنود كمهمة رئيسة ضد تهديدات القنص وإطلاق القذائف والمتفجرات ومحاولات الأسر وغيرها». وبناءً على ما تقدم، «على المستوى السياسي الآن أن يقرر ما الذي يجب فعله وإلى أين يتجه... فعدم اتخاذ قرار بشأن اليوم التالي يعني الضوء الأخضر لحماس للعودة والبدء في حفر الأنفاق تحت المحور».
في المقابل، وفي محاولة لتعظيم وطأة ما جرى، رأى النائب السابق لرئيس الساحة الفلسطينية في قسم التخطيط في الجيش، والمسؤول الكبير في الاستخبارات البحرية، عميت ياغور، أن احتلال فيلادلفيا هو «الإنجاز الاستراتيجي الأول لإسرائيل في هذه الحرب»، والذي «للأسف لم يُخطط لتحقيقه مع بدء المناورة البرية»، عازياً توصيفه ذاك إلى أن المحور هو «عمق استراتيجي لحماس، وملجأ لها، وهو أبلغ تعبير عما نسمّيه حكم حماس في القطاع»، مستنتجاً أن السيطرة عليه «تنطوي على دلالات مهمة على صعيد الوعي، بشأن قدرة حماس على البقاء وإدارة الحرب». ورأى أنه «بدا واضحاً لحماس (قبل اجتياح رفح) أن الحرب ستنتهي بتقلّص قواتها، ولكن ببقائها صامدة في المناطق التي لا يجتاحها الجيش»، وخصوصاً أن «إمداد الوسائل القتالية سيتواصل، لتتمكن من خلال ذلك من متابعة إدارتها للحرب وتأهيل قوّتها العسكرية في اليوم التالي». غير أنه باحتلال فيلادلفيا، «ستفقد حماس تلك القدرة»، بـ«غلق الصنبور» الذي استخدمته الحركة لإدخال السلاح، وكذلك البضائع التجارية بحسب زعمه، فيما سيتطلّب الأمر «بعض الوقت، حتى يتعاظم الضغط على حماس، فتشرع في اعتماد اقتصاد الذخيرة»، الأمر الذي «سيُعجّل في تفكيك منظوماتها السلطوية والحكومية، ويمهد الطريق لصفقة تبادل جديدة بشروط أفضل لإسرائيل»، كما قال.
أما بخصوص تأثير احتلال المحور على مصر، فرأى أن الأخيرة دأبت على مدى سنوات طويلة على التعامل مع الحروب على غزة من خلال ثلاثة مبادئ أساسيّة: أوّلها «أنها دولة حدودية تملك أدوات ضغط على حماس (من خلال معبر رفح)، وهي حليفة لإسرائيل والولايات المتحدة وشريكة للأولى في الرؤية الاستراتيجية مدنياً وسياسياً بشأن غزة»؛ والثاني أنها «وسيط في المفاوضات، وشريك طبيعي في محاولات صياغة وتعريف اليوم التالي»؛ والثالث بـ«طريقة غير رسمية، وتحت أنف إسرائيل، هو أنها تسمح بالصناعة الكاملة للأنفاق والتهريب عبر أراضيها إلى الأراضي في القطاع، مُشكّلةً بذلك أنبوب الأوكسجين لحماس، ومصدراً رئيساً لعبور الأسلحة، والمواد الممنوعة التي تسمح ببناء غزّة التحتية». وعليه، رأى أن «تجارة الأنفاق/ البضائع/ المعابر والصناعة، والتي تطورت على الأراضي المصرية، ساهمت بقدر لا بأس به في السلام الصناعي الذي طالبت مصر بالحفاظ عليه في شبه جزيرة سيناء. من هنا عملياً، كانت لها مصلحة (في بقاء المحور تحت سيطرة حماس)»، معتبراً أنه بالسيطرة على فيلادلفيا، تكون إسرائيل قد عاكست «السلوك الذي انتهجته مصر طوال سنوات، والذي سمح ببناء قوة حماس الفعلية».
وبالرغم من كل ما تقدّم، فإن على إسرائيل، بحسب ياغور، أن تقرر بالنسبة إلى «اليوم التالي»؛ فـ«السيطرة الإسرائيلية على المحور (...) رافعة استراتيجية من الدرجة الأولى، تضع إسرائيل في مكان مختلف، في المناقشات التي ستجرى حول «اليوم التالي» ودور الهيئات المدنية والدولية، بما في ذلك ما يتعلق بدور مصر كحليف مهمّ لإسرائيل والمطالب منها كدولة مجاورة». وفي المحصّلة، فإن السيطرة على المحور «لا تكفي وحدها»، بل يجب في الموازاة «الشروع في تفعيل الجهود المدنية في شمال القطاع، وتولّي جزء من مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية على السكان. فما حصل في فيلادلفيا هو نقطة مفصلية استراتيجية ستسمح لإسرائيل للمرة الأولى بالبدء في التفرغ للجبهات الأخرى»، بحسب ادعائه.