غزة | شهدت خريطة الميدان، أمس، تغيّرات جديدة، لا تشير إلى أن الحرب التي دخلت شهرها السابع، تعرف طريقاً إلى نهاية قريبة. فإلى جانب استمرار العملية البرية في مخيم النصيرات وسط القطاع، توغّلت الدبابات الإسرائيلية في بلدة بيت حانون أقصى شمال غزة، وأقدمت في ساعة متأخرة من مساء الإثنين، على حصار عدد من مراكز الإيواء الطرفية في البلدة، قبل أن تشرع في حملة اعتقالات واسعة طاولت العشرات من الشبان، إلى جانب إجبار الأهالي على إخلاء مراكز الإيواء والمدينة برمّتها.والعملية الأخيرة في بيت حانون، يستكمل فيها جيش العدو عملياته الجزئية المحدودة، والتي تستهدف مناطق جغرافية ضيقة، وتقرأها مصادر ميدانية على أنها تأتي في سياق إشغال قوات الاحتلال، للخروج من مربع الإيحاء بأن الحرب تأخذ طريقها إلى النهاية، ولا سيما أن كلتا العمليتين في بيت حانون ومخيم النصيرات، لم يعلن جيش العدو أنهما تحملان أهدافاً عسكرية محددة. كما لم يواكب أيام العمليتين الإعلان عن منجزات من مثل السيطرة على أنفاق أو مواقع أمنية للمقاومة، أو اعتقال واغتيال أحد المقاومين، علماً أن الاحتلال أعلن، أمس، خلال حصاره «مركز إيواء مهدية الشوا»، أنه تمكّن من اعتقال تامر الزعانين، وهو الناطق الإعلامي باسم مؤسسة «مهجة القدس» التي تُعنى برعاية عائلات الشهداء والجرحى، فيما غاب الحديث عن اعتقال أو اغتيال أي عنصر فاعل في المدينة. أما في مخيم النصيرات، فتدور المنجزات في المربع صفر.
في المقابل، تواصل الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة تصدّيها لجيش العدو، إذ شهد اليومان الماضيان كثافة في إطلاق قذائف «الهاون» والرمايات الصاروخية القصيرة المدى تجاه قوات العدو المتوغلة في جبهات القتال. وأعلنت «سرايا القدس» عن تمكن مقاوميها من استهداف تحشد لقوات الاحتلال شرق مخيم جباليا بالأسلحة الرشاشة. كذلك، وزّعت «السرايا» مقطعاً مصوّراً يظهر قيام مقاتليها باستهداف جنود العدو بقذائف «الهاون»، فيما أعلنت «كتائب شهداء الأقصى»، بدورها، تمكّن مقاوميها من قصف قوات الاحتلال المتوغّلة في المخيم الجديد شمال غرب مخيم النصيرات بقذائف «الهاون».
شهد اليومان الماضيان كثافة في إطلاق قذائف «الهاون» والرمايات الصاروخية القصيرة المدى


بالنسبة إلى المقاومة، فإن النسق الذي تسير فيه الحرب، يتطلب التحول إلى العمل في اتجاهين: الأول، هو مواصلة الاستنزاف وإشعار العدو بشكل دائم بفشل مساعيه الميدانية في شمال القطاع جنوبه؛ والثاني، هو العمل المدروس والمؤثر والمنجز، والذي يؤدي إلى إيقاع أكبر قدر من الأذى على الصعيدين البشري والمعنوي في صفوف جيش العدو، وهو ما يتطلب عملاً من نوعية الكمائن المدروسة التي تمكنت كل من «سرايا القدس» و«كتائب القسام» من تنفيذها في المنطقة الوسطى وحي الزنة في جنوب القطاع أخيراً. وفي هذا السياق، يقول مصدر مقرب من المقاومة، إنه «على العدو أن يشعر في كل مرحلة يعيش فيها نشوة الإنجاز والانتصار، أنه لا يزال يدور في ذات الدائرة المفرغة. لقد أدّى كمين الزنة تلك المهمة، ولعب دور المعادل الموضوعي لضربة مستشفى الشفاء التي طبّل لها العدو لأيام»، لافتاً، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «هذا النسق من العمل الهادئ، يتطلب الكثير من التخطيط والجهد المخابراتي المدروس».
وإلى جانب ذلك كله، تكمل المقاومة معركتها الأمنية، بإبقاء أسرى العدو في يدها، فيما يتمثل فشل الاحتلال الأكبر في تحقيق أي منجز سهل القياس لناحية استعادة هؤلاء، الذين تواصل المقاومة تأمينهم رغم أن العدو داس كل شبر في القطاع.