«لدينا أحلام كبيرة. لكن أحلامنا الآن أن نستشهد جسداً واحداً وليس أشلاء». هذه الجملة كانت الأخيرة التي غرّدتها الصحافية الفلسطينية آيات خضورة التي استُشهدت قبل أيام في قصف العدو الإسرائيلي على غزة. انضمت آيات إلى قافلة تضمّ أكثر من 130 صحافياً موزعين بين مصوّرين ومراسلين صحافيين استهدفهم الاحتلال منذ بداية عدوانه على القطاع في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. بعد مرور نحو 165 يوماً على العدوان، يواصل الكيان العبري تصفية الصحافيين الفلسطينيين واحداً تلو الآخر في محاولة لفرض تعتيم كامل على السردية الفلسطينية وصور الإبادة التي يرتكبها بحق سكّان القطاع.
يلقّب إسماعيل الغول بأنّه الصوت الصادح من شمال غزة

يرى بعض المتابعين بأن الوضع الإعلامي الحالي في غزة شديد الخطورة على حياة الصحافيين. تتزامن هذه المرحلة مع فشل العدو في تحقيق انتصارات عسكرية، فلجأ إلى الإعلام المطبّع والأطراف الداعمة له للعمل الممنهج على تشويه صورة المقاومة الفلسطينية والتحريض وزرع الفتنة. وقد بدأت تلك الخطة تتضح في الإعلام العربي واللبناني، آخرها تقرير lbci الذي قدمه مراسلها رواد طه بعنوان «حرب المجانين والمتطرفين دمرت غزة» الذي ساوى بين الجلاد والضحية. اللافت أن المحطة اللبنانية لم تقدّم اعتذاراً عن التقرير أو تشرح أسباب بثه (الأخبار 15/3/2024). أما المصوّر الفلسطيني معتز عزايزة الذي ترك غزة قبل أشهر، فقد دخل على الخطّ أيضاً، عبر تغريدة كتبها على منصة أكس حمّل فيها حركة «حماس» مسؤولية الوضع في غزة. على الضفة نفسها، يواصل العدو قتل وتهديد الصحافيين الذين قرّروا البقاء في غزة لنقل وقائع الإبادة. في الأسبوع الحالي، اعتقل مجموعة من الصحافيين داخل «مجمّع الشفاء الطبي» وصادر أجهزة بثّهم أوّلهم مراسل قناة «الجزيرة» إسماعيل الغول الذي تعرّض للسحل والضرب قبل إطلاق سراحه لاحقاً. وأطلّ الغول على الشاشة القطرية كاشفاً أن الاحتلال أبقاه وزملاءه من دون ملابس قرابة 12 ساعة مكبّلي الأيدي ومعصوبي الأعين. أما صباح الثلاثاء، فقد أعلنت المحطة القطرية عن اعتقال مراسلها محمود عليوة أثناء قيامه بعمله. وكان عليوة والغول قد ظهرا أخيراً داخل «مجمّع الشفاء الطبي» ونقلا صور الجرائم التي ارتُكبت بحقّ الفلسطينيين هناك. في هذا السياق، يعمل الصحافيون في غزة وسط ظروف إنسانية صعبة.
عمل ممنهج على تشويه صورة المقاومة والتحريض وزرع الفتنة

وبحسب المعلومات المتداولة، فإن العدو وضعهم أمام خيار إطفاء كاميراتهم أو استهدافهم بشكل مباشر، في محاولة منه لعزل غزة إعلامياً عن العالم نهائياً. بالتالي، فالصحافيون الغزيون أبطال حقيقيون لأنهم قرروا البقاء في الميدان ومواصلة عملهم في الدفاع عن شعبهم المقاوم، وكشف وقائع المحرقة التي يقوم بها الاحتلال بحقّهم، فيما يواجه صحافيّو الشمال تحديداً خطراً يومياً بتصفيتهم على يد العدو. من جانبه، يلقّب إسماعيل الغول مراسل «الجزيرة» بأنه الصوت الصادح من شمال غزة التي تشهد مجاعة وإبادة. وضمن مخطّط تصفية غزّة إعلامياً، يلاحظ المراقب لأداء «الجزيرة» في الأسابيع الماضية انطفاء الزخم في تغطية العدوان الإسرائيلي على القطاع، كأنّ القناة القطرية دخلت في مرحلة جديدة تطبيقاً للأجندة الأميركية والإسرائيلية التي تنص على تغيير بوصلة الحرب الإعلامية، فيما لا تزال تمارس سياسة الخبث لناحية استضافة محللين إسرائيليين والاستماع إلى وجهة نظرهم! أيضاً، لا يبدو أن مراسل «الجزيرة» وائل الدحدوح سيعود إلى غزة قريباً، بعدما انتقل إلى الدوحة في بداية العام الحالي لتلقي العلاج جراء إصابة تعرّض لها بعد استهداف العدو الإسرائيلي له ولزميله المصور الشهيد سامر أبو دقة (الأخبار 9/1/2024). وتلفت المعلومات لنا إلى أنّ الدحدوح استقر في الدوحة بطلب من القناة.