ليس خافياً على أي متابع أنه كثيراً ما جرى التشكيك بمواقف محور المقاومة وبياناته وتصريحاته من باب أنها «استهلاك إعلامي لا أكثر»، وتحديداً من أطراف وقوى معادية لنهج المقاومة أو طائفية بغيضة أو معادية لسوريا الوطن ومنحازة للعصابات التكفيرية، فقد كان المشكّكون يدّعون أنّ هذا المحور، وتحديداً حزب الله، لن يدخل المعركة يوماً ما. لكل ذلك وجدنا أنفسنا نسوق أعلاه سلسلة من الفعاليات والمواقف والتأكيدات حول دور المحور وحزب الله، علماً أن الحزب «أراحنا» من كل ذلك عملياً باستهدافه الدقيق للآليات الصهيونية على مدى يومين وإيقاعه الخسائر في صفوف المحتل الصهيوني، كأنه، بكل ما سقناه، مهّد لفعاليات المقاومة اللبنانية يومَي الثلاثاء والأربعاء.
كل فلسطيني مقاوم، أو داعم ومساند للمقاومة، بمختلف أشكال الدعم والمساندة، يتطلّع، كرغبة جارفة وثقة لا تتزعزع بمحور المقاومة، إلى دخول محور المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران المعركة، ليس فقط إسناداً للمقاومين في القطاع، وكفاً ليد الصهاينة المجرمين عن القيام بمجازرهم اليومية ضد شعبنا هناك، بل وأيضاً لتحويل المعركة إلى معركة تحرير تاريخية.
كل فلسطيني مقاوم، أو داعم ومساند للمقاومة، بمختلف أشكال الدعم والمساندة، يتطلّع، كرغبة جارفة وثقة لا تتزعزع بمحور المقاومة، إلى دخول محور المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران المعركة
إذا كانت هذه الرغبة مشروعة تماماً، ونعتقد أن كل أطراف المحور يفهمونها ويتفهّمونها، إلا أننا أيضاً نفهم ونتفهّم حسابات أطراف المحور، حساباتهم السياسية والعسكرية واللوجستية والتكتيكية، وهم هنا سادة القرار لا نحن، فرغباتنا المشروعة شيء والقرار العسكري، الاستراتيجي والتكتيكي، شيء آخر. ومع ذلك، يبدو أن الثلاثاء والأربعاء الماضيين أظهرا التدحرج الواضح لقرار المشاركة الفعلية لحزب الله في المعركة، وبالتالي يتحقق الاندغام بين الرغبة والقرار، بين الشعوب المتطلّعة لهزيمة المشروع الصهيوني وتحرير فلسطين وبين محورها المقاوِم.
لم يعد محور المقاومة بعد الثلاثاء والأربعاء بيانات واتصالات وتنسيقاً ودعماً لوجستياً، وربما توجيهياً وتدريبياً، بل غدا طرفاً مقاتلاً في تأكيد أن قضية فلسطين قضية عربية وإسلامية وليست فقط قضية فلسطينية، فخطر الاستعمار الصهيوني المجرم يهدّد كامل المنطقة وشعوبها، ما يستوجب وحدة كل قوى المقاومة فيها، وتسخير كل جهودها لدحره وتحرير فلسطين.
* كاتب فلسطيني وأسير سابق