لن يكون مفاجئاً الكشف لاحقاً عن تنسيق بين الرياض وتل أبيب عبر كوهين
من جهة أخرى، يسلّط فضح الزيارة الضوء على ما يجري بعيداً عن الإعلام بين الدول الخليجية وإسرائيل من نسجِ متسارع لعلاقات تطبيعية. كما يؤكد أن ما يتباهى به نتنياهو في هذا الإطار يستند إلى وقائع فعلية، وإن كانت الأطراف العرب المُطبّعون يحرصون على إخفائه. نموذج من ذلك ما يقول به النظام السعودي الذي لا يزال يتحاشى تظهير العلاقات مع العدو، لكن مواقفه في ما يتّصل بالقضايا الإقليمية، ومدى تطابقها مع الأولويات والسياسات الإسرائيلية، إضافة إلى التلميحات التي تصدر عن نتنياهو في شأن الرياض، كلّها تؤشر إلى المدى البعيد الذي قطعه التنسيق بين الطرفين، والذي لن يكون مفاجئاً الكشف عنه لاحقاً، علماً بأن كوهين تحديداً هو مَن يتولى إدارة العلاقات مع الدول التي لا توجد علاقات رسمية بينها وبين إسرائيل.
من جهة ثالثة، وفي ما يتعلّق بحدود الضغط الإسرائيلي على غزة، قدّم ليبرمان، نتنياهو، كَمَن يحاول شراء الهدوء مع القطاع، ولو عبر سعيه إلى منع حدوث انهيار تامّ هناك، وهو ما أراد ليبرمان تسليط الضوء عليه لكونه يظهر إسرائيل كـ«دولة مردوعة» في ظلّ قيادة نتنياهو وسياساته. وتظهر زيارة رئيس «الموساد» إلى قطر الأداء «الدقيق» لحكومة نتنياهو إزاء غزة، ومخاوفها من أن تؤدّي سياسة الخنق إلى تدهور كبير ينعكس على الداخل الإسرائيلي. وانطلاقاً من تلك الاعتبارات، عبّر نتنياهو عن دهشته ممّا وصفه «مسّاً بأمن الدولة لأغراض سياسية» من قِبَل ليبرمان، ورأى أن «هذا الشخص قرّر أن يفعل كلّ شيء من أجل إسقاطي والليكود من الحكم». وفي الإطار نفسه أتى انتقاد وزير الخارجية، الذي اعتبر أن كلام وزير الأمن الأسبق يعبّر عن «استهتاره بمصالح إسرائيل»، مُذكّراً بأن الاتصالات مع الدوحة جرت أيضاً عندما كان ليبرمان وزير أمن، وفي أمور «أكثر عمقاً لها علاقة بالفلسطينيين لا أستطيع أن أفصّلها». وبرّر كاتس إخفاء الزيارة بأنه لم تكن هناك حاجة إلى الإعلان عن سفر كوهين وقائد المنطقة الجنوبية، اللواء هرتسي هليفي، إلى قطر، لأنه «ليس هناك سرّ». وقال: «قطر هي الدولة الأقلّ ترشّحاً لتوقيع اتفاق عدم القتال مع إسرائيل الذي أعمل عليه مع دول الخليج، إضافة إلى أنها وسيط ما بحكم علاقاتها مع الفلسطينيين... علاقاتها لم تبدأ بعد أن ترك ليبرمان وزارة الأمن، بل كانت عميقة، والموساد هو مَن يقيم علاقات مع دول ليست لدينا علاقات دبلوماسية معها».