لأهالي قرية العراقيب الواقعة في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة، حكاية صمود أسطورية. منذ عام 2010 حتى اليوم هُدمت القرية 135 مرّة، وأعيد بناؤها بعدد المرات التي هُدمت فيها! فضلاً عن قتل ماشيتها وتسميم ثروتها الزراعية بمبيدات عمدت سلطات الاحتلال إلى رشّها بين فترة وأخرى. وبرغم امتلاك سكانها الأصليين سندات ملكية تعود للحكم العثماني على فلسطين، ومن بعده الانتداب البريطاني، ومن ثم سندات ملكية وفق القانون الاسرائيلي، إلا أن سلطات الاحتلال لا تعترف بذلك، وتريد تهجيرهم وإخلاء قريتهم بالقوة، من أجل إنشاء مستوطنة على أراضيهم.
آخر المستجدات في القضية، رد المحكمة «العليا» الإسرائيلية على طلب الاستئناف الذي تقدم به شحدة ابن بري، محامي شيخ العراقيب صياح الطوري، بإبقاء عقوبة السجن عشرة أشهر، وغرامة ماليّة قدرها 10 آلاف دولار أميركي، فرضتها المحكمة في مدينة بئر السبع قبل أشهر على الشيخ.
وفي تبرير رفض الاستئناف ردّت «العليا» بالقول إن «صيّاح الطوري، خالف القانون وارتكب جرماً يشتمل على الغزو المتكرر للأراضي التي أخليت لغرض البناء السكني، متجاهلاً بذلك قرار المحاكم في هذه القضية بما يتجاوز الاحتجاج الشرعي لتبرير إذنٍ بالاستئناف في قضيته».
أمّا الشيخ السبعيني، وفي رسالة صوتية لـ«الأخبار»، فقد قال: «نواجه دولة عنصرية تريد تهجيرنا بالقوة، لقد اعتدنا على الجرافات الإسرائيلية تهدم قرانا وبيوتنا وليس فقط في النقب».
الشيخ اعتبر أن هناك «حرباً ضروساً تخوضها إسرائيل ضدنا منذ أكثر من 20 عاماً في أروقة القضاء، وبرغم ذلك لم نتنازل ونحن باقون هُنا كما بقي وصمد أجدادنا وآباؤنا»، واصفاً قرار المحكمة بـ«التعسفي والعنصري وغير القانوني... أنا مستعد للسجن ولكن لا أنا ولا أهل قريتي يمكن أن نتنازل عن ذرة تراب واحدة من هذه الأرض».
اعتبر الشيخ أن هناك «حرباً ضروساً تخوضها إسرائيل ضدنا منذ أكثر من 20 عاماً» (من الويب)

أمّا عزيز العراقيب، وهو أحد سكان القرية، فرأى في حديثه لـ«الأخبار» أن قرار «العليا» هو «قرار عنصري ضد شيخ كبير جلّ ما فعله أنه ناضل من أجل البقاء، ومن أجل حقوقه وحقوق أهل قريته... هذا قرار جائر بحق كل فلسطيني يعيش داخل الأرض المحتلة عام 1948، في دولة تدعي الديموقراطية وهي أبعد ما يكون عنها».
وتعود القضية إلى قرار اتخذته المحكمة المركزية، في شهر آب الماضي، ضد العراقيب وضد الطوري، إذ أعلنت أنها ستقرّر لاحقاً الإخلاء الكامل والفوري للقرية، وقبول طلب النيابة العامة بسجن الشيخ الطوري لمدة 10 أشهر، ودفع الغرامة المالية.
والحكم الصادر بحق الطوري يأتي بعد عقود من النضال يخوضها أهالي القرية؛ في حين يواجه الشيخ 40 تهمة تتعلق بعضها بـ«الاعتداء على أراضي الدولة»، وأخرى بـ«اقتحام أرض عامة خلافاً للقانون الإسرائيلي»، و«تشويش وخرق أوامر القضاء».
القناة «السابعة» الإسرائيلية نقلت عن مدير جمعيّة «ريغافيم» الاستيطانية، التي تنشط في الجليل والمثلث والنقب، عميحاي يوغاف، قوله: «نرحب بقرار سجن الشيخ الذي استولى على أراضي الدولة»، زاعماً أن القرية التي واجهت الإخلاء والهدم 135 مرّة باتت رمزاً «للغزو البدوي لأراضي النقب، والذي يهدف إلى الاستفادة من مقدرات الدولة على أرض لم تكن يوماً ملكاً لهم».