تدخّل أصحاب النفوذ وتفاصيل التزوير
وردنا من الأميرة السعودية سارة بنت طلال بن عبد العزيز، المقيمة في لندن، تعليقاً على مقال نشر في «الأخبار» (عدد 18 الجاري 2011) بعنوان «لبنان مسرح قضائي لخلافات العائلة الملكية السعودية»، الرد الآتي، تحت عنوان «دفعاً لسوء الفهم وبياناً للحقيقة»:

«لم أكن أرغب أبداً في أن تصل المشكلة القائمة بيني وبين شقيقي (الأمير تركي) إلى أيّ ساحة قضاء أو فضّ تنازع، فضلاً عن أن تخرج إلى بلد آخر غير بلدنا، وبذلت جهدي وتحمّلت كثيراً من أجل أن أحتوي القضية، وجاملت أطرافاً عديدة، لكنني وجدت نفسي مضطرة إلى أن تصل القضية إلى ما وصلت إليه.
القضية التي بيني وبين شقيقي، والتي لها أكثر من سنة ونصف سنة، هي قضية إرث بسيطة ومباشرة ليس فيها ما يدعو إلى اللجوء إلى القضاء أصلاً، لولا تدخّل أطراف من أصحاب النفوذ وحشر مسائل كثيرة كان يستحيل حشرها لو كان القاضي (السعودي) مستقلاً ونزيهاً.
وبعدما تبيّن لي أن القاضي المكلف بتسوية القضية يحقّق مراد الذين تدخّلوا من أصحاب النفوذ على حساب العدل في هذه القضية، حرصت من جهتي على أن أبقى في إطار وسائل التظلّم المحلية، وكذلك في إطار احترام العائلة، وتقدمت بالتظلم إلى وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى (السعوديين) وتظلّمت لدى النائب الثاني وخادم الحرمين الشريفين. وتوقعت أن التظلم سيؤدي إلى تغيير القاضي، أو إلى تحويل القضية إلى الاستئناف، لكن ما حصل هو إعطاء المزيد من السلطة للقاضي، الذي استرخى في تصرفات لا تليق بالقضاء ولا بمفهوم العدل. ولعل السرية الكاملة لتي أحاطت بالمحاكمة في السعودية كان لها سلبيات وإيجابيات، فمن منظور الإيجابيات أن يأخذ كل صاحب حق حقه، لكن حين اتجهت الأمور نحو الخداع والغش وصلنا إلى طريق مسدود. وأحب أن أنوّه هنا بأنني كنت أُحيط وزارة الداخلية السعودية بكل التفاصيل، وأيضاً وزير الخارجية السعودي في مرحلة لاحقة، لكن للأسف شقيقي الأمير تركي هو من بدأ برفع الدعاوى خارج المملكة ضدي من غير علمي، حيث تبيّن لاحقاً أنه استخدم وثائق مزوّرة في مصر ولبنان ودولة أوروبية للاستيلاء على حصصي الإرثية الشرعية، عندئذ أحسست أنني دخلت في مرحلة خطرة، وفي صميم التلاعب بقوانين هذه الدول للوصول الى الاستيلاء الكامل على حصصي الإرثية، إضافةً الى ما هو مسجل قانوناً باسمي حسب حصر الإرث المنفّذ في الدول المذكورة أعلاه. وللأسف لقد تجرأ شقيقي الأمير تركي على الدخول على المحظور شرعاً، وأقدم على تقديم دعوى لإبطال حصر إرث شرعي صادر عن محكمة جدّة الكبرى.
ولأن الإرث يشتمل على ممتلكات منقولة وغير منقولة في السعودية ولبنان ومصر وسويسرا ودول أخرى، فقد اضطررت ـــــ بعدما خـُذلت في بلدي ـــــ إلى أن أسعى إلى أخذ حصتي من الإرث من خلال قضاء تلك البلدان. وحين أحس خصمي والقاضي الذي معه أن لجوئي إلى القضاء خارج المملكة (الذي سبقني إليه شقيقي تركي ووضعني أمام الأمر الواقع للدفاع عن نفسي) سحب البساط من تحت أرجلهما لجآ إلى حيل كثيرة، من بينها التزوير، ومن بينها محاولة الضغط على جهات قضائية وعدلية في مصر ولبنان بوسائل غير مشروعة سوف تظهر تفاصيلها في بيانات لاحقة. فالموضوع لم يعد قضية إرث فقط، بل وصل إلى حد التعدي على الشرع الإسلامي وتعاليمه، وذلك بانتهاك حقوقي كمسلمة لها ذمّتها المالية، حيث لا أحد يستطيع إبطالها.
لم أشأ في بياني هذا أن أشير إلى تفاصيل تحوُّل القاضي إلى محام للطرف الآخر، ولا إلى تفاصيل التزوير الذي قام به القاضي نفسه دون ردع من النظام القضائي في المملكة، ولا إلى محاولة ابتزازي شخصياً وتهديدي بوسائل أمتلك عليها أدلة مسجلة ومصوّرة ستقدَّم إلى القضاء في تلك الدول لبيان حقيقة ما أقدما عليه وخطورته بإقرارهما، وأردت أن أصدر هذا البيان لمجرد إيضاح سبب لجوئي إلى القضاء خارج المملكة العربية السعودية، حتى لا يكون هناك أية تأويلات خاطئة بحقي، وحتى لا يُعدّ صمتي ضعفاًَ.
وأتمنى أن يجري احتواء المشكلة بأسرع ما يمكن حتى لا أضطر دفاعاً عن سمعتي إلى أن أنشر بقية التجاوزات التي صدرت عن القاضي، والتي لا تليق بقاض، ولا يصلح أن يسمح بها جهاز قضائي في أيّ مكان في العالم، فضلاً عن دولة تقول إن قضاءها مبني على الشريعة الإسلامية. وختاماً أؤكد حرصي على سمعة المملكة وقضائها الشرعي، وعلى العائلة المالكة وتماسكها، وأتمنى أن يسير شقيقي الأمير تركي على نفس النهج واحترام عادات المملكة وتقاليدها، لا أن يقدم على التشهير بها في أكثر من دولة».
الأميرة سارة بنت طلال بن عبد العزيز