نشرت «الأخبار» مقالة للكاتب والأستاذ الجامعي خريستو المر، بعنوان «الله ومآسي الإنسان»، ونعقب بالقول إن الشر والخير عنوانان تنازعا وجود الإنسان منذ بداية الخلق واستقرا في وجدانه واستفزا عقله، فلا يتصورُ أحدٌ ما أن الشرور أو المآسي التي تنتج من زلازل وبراكين وأوبئة وأمراض وموت وشيخوخة قد تستوعبها معالجة أو معالجات بعينها. إنها قصة طويلة ومعقدة وستبقى كذلك مفتوحة على كل القراءات والتأويلات والمقاربات من دينية وغير دينية بغية استيعاب ما يحصل من تبعات، إن وقعها ثقيل على كاهل البشرية.ما هو أشد فتكاً من الشر هو العجز عن إماطة اللثام عنه كليةً وفهمه بدقة وتفسيره بما تركن إليه النفس المكلومة.
ونحن لا نزال نحيا في أجواء ما خلفه زلزال تركيا وسوريا وما نتج منه من ضحايا ودمار نقول إن الشر تاريخياً تحدثت عنه الشعوب القديمة ومر ملياً في مقارباتها ودغدغ مخيلتها واستفزها وهو ما نراه في أدبياتها وملاحمها الدينية والأدبية محاولة أن تجد له تفسيراً.
فها هم السومريون كان لديهم ما يرمز إلى الخير والشر كثنائية متصارعه على الدوام فعندهم «آنزو» رمز الشر و«ننورتا» رمز الخير.
من تمثلات الشعوب القديمة أيضاً للشر نجد أن المصريين القدامى عبروا بـ«الإسفت» عن مجموع الشرور والظلم والفساد والعدوان وهو ما تداولته نصوص الأهرام (المتون الدينية المصرية القديمة).
قدامى الإيرانيين يتماثلون مع قدامى المصريين في التقسيم إلى خير وشر (مع ماني وزرادشت ومزدك)، إذ توجد نصوص إيرانية قديمة تدّعي أن زرادشت ترقى في الاستقامة والفكر حتى نزل عليه الوحي وقاده إلى السماء وهناك تلقى مزديسنا (الرسالة) دين أهورامزدا (فارس عثمان، زرادشت والديانة الزرادشتية، دار المحبة دمشق 2003 ص 22).
في اليهودية، وتحديداً في سفر التكوين، نجد أجوبة على أسئلة البدايات التي شغلت ذهن الإنسان فإله التوراة (يهوه) حين رأى النور اعتبره حسناً ونقيضه أي الظلمة قبيحه ومن هنا نشأت التقسيمات بين خير وشر، فالشر في سفر التكوين بمعنى الهلاك للإنسان، وقد ورد في خطاب لوط لأصهاره: «قوموا اخرجوا من هذا المكان، لأن الرب مهلك المدينة» (التكوين 19/14). فتسليط الشر على المدينة نتيجة الإثم الأخلاقي في ارتكاب فاحشة اللواط كما في النص التوراتي وكذلك الحال مع معاناة أبي النبي يوسف يعقوب وفقده لولده وممارسات أبنائه الخاطئة.
في المسيحية، نقرأ في الإنجيل: «لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل» (متى: 5/ 17)، وفي أعمال الرسل نعثر على مصطلح الخطيئة الناجمة عن انحراف الإنسان الأول، فالخطيئة متلبسة بالشر، بل هي أخطر الشرور، وقد عرّف معجم اللاهوت الكتابي الخير والشر على النحو التالي: «يدعى خيراً كل ما يسبب السعادة أو يسهل الحياة في الصعيد الجسدي أو السيكولوجي وعلى العكس من ذلك كل ما يؤدي إلى المرض أو الألم بجميع أشكاله وبالأخص إلى الموت هو شر» (كزافييه ليون دوفور، معجم اللاهوت الكتابي ط 2، 1986، دار المشرق بيروت ص 334).
نأتي إلى كتابات اللاهوتي المتفلسف القديس أوغسطين (تـ 430 م) وما فيها من نسبة العقاب إلى الله جراء الخطايا البشرية حيث يقول إن الأصل هو الخير غير أن الإنسان تمرد وكانت الخطيئة والشر فنال من الرب العقاب العادل بنظره: «لقد خلق الله الإنسان سليماً مستقيماً لأنه خالق الطبيعة من دون الألم، ولكن الإنسان قد خطئ بحريته فعوقب بعدل» («مدينة الله»، نقله إلى العربية الأسقف يوحنا الحلو ط2، 2007 دار المشرق بيروت ج2 ص 126).
من جهته، رفض توما الأكويني (تـ 1274 م) فكرة أن غياب الخير بالضرورة هو الشر وأن الأصل يكون بذلك الخير في الوجود ويكون الشر حادثاً أو فرعاً ناتجاً من حرمان ما (توما الأكويني، الخلاصة اللاهوتية، ترجمه عن اللاتينية الخوري بولس عواد، ط1، 1891، المطبعة الأدبية بيروت، مج 1 ص 62-68). واعتبر الأكويني أن الشيطان مصدر الشر قبل وجود الإنسان من خلال مخالفته لوصايا الرب، فقد دفعت الشياطين الإنسان إلى ارتكاب الشرور قياساً على حادثة شجرة المعرفة في سردية الحية والمرأة، فالخطيئة هي الشر المحض.
في الإسلام، كان التوحيد القائم على التنزيه المطلق والتام للذات الإلهية عن كل نقص وخطأ وزلل العامل الأساسي والمحرك الفعلي في صوغ مقولات الشرور في الفكر الإسلامي وترك آثاره الواضحة على مقاربات الفرق الكلامية الإسلامية.
فهذا القاضي عبد الجبار المعتزلي (تـ 415 هـ) في مبحث التوحيد يقول: «فإن قيل فما الدليل على أن الله تعالى لا يفعل القبيح؟ قيل له لأنه عالم بقبح القبائح كلها، ونعلم أنه غني عنها ولا حاجة له إليها» (القاضي عبد الجبار، الأصول الخمسة، تحقيق وتقديم فيصل بدير عون ط1 1998 الكويت، ص 76). مع ذلك قبل إضافة الشر إلى الله مجازاً لا حقيقةً وهذا بذاته يحتاج إلى توقف دقيق. وافق بعض أعلام المعتزلة، وشيخهم في القرن الثاني الهجري أبو إسحاق النظام، المعتزلةَ في مسائلهم، وانفرد الأخير عنهم بمسائل أخرى، منها: إن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشر والمعاصي، وقال المعتزلة هو قادر عليها لكنه لا يفعلها لقبحها.
إنّ نفي القبح عن الله هو نفي للشر عنه وهو ما أخذه الشيخ المفيد (تـ 413 هـ) قال: «والله تعالى متعالٍ عن خلق الفواحش والقبائح على كل حال» (تصحيح اعتقادات الإمامية، ص 43).
نرى في المسيحية رفعٌ من شأنية مقولة الشر عبر تقديم المسيح قرباناً وفداءً لتخليص البشرية من أثرها، أما في الإسلام نجد تقليلاً من شأنية هذه المقولة باعتبارها فرعاً عن القبح مع المراهنة على إرادة الإنسان الخيرة وحميته للتخفيف من آثارها.
منهم من قال إن الشر قد يتمخض عنه خير عظيم والخير العظيم يبرر أحياناً وجود الشر، فالله عالم أن هذا الشر إما أن يؤدي إلى خير أعظم منه أو يحول دون حدوث شر أكبر منه، فالارتباط لازم شرطي وضروري بين وجود الخير والشر. وبحسب نظرية العدالة الإلهية (ثيوديسيا) مثلاً فإنه من الضروري وجود الشر بطريقة ما من أجل وجود الخير نفسه.
من جهة أخرى، إذا منع الله الكائنات من فعل الشر لن تكون حرة مختارة، فإمكان وقوع الشرور في هذا العالم أمرٌ لا يمكن اجتنابه، فعالم واجد للخير الأخلاقي مثلاً وفي الوقت عينه فاقد للشر الأخلاقي والاجتماعي لا ينسجم مع طبيعة هذا العالم وتركيبته ونظامه الذي نحيا بظله، وإلا سيلزم أن يكون عالماً مثالياً وينتج من ذلك أن يحصل خلل لجهة عالم الآخرة من الحساب والثواب والعقاب وعلى أي أساس سيكون كل ذلك؟ فالله وفق المنطق الإيماني وضع الإنسان أمام التجربة الصعبة وخاطبه من قاعدة الألوهية المهيمنة عليه {لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}(يونس: 14) وكيف يتفاعل مع هذا النداء، وكيف يواجه الموقف على أساس المصير المحتوم وعلى أساس اختياره وإرادته الحرة؟
أثيرت تساؤلات كثيرة حول قدرة الله وعلمه وإرادته وعدم تدخله المباشر في منع تلك الشرور الطبيعية منها والاجتماعية والأخلاقية وكيف ينسجم ذلك مع ما نراه من ظلم ووقوع ضحايا أبرياء مع عدل الله وخيرته المحضة؟ وأجيب بأنه من الممكن أن يشتمل هذا العالم على الشرور وفي الوقت ذاته تنسجم هذه الشرور مع وجود الله العالم القادر المطلق والخير المحض.
هناك وجهة نظر ترى أن الشر مفهوم اعتباري إنساني، فالزلازل نفسها إذا حصلت في مكان ما ولم تؤد إلى وقوع قتلى وخسائر هي خير للطبيعة نفسها، أما إذا أدت إلى قتلى وخسائر فهي شر وهي خير للطبيعة نفسها إذا أولنا القضية على أساس جيولوجي حيث الطبيعة تتنفس وتتقلب في أطوارها كونها تخضع لقوانين معينة تحكمها في عالم مخلوق حادث وناقص ومضطرب.
فالخير والشر مفهومان متعلقان بالإنسان ذاته على المستوى النفسي والاجتماعي ولا علاقة لهما بالله تعالى البتة فالخير والشر من نواتج التقاء الضمير بالعالم الطبيعي إن صح التعبير.
فلسفياً، لنأخذ هيغل كمثال، فعنده ليس الشر ذو صفة أخلاقية واجتماعية وله علاقة بالطبيعة البشرية، بل الشر له وظيفة فلسفية لها دورها وحدودها وشروطها التي هي فوق البشرية وتصبح وسيلة مستخدمة من روح العالم (الله) من أجل تحقيق غايته الكونية بأن يُدرك ويتجلى على حقيقته كعقل محض، فدور الإنسان محصور في تحقيقه تجليات العقل المطلق في العالم الملموس. من هنا فالشر عنده لم يعد مرتبطاً ببعدٍ اجتماعي أخلاقي بشري، أو ببعدٍ لاهوتي ديني، لا، إن الشر ذو بعد فلسفي ضروري له وظيفة ميتافيزيقية في تحقيق تجليات العقل المطلق في العالم المادي.
حاول علماء معاصرون مقاربة الموضوع بطريقة ما وتخريجه بحسب فهمهم للقضية من خلفيات دينية، فالمرجع السيد محمد حسين فضل الله يرى أن الآفات الطبيعية ليست عقاباً أو عذاباً، فالموت مثلاً مأساة يومية ونحن نموت بالمفرق وهناك أطفال وشباب يموتون، وإنما لهذا الكون سنن وقوانين مودعة في كل ظواهره وأن هذا العالم ناقص ومحدود ومن الطبيعي أن تنتج بعض الظواهر سلبيات من فيضانات وغيرها، فلا إمكان لوجود كون بلا سلبيات، فالمادة بذاتها لا تتحمل من دون ذلك. وليس معناه أن الله لا قدرة له على خلق عالم مثالي كامل، فالله أجرى كل شيء بحكمة ولا نستطيع كبشر اكتشاف الأمور مرة واحدة من دون دراستها من كل الزوايا.
يرى سماحة السيد موسى الصدر، من جانبه، أن الظواهر الطبيعية، ومنها الزلازل والبراكين وغيرها، تجري وفق نواميس الطبيعة والكون، ومن الطبيعي وقوع ضحايا وأبرياء لا ذنب لهم إلا أنهم هم قد اختارهم الله تعالى ليكونوا قرباناً وشهداء عن البشرية جمعاء، والله سيجازيهم خيراً أكبر في الآخرة، فهم لا بد وأن يكونوا حافزاً ودافعاً نحو أن تتحرك البشرية أكثر لاكتشاف قوانين هذه الظواهر الطبيعية ودراستها وفهمها والحد من آثارها، وربما في النهاية قد تتوقى نتائجها الضارة.
في سورة «الكهف» نجد حوادث جرت مع نبي الله موسى وفتاه يوشع يذكرها القرآن الكريم نستعرضها لتقول لنا بالنهاية إنَّ هناك أموراً قد لا يتسنى للإنسان معرفة خفاياها وقد يكون ظاهرها شراً وهي تحتوي على خير عظيم لا بد من تحققه على المستوى الكلي العام:
(فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا(66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا(67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا(69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا(70) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا(71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا(72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا(73) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا(75) قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا(76) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا(77) قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا(78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا(79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا(80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا(81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82)).
فما أنكرته وعارضته أيها الإنسان ولو كنت نبياً عليك الانتفاع من دروسه ولا بد لك من عدم التسرع والحكم على الأشياء بقول مطلق، وأنت محدود لا تعرف منه إلا وجهه الظاهر، بل لا بد من النظر إلى الشيء من جميع جهاته، فإن لكل ظاهر باطناً قد يكون على مثاله، وقد يكون على الضد منه على حد تعبير العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.
إنّ قضايا من هذا العيار الثقيل فكرياً لا يمكن فهمها واختصارها في مقالة أو دراسة، إنها قصة الإنسان الكبرى والمعقدة مع هذا الوجود الواسع والغني بظواهره وحوادثه التي نعلمها ونجهلها في آن، والتي قد نعلم منها جزءاً يسيراً وربما مع الوقت تزداد معرفتنا عنها.
مع ذلك، فالإنسان هو مخلوق عاطفي لا يمكن له إلا أن يعتصر ألماً على فقد الأحبة أو غيرهم من جنسه بغض النظر عن كل شيء آخر، فلروح كل الضحايا التحية والسلام والرضوان. يبقى السؤال هل عدم فهمنا للسبب الحقيقي الكامن وراء وجود الشر يقتضي بالضرورة نفي معقولية الإيمان بالله من الأساس كما يحلو للبعض مثلاً من ملحدين وغيرهم؟ هناك أمور لا نفهمها، حتى معرفتنا لأنفسنا، على وجه الدقة، فالإنسان هو بنفسه على حدِّ قول محي الدين ابن عربي: «الطلسم الأعظم والقربان الأكرم، الجامع لخصائص العالم».

* أكاديمي وحوزوي