تمّوز قنيزح*


نبيل العلم: بيروت احتفت بـالبطل الممنوع | ملك «إسرائيل» أرييل شارون شهد لك يا نبيل العلم وشهد للحبيب صاغراً، أنكما قد صرعتما التنين وأسقطتما المشروع الاسرائيلي بالضربة القاضية وقال حرفياً: «حين تلقيت الخبر، أدركت أنّ كل ما بنيناه في لبنان قد انهار وأندثـر». وهذه العملية قد توّجت ضرباتك السابقة التي قمت بها بصمت وكتمان، وبعضها في قلب كيان العدو.

ولأنك لا تبغي مجداً شخصياً بل ترنو لمجد الأمّة، ولأنك آمنت بأنّ دماءك هي مُلكٌ للأمة متى طلبتها وجدتها، فلم تتردّد أيها القائد المقاوم في اتخاذ القرار الحاسم. عملت بعزيمة وإرادة، وقرارك كان كسر إرادة العدوّ وغسل عار العملاء، الذين لا يعرفون العار لأنهم لا يعرفون الشرف.
كان يراد لهذا المشروع أن يسود الأمة بدءاً من لبنان، وتسود معه ثقافة تبرير العمالة، التي لا تزال تعشّش في رؤوس بعض أهل النظام الطائفيّ يغذّيها من عفنه وتوازناته. فإذا بالأسباب التخفيفية للعملاء اليوم تكاد تلامس المكافأة، وإذا بالملاحقة للأبطال المقاومين الشرفاء تكاد تلامس الإدانة. حتى وصلت الكنيسة إلى أن تميّز بين أبنائها. هي تمنع إقامة قدّاس وجنّاز لراحة نفس المقاوم نبيل العلم، وترسل رقيماً بطريركياً في تشييع العميل عقل هاشم.
سايكس - بيكو قامت على مبدأ تفكيك الوحدة السياسية للأمّة، من خلال كيانات ملغومة عاجزة تحكمها تحالفات إقطاعية طائفيّة، وتركيبات تجاريّة لخلق المناخ المناسب لقيام الكيان الصهيوني، الذي يعزّز تفوّقه العسكري ليفرض سلمه.
لكنّ المقاومة الوطنية اللّبنانية التي انطلقت من حاصبيّا، ثم أنتما زخّمتماها، تدرّجت من الويمبي وبسترس مروراً بوجدي وسناء ولولا والحاج عماد مع سائر الأبطال والاستشهاديين، استكملت التحرير عام 2000، وانتصرت عام 2006. في معادلة دفعت بالعدو ورعاته الى اعتماد الخطة البديلة بعد تفتيت الوحدة السياسية، فجاء دور تفتيت وحدة الرابطة الاجتماعية. وكان لا بدّ من اللجوء إلى «عولمة الرعب».
أمتنا رفضت وترفض الاستسلام لليأس والتسليم بالأمر المفعول. لقد حاول أعداؤنا منذ عقود كسر إرادتها. وهذه المحاولات لم ولن تتوقف، بل إنها تزداد شراسة ووحشية وبربرية وتسارعاً. لكننا ملاقون أعظم انتصار لأعظم صبر في التاريخ.
تتعرّض كل كياناتنا السورية منذ أكثر من عقد إلى حرب إبادة حقيقية، ابتداءً باحتلال العراق عام 2003، مروراً بالقرار 1559 واغتيال الرئيس الحريري، ثم عدوان تمّوز، ثم العدوانين على غزّة، والحرب المستمرة على الشام، وحديثاً في العراق وأخيراً وليس آخراً غزّة مجدّداً... وما يجري يومياً على أرض فلسطين.
التسويات السياسية الطائفية أثبتت عقمها في كل كياناتنا، وأدّت إلى الويل والدمار في أمتنا. علينا أن نهزم المشروع الصهيوني في الداخل حتى نحقق كياناً موحّداً وأمةً موحّدةً وكتاب تاريخٍ موحّد... علينا أن نقيم الدولة المدنية القوية القادرة العادلة التي تجمع ولا تفرّق، ونبني دولة المواطنة والحرية والمساواة.
لقد أسقط الأعداء اليوم حدود سايكس – بيكو بقصد التفتيت، والرد يكون بإطلاق وحدة الهلال السوري الخصيب، الذي يلتقي ويتكامل مع المقاومة. فلنبادر فوراً إلى توحيد كل قوانا الحيّة. ولا بدّ لنا من إطلاق المقاومة القومية الجامعة، حتى تحرير كامل الأرض وإطلاق نهضة شاملة وإقامة نظام جديد. إمّا أن «نعمل وننتصر... أو نزول».
اذا كانت الخطة الاعلامية المحكمة والممولة بسخاء عزّ نظيره قد ساهمت في تحضير المسرح، فإن السياسات الاقتصادية الاجتماعيّة المتّبعة واستشراء الفساد أكملت المهمّة الشيطانيّة بإفقار الأرياف وأحزمة المدن البائسة فإذا الجوع كافر ومكفّر يستغلّه شياطين فتاوى التكفير البائسة.
وإذا كانت المقاومة هي الرد على الاحتلال ومشروع السلم الاسرائيلي، فإنّ وحدة القوى الوطنية والقومية والمقاومة على قاعدة مشروع قومي وحدوي هي الردّ على تفكيك وتفجير الوحدة الاجتماعيّة.
لذا فإننا في مبادرة وحدة السوريين القوميين الاجتماعيين، ندعو ليس فقط الى وحدة القوميين، بل ندعو الى وحدة قوميّة في جبهة جامعة للقوى المقاومة بكل أشكالها. وندعو إلى أوسع تحرك لنصرة فلسطين التي تتصاعد فيها المواجهات الآن وسط صمت عربي مريب ومدان.
أيها الأمين، أيّها الغائب الحاضر، صحيحٌ أنّ المرض العضال قد نال منك وغيّبك عنا، لكنك أنت باقٍ في عقولنا مقيمٌ في قلوبنا وخالدٌ في ذاكرتنا، من خلال سيرتك وبطولتك. نحن قومٌ لا ننسى أبطالنا بل نكرّمهم ونفتخر بهم، ونرفع رؤوسنا بمآثرهم ونلتزم نهجهم. ونعدك أننا سوف نقطع كل يد تمتدّ للتعامل مع العدو، ولا مكان للعملاء في بلادنا.
نعاهدك يا زعيمنا، ونحن نحيي الذكرى الخامسة والستين لاستشهادك، أن ننهي معاناة أمتنا مهما طالت. ونستلهم من يوم الفداء البطولة، ونؤكّد لك أنّ فينا قوّة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ، وهي فعلت وسوف تفعل. في الختام كل الشكر لكم جميعاً، باسم مبادرة وحدة السوريين القوميين الاجتماعيين.

* كلمة «مبادرة وحدة السوريين القوميين الاجتماعيين»