لم يعد مقبولاً ترك الأمور على ما هي عليه بالنسبة إلى علاقة الدولة المركزية مع البلديات. مضى عام 2021، وسبقته خمس سنوات من عمر المجالس البلدية، ونحن في صراع البحث والسؤال «أين الدولة من العمل البلدي؟».أثقلت السنوات الماضية العمل البلدي بهموم ومسؤوليات تفوق قدرات البلديات، مالياً وإدارياً ولوجستياً وقانونياً.
في جردة سريعة، يمكن أن نستذكر أزمات النفايات من جمع وكنس، وإضرابات المتعهّدين، وعمال الشركات ودفعاتها، المياه وانقطاعها وصيانة الشبكات، الكهرباء من صيانة للمحطات ومتابعة رفع التعديات، الاشتراكات ومتابعة توزيع المازوت ومراقبة الأسعار والعدّادات والمخالفات، أزمة البنزين والمحطات، الطحين والأفران، المواد الغذائية من مراقبة سلامة الغذاء إلى الرقابة على الأسعار، الدواء وفقدانه والسعي إلى البدائل، الإنارة العامة وصيانتها، الطرقات العامة والسلامة المرورية، «كورونا» وإجراءاتها من إقفال ومتابعة المصابين ومراكز الحجر وصولاً إلى حملات التلقيح... وصولاً إلى أزمة سعر الصرف التي أطاحت بما تبقّى من احتياطي لمشاريع لن ترى النور إلا بمعجزة تعيد إلى الليرة اللبنانية قيمتها السابقة. وهذا كله انعكس على الصعيدين الأمني والاجتماعي، كزيادة أعمال السرقة وبروز حالات تعاطي المخدّرات وترويجها، وازدياد التوتر والضغوط الاجتماعية والنفسية...
كل ذلك يدعو للسؤال: متى نرى الدولة وأجهزتها أمامنا وليس خلفنا، أو نبحث عنها فلا نراها، أو نراها غارقة في السياسة ووحولها بعيداً عن هذه الهموم؟
خلال الأشهر الماضية، سعت معظم البلديات لسدّ بعض الفجوات في هذا المركب. لكنّ كل المؤشرات تقودنا إلى أننا على طريق الغرق، خصوصاً في ظل الموازنة التي تُبحث اليوم، وتغفل عن هموم البلديات وعن اتخاذ قرارات «غير شعبية» لزيادة وارداتها على أبواب الانتخابات، فيما تُمعن من جهة أخرى في «تشليح» المواطن ما تبقّى في حوزته.
ما تحاول فعله المجالس البلدية اليوم هو تأخير هذا الغرق في انتظار أن تستفيق الدولة العادلة والمسؤولة عن بلدياتها ومواطنيها. والسؤال هنا: متى تجلس الحكومة ووزراؤها للاستماع إلى رؤساء البلديات واتحاداتها؟

* رئيس بلدية الغبيري