شكّا «محمية الكسارات» مَن يحميها من الشركات؟
استوقفني تصريح معالي وزير البيئة الأستاذ محمد رحال، بأن حماية الغابات من الحريق تكون باستحداث محميات طبيعية، وهذا صحيح، وهو مشكور لأنه سمع نداءنا واستدعى ممثلي شركات الإسمنت وتكلم معهم عن الانبعاثات السامة. واستوقفني قبله كلام معالي وزير الداخلية الأستاذ زياد بارود عن أن في لبنان سبعمئة كسارة تعمل على كل الأراضي اللبنانية. هذا صحيح، لكن ما هو غريب أنه لا أحد يأتي على ذكر كسارات شركات الإسمنت في شكا غير المرخصة ومقالعها غير المصنفة، وهي الأوسع والأكبر. فهي تطحن كل يوم ما تنتجه كسارات لبنان السبعمئة مجتمعة، أي 20 ألف طن يومياً.
وبالنسبة إلى التلوث وتشويه الجبال، فهي أيضاً، أي الشركات الأولى، لأن شكا كانت «أكابولكو الشرق» وهي وصفت بالوجه الإلهي سابقاً لجمال شاطئها المكلل بجبالها الخضراء، عفواً التي كانت خضراء، وأصبحت اليوم جرداء قاحلة بشعة بفضل كساراتهم.
فشركة هولسيم تفجر وتصدّع البيوت كل يوم الساعة 12 ظهراً، كأنها ساعة «بيغ بن» ونحسب أن هزة أرضية تضرب شكا والجوار قبل أن نسمع دوي الانفجار في الجبل.
يا أصحاب المعالي، نحن نبكي كل يوم ونشكو في الصحف وعند المرجعيات الروحية والمدنية، ليس لأن الشركات تربح المال الوفير وتسرق ترابنا، لا أبداً، إنها تملك هذه الأراضي ويحق لها استثمارها، بل لأن شكا تقوم على بحيرة مياه تحوي أكثر من مليار متر مكعب من المياه العذبة وهذه الانفجارات تؤدي إلى تشققات كبيرة، ما يجعل مياه البحر تتداخل وتختلط مع هذه المياه فتملح وهذا ما يحصل.
ألا يهم الحكومة أمر هذه البحيرة التي تسقي عدة قرى من قضاءي الكورة والبترون بكلفة «صفر»،.
أما شركة الترابة الوطنية التي تتباهى بلقبها «السبع» لأنه يخيفنا حقاً، فهي تحفر ولا تضيع دقيقة واحدة من وقتها، فالطلب كبير والحاجة ملحّة والبلدة نائمة والمسؤول غافل والشعب دجّن والبلدية موثوقة من الشركة لا حول ولا قوة لها. والحفر والنحر ماشٍ بالجبال ولا مَن يسأل أو يُسائل. هذه الشركة تنتهج سياسة الصمت والاستكبار وعدم الاكتراث لما يصدر عن بعض الناس غير المدجّنين منها، والعاصين عليها. وتنتهج سياسة العطاءات والاستمرار في الحفر والانتهاكات. إنها محمية... لا نعلم من مَن. إنها تكره مَن يطالبها بحقوق شكا. هذه حالنا في محميات شكا نتطلع إلى أن تصبح جبالنا محمية منهم فنشجرها لتعود كما كانت.
نتطلع إلى مَن يحمي بحرنا منهم.
أخيراً نتطلع إلى مَن يحمينا ويحمي قلمنا.
بيار أبي شاهين
هيئة حماية البيئة