يبني كثيرون أملاً على أن تتيح عودة المتهمين في القضية، إلى الساحة السياسية، هامشاً من الفعل ضد الرئيس ومنظومته
هكذا، يبدو أن الرئيس قيس سعيّد نجح، من خلال دعايته في مناسبات عدة، آخرها انعقاد «مجلس الأمن القومي الاثنين الماضي، إقناع الكثيرين بأن الأشخاص المتهمين مدانون وستتم محاسبتهم على تآمرهم مع جهات أجنبية، حتى قبل صدور أي قرار قضائي باتّ بالإدانة. وأسهم ذلك في تجريد المعتقلين بشكل شبه كامل من أي دعم شعبي يدفع نحو إنصافهم أو الإفراج عنهم، وهو ما يتبيّن من خلال ضعف المشاركة الشعبية في جميع التحركات التي نظّمتها «هيئة الدفاع» عن المعتقلين أو أحزابهم وعائلاتهم السياسية، فيما صار الاهتمام بالقضية منحصراً بمجموعة ضيقة من المحامين والمنظمات الحقوقية والصحافيين، وجميعها فئات لم تسلم من خطاب التخوين. وبرغم إصدار قاضي التحقيق، في وقت سابق، قراراً باتاً يقضي بمنع التداول بالقضية إعلامياً، وإكسائها طابع السرية المطلقة، تم تسريب محضر ختم البحث، بهدف إثبات ضعف الأدلة والبراهين التي بني عليها الملف، استرجاع شيء من الدعم الشعبي على أمل المناصرة، ولكن «دار لقمان بقيت على حالها»، إذ لم تلقَ الوثائق المسرّبة رواجاً سوى بين المتضامنين أساساً دون غيرهم.
بالنتيجة، يبني كثيرون أملاً على أن تتيح عودة المتهمين في القضية إلى الساحة السياسية، هامشاً من الفعل ضد الرئيس ومنظومته. وفي حال إطلاق سراح الأمين العام لـ«الحزب الجمهوري» عصام الشابي، والأمين العام لـ«التيار الديموقراطي» غازي الشواشي، وقيادات «مواطنون ضد الانقلاب»، من مثل رضا بلحاج وجوهر مبارك وأحمد نجيب الشابي، فإن هؤلاء سيستأنفون حتماً نشاطهم المعارض، ولا سيما قبيل عقد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها نهاية هذا العام. في المقابل، يتنبأ كثر بأن زمن الحرية للشخصيات المذكورة غير مضمون ومحدود، وخصوصاً أن بينهم مرشحين جديّين للرئاسة لن ترضى السلطة القائمة بخوضهم الانتخابات بحرية، علماً أن بإمكان المنظومة السياسية أن تعمد إلى تعديل شروط الترشح، بما يمنع هؤلاء منه، طالما تتعلق بهم قضايا تهم التآمر على أمن الدولة. وهو ما لمّح إليه سعيد في خطاب بمناسبة ذكرى وفاة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، إذ قال إن «من ارتموا في أحضان الخارج لا مكان لهم بين المترشحين»، الأمر الذي يعني إمكانية تعديل شروط الترشح نحو إقصاء ذوي الجنسيات المزدوجة أو المتعلقة بهم «قضايا تآمر».