عندما أعادت mtv إطلاق بثّها في نيسان (أبريل) 2009، كان واضحاً أنها تعود بقدرات مالية كبيرة، ستسمح لها بدخول حلبة المنافسة. وهو ما حصل بالضبط. تمكّنت القناة من إنتاج أبرز البرامج الترفيهية («حديث البلد»، و«هيك منغنّي»، the doctors...)، لكنها لم تكتفِ بذلك. عودتها إلى الهواء لم تكن فقط للترفيه عن المشاهد اللبناني والعربي. بدا أن الدور السياسي الذي أنيط بها هو الأهمّ. هكذا تمترست خلف فريق 14 آذار، وتحديداً اليمين المسيحي المتطرّف، وخاضت كل معاركه السياسية والانتخابية والاقتصادية.
وهو ما يمكن تبريره بالنظر إلى الاصطفافات الإعلامية في لبنان. لكن الصدمة كانت أن تنقل mtv أحقادها الطبقية والعنصرية ضد «الغريب» إلى الشاشة، لتقدّمها إلى المشاهد بصفتها مادة إعلامية عادية.
وإذا تجاهلنا كمية «السموم» العنصرية التي تبثّها نشرة أخبار هذه المحطة، خصوصاً في تحقيقاتها الخاصة، فإنّ الإضاءة على ما تعرضه برامجها تحت ستار الكوميديا يبدو ضرورياً. نشاهد على mtv كل ليلة اثنَين برنامجاً، يفترض أنّه ساخر ومضحك يدعى «كتير سلبي» من كتابة جيسكار لحود ونبيل عساف، وإخراج هاني خشفة. في الأسابيع الأخيرة، اختار هذا البرنامج تفجير كل طاقاته «الإبداعية» ليتماشى مع الخطّ العام للقناة. هكذا تابعنا الأسبوع الماضي «اسكتشاً» يتناول موضوع العاملات الأجنبيات في لبنان. وتزامن العرض مع نشر موقع صحيفة «غارديان» البريطانية تحقيقاً عن وفاة إحدى العاملات النيباليات في لبنان بسبب تعذيب مخدوميها. بطلَا المشهد كانا فادي شربل ولمى مرعشلي. يؤدي الأخيران دور «شنّيص وشنّيصة» (محظوظ ومحظوظة)، وهما ثنائي متزوّج يبحث عن مدبرة منزل أجنبية. يبدأ المشهد بالسخرية من تسمية «عاملة أجنبية» بدلاً من «خادمة»، ثمّ تنطلق حفلة الشتائم ضدّ أولئك النساء اللواتي يحضرن إلى لبنان «لممارسة الدعارة مع اللبنانيين والسوريين». كذلك فهنّ مجموعة من الكائنات، القذرات والسارقات، «ومعقّدات نفسياً ينتقمن من الأطفال اللبنانيين»... لم ننتهِ بعد، بل يوضح فادي شربل (شنّيص) أنّه سيرمي هذه الخادمة من الشرفة، لتأتي الشرطة وتستجوبه. أما الختام فمع سخرية مضاعفة من منظمات المجتمع المدني التي تدافع عن حقوق الأجانب في لبنان. كادت كمية العنصرية التي يحملها هذا الاسكتش «الفكاهي» تفيض من الشاشة. لكن مهرجان «ازدراء الآخر» ليس جديداً على البرنامج. أعاد الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً اكتشاف «اسكتش» عمره أكثر من سنة عرض في البرنامج نفسه عن الفلسطينيين. المشهد القصير الذي لا تتجاوز مدّته دقيقة واحدة حمل دلالات كثيرة، وخطاباً عدائياً وتحريضياً على اللاجئين في لبنان: «كتير سلبي إنو الكل عمبيحكو عن حقوق الفلسطيني بلبنان... مع العلم إنو اللبناني ما حدا عمبيحكي عن حقوقو»، تقول دوللي الحلو. «ملفّ توطين الفلسطينيين صار على نار حامية، ويمكن أمر واقع... على روسنا»، تخبرنا لمى مرعشلي بنظرات تحمل الكثير من الاشمئزاز. ثمّ أكمل جنيد زين الدين «كتير سلبي إنو فلسطين ما تعود للفلسطينيين، ولبنان ما يعود للبنانيين». إذاً مرة جديدة تفوّقت mtv على نفسها، وتجاوزت الحدّ الأقصى من العنصرية الذي ظننا أنها وصلت إليه مع تقرير برج حمود الشهير («الأخبار» 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2011). لكن الأخطر أنّ «كتير سلبي» أضاع الخطّ الفاصل بين السخرية من الواقع والعنصرية. هل سقط فريق البرنامج «سهواً» في هذا الفخّ؟ أم نوعية البرامج التي تحقن بها mtv مشاهديها جعلت السخرية من الأجانب مادة طبيعية ومقبولة؟
أسئلة كثيرة لم ينتظر الناشطون على فايسبوك أجوبتها. لقد أطلقوا أخيراً حملة لمقاطعة المحطة، وفتحوا نقاشاً طويلاً في مضمون البرامج التي تعرضها. القاسم المشترك بين الجميع كان إدانة «هذه العنصريّة غير مقبولة في القرن الواحد والعشرين» كتب أحدهم.
8 تعليق
التعليقات
-
هاد أحلى برنامج بالعالم هاد أحلى برنامج بالعالم
-
تعليق على موضوع عنصرية الmtvأعتقد مع احترامي الكامل لكل آراءكم أن هناك تضخيم للموضوع, لأن العاملات الأجانب عندنا تأخذ حقوقها و حتى أكثر من اللبنانيين أنفسهم, و الحقيقة أن المشاكل تأتي من جهتهم في أكثر الأوقات و هذه هي الحقيقة ( من خلال معاملة الأولاد بعدم مبالاة و قسوة, و مطالبة أرباب العمل بأشياء لا تأخذها حتى العاملات اللبنانيات عادة). فكفى مزايدة أكثر و نختبىء وراء أصابعنا فقط لأن هذه المحطة مع 8 و تلك مع 14....و حتى عن موضوع الفلسطنيين لم يأخذوا الموضوع بهذا الأزدراء أبدا, فهناك تحريف للحقائق, و نحن اللبنانيين تعذبنا و زقنا كل المر أيضا كما الفلسطنيين فأين الخطأ في ذلك. أخيرا و في حال كانت محطة معينة mtv أو غيرها تنوي زرع الفتنة فهناك أناس تشاهدها و غيرهم لا يشاهد, أما أنتم بمقالاتكم النيرة توسعون دائرة الفتنة و تسلطون الضوء أكثر و هكذا أنتم تشاركون أيضا يا أعزائي...... و شكرا
-
العنصرية في لبنانلقد هزلت ان امثالكم ان يتكلم على الشعب الفلسطيني موجة إلى برنامج كتير سلبي على mtv channel
-
الفيتو الروسي الصيني منع استعار الأزمة فهل يستر المجرم الأمريكي؟بسم الله الرحمان الرحيم بقصد وبغير قصد، فقد بات القتل عامل فتنة عن ما هو أشد وأكبر منه"وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ"(البقرة 191)"وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ"(البقرة 117).فمن التداعيات الخطيرة للقتل، أن يتم حصر الإهتمام به والتلهي عن باقي أجزاء البلاء والمصيبة.ثمة قدرات وإمكانيات لا بد منها لردع المجرمين ووقف القتل، وبالتالي يجب أن لا يشكل عاملا يمنع امتلاك القدرات تلك أو مفتتا لها إن وجدت. ثمة جهود حثيثة لتحويل الفيتو لمصلحة المجرمين، من خلال دعاية بأسلوب تباك، متشابهة في مضمونها مع نفس الدعاية التي يستخدمونها لتبرير جرائمهم والتي يشكل مجلس الأمن وفيتواتهم بعض الأساليب القبيحة اللئيمة للإستعانة على ارتكابها، وهم يحاولون بخلاف حقيقة الواقع الإيهام بأن الفيتو حال دون وقف سفك الدماء.فلا شك أنهم سيدفعون الروس عبر أسلوب النفاق إلى التكفير عن الذنب الذي يقومون بتكوين صورة عنه في في ضمير الروس وكذاك الصينيين لتأنيبهم. من الصعب تقييم وفهم الفيتو الروسي الصيني إلا في إطار العقوبات، كنتيجة منطقية لأعمال التي قام وتقوم بتنفيذها في إطار سياسة ممنهجة لنحقيق هدف دنيء يتمثل علوا في الأرض وفسادا.فلا بد من التكامل مع الفيتو المذكور بخطوات أخرى.فالمهم أن القاتل هو أمريكا عبر شركائها وأدواتها، فلا تجعلوا الفيتو المذكور سترا له.
-
ألاحظ منذ زمن العنصريةألاحظ منذ زمن العنصرية المتفشية في هذه القناة حتى ليس فقط اتجاه العمالة الأجنبية إنما أيضا إذا لاحظتم أن عنصريتها تبرز في أقل ما هو مهم من البرامج اليومية في لبنان ألا و هو نشرة الطقس حيث تعمد القناة على إطلاع المشاهدين على حالة الطقس في المناطق المسيحية فقط أو حيث يتواجد المسيحيون في مناطق مختلطة....أسف لا أحبذ الكلام بهذه الطريقة ولكن للفت النظر لا غير وشكرا ...
-
شكرا للفت النظر. للاسف مقاطعةشكرا للفت النظر. للاسف مقاطعة المحطة امر فيه كثير من العنف الداخلي او المحلي. علما بان العنصرية تفوح من كل مؤسسة اعلامية مرئية لبنانية. تجميع هذه المواد عمل مهم لنتوصل الى تلفها من ارشيف المحطات ومن ذاكرتنا والاهم لاستعمالها لاقرار قانون جديد للرقابة ربما آن الاوان للتركيز على الشاشة الصغيرة و ترك الشاشة الكبيرة بسلام. سلام.
-
السقوطسنوات طويلة من الغربة في أمريكا و أوروبا علمتنا إن اشد الافراد عنصرية و تطرف هم أكثرهم شعورا بالفشل و اليأس من المجتمع و الحياة. الشعور المدفون بإحتقار و تهميش الاخر هو شعور بالهزيمة غير قابل للظهور بسبب قمع المجتمع و رفضه للمهزوم المستسلم. يقوم الانسان العنصري بالتحالف مع عدو المجتمع ليقوم هذا العدو بتحقيق ما يعجز هذا المهزوم اليائس عن تحقيقه. الرغبة المدفونة بهزيمة الاخر الافضل حسب المعايير الانسانية و العجز و الفشل المتكرر يؤدي الى أعمال كهذه أقل ما يقال عنها انها كوميديا سوداء. اللبنانيين من أكثر شعوب العالم هجرة و تغرب و هم بالقطع قد عانوا من العنصرية و أحسوا ما أقوله الان, فهل هذه البرامج إعتراف موثق هزلي بالهزيمة من قبل القوات العنصرية مقابل الحراك العربي السلمي الحضاري؟؟؟
-
شكوى رسمية ضد البرنامج العنصري البغيض ومن يقف وراءهشكرا للأخبار ولليال حداد على فتح هذا الموضوع وشكرا لكل الاخوة اللبنانيين المعارضين لهذه العنصرية المقيتة. ولكن أعتقد أن الموضوع يجب أن يتجاوز ذلك الى تقديم شكوى رسمية للمجلس الوطني للاعلام. فهل يمكن للأخبار ان تصعّد القضية او ان توفر لنا رقم المجلس الوطني للاعلام كي نتقدم بشكوى رسمية لمنع بث البرنامج اذ اني لم أعثر على الرقم في الانترنت؟؟ مع جزيل الشكر