قرّرت النيابة العامة في المحكمة الابتدائية في تونس سجن الصحافي محمد بوغلاب (الصورة) إثر مثوله أمامها، صباح أمس الثلاثاء، «على خلفية شكوى تقدّمت بها موظفة في وزارة الشؤون الدينية في حقه». وكانت بوغلاب قد أوقف يوم الجمعة الماضي لمدة 48 ساعة، قبل التمديد ليومين إضافيين على خلفية تناوله موضوعاً يتعلّق بالتصرّف في المال العام وانتقاده لسفر موظفة في وزارة الشؤون الدينية ثلاث مرات متتالية ضمن وفد رسمي، من دون أن يكون هناك داعٍ لذلك. ووجّهت النيابة العامة لمحمد بوغلاب تهمة «نسبة أمور غير حقيقية لموظف عمومي»، وفقاً للفصل 128 من المجلة الجزائية، و«الإساءة للغير عبر الشبكات العمومية للاتصال» استناداً للفصل 86 من مجلة الاتصالات. وأوردت وسائل إعلام محلية أنّ صاحبة الشكوى تتهمه بـ «الإساءة إليها والمس بسمعتها من الناحية الأخلاقية»، في منشورات على صفحته على فايسبوك وفي مداخلات إعلامية.
وفي ضوء هذا، أدانت «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» القرار، مشدّدةً على أنّ القضاء التونسي «يواصل سجن الصحافيين وسلب حريتهم، ما يمثّل انتهاكاً خطيراً يستهدف حرية الصحافة والتعبير». وأكدت النقابة أنّ «ملاحقة الصحافيين قضائياً تخضع وفق المرسوم 115 إلى إجراءات خاصة مرتبطة بالدعوى المباشرة من قبل الشاكي، كما تكفل لأي شخص أن يقوم بهذه الإجراءات»، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنّ ما قامت به النيابة العامة خرق واضح لهذه الإجراءات». وتابعت: «إنّه لا يوجد مبرّر لإصدار بطاقة إيداع في حالة محمد بوغلاب، من حيث خطورة الأفعال ولا الخوف من إتلاف الأدلة أو الهروب من العقاب بالفرار»، لافتةً إلى «خطورة انحراف السلطة القضائية عن دورها من حامية للحقوق والحريات إلى سيف يسلط على الصحافيين ويسلب حريتهم، بعد صدور حكمَيْن منذ بداية هذه السنة بالسجن في حقهم استناداً إلى نصوص قانونية ذات طابع زجري، فضلاً قرارات الإيداع بالسجن والاحتفاظ في ثلاث مناسبات». وأعلنت النقابة في بيانها أنّها تعتزم مقاضاة النائب العام بسبب «ارتكابه جريمة الاحتجاز غير القانوني باستعمال خصائص الوظيف طبق أحكام الفصلين 250 و114 من المجلة الجزائية طالما أنّه أصدر بطاقة إيداع ضد الصحافي محمد بوغلاب خارج الشروط القانونية التي تملك النيابة العامة بمقتضاها تلك السلطة... وهي الشروط المتعلقة بوجود حالة التلبّس وبعدم قيام جلسة للدوائر الجناحية أثناء نظر النيابة العامة في الملف... ويمكن في هذا الصدد الاستدلال بمقتضيات الفصل 34 والفقرة الثالثة من الفصل 206 من مجلة الإجراءات الجزائية...».
وفي النهاية، طالبت النقابة الرئيس قيس سعيّد بـ «حماية الحريات وأستقلالية الصحافة».
وكان صحافيون تونسيون، وبدعوة من النقابة، قد نفّذوا يوم الأحد الماضي وقفة احتجاجية أمام المحكمة الإبتدائية في تونس للمطالبة بإطلاق سراح بوغلاب.
علماً أنّ الدعوى ضدّ بوغلاب تستند إلى الفصل الثالث من القانون رقم 58 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة بتهمة العنف المعنوي وعديد الفصول من المجلة الجزائية، بالإضافة إلى الفصل 86 من مجلة الاتصالات و الفصل 24 من المرسوم 54 الخاص بمكافحة جرائم أنظمة المعلومات والاتصال إضافة إلى فصول من المرسوم 115.
واعتربت النقابة يومها أنّ إيقافه يعدّ «تعسفياً وانحرافاً في الإجراءات القانونية التي تنظم ملاحقة الصحافيين جزائياً في محاولة لكمّ صوته الناقد وهرسلة بقية الصحفيين/ ات».