في الظروف المتردّية، يصبح السؤال عن جدوى الفن وماذا يمكن أن تقدّمه الدراما للمواطن المقهور مسألة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى! من المؤكد بأن رغيف الخبز أقوى من كلّ أنواع الفنون، وتأمين الاحتياجات الأساسية أولوية لا يمكن للدراما الرمضانية أن تنافسها! مع ذلك، لم تتزحزح مكانة الدراما على المائدة الرمضانية. بالنسبة إلى المتفرّج، لا يمكن له مقاومة غواية شخصيات خبرها طويلاً، واعتاد أن يشاهد جزءاً من واقعه على أيديها، بصيغة مصنّعة وسرد حكائي جذّاب! ربما كانت الوصفة السحرية حاضرة في عدد من لوحات «بقعة ضوء» لأنها لا تتنكّر للظرف الذي يعيشه المواطن، وفي الوقت عينه لا توغل في مآسي الحياة اليومية، بل تعيد تدويرها بطريقة ساخرة وبمنطق الكوميديا السوداء. هذا ما يصبو إليه المشاهد المتعب من واقعه عموماً، فيجد في الشاشة الصغيرة فسحة للفرجة التي تصوغ متعته وتقبض على مفردات حياته بدون تغريب مقصود أو إدارة الظهر لما يكابده! هذه السنة لا تشبه سابقاتها بالنسبة إلى سوريا، بسبب تبعات الحرب الطويلة والحصار الاقتصادي الجائر. الطوابير تملأ المدينة، والجوع يتسيّد مشهدها، والعوز يسطو على سكّانها. مع ذلك، سيجد المتابع جزءاً جديداً من السلسلة الكوميدية الشهيرة. وبعد يوم طويل ومتعب، سيهرب إلى قصص تاريخ الشام أيّام زمان، في دراما صارت تقليدياً فولكلورياً مثل «حارة القبّة» و«الكندوش»، وسيتعرف إلى جزء من الواقع في دراما اجتماعية معاصرة، بعضها عاد إلى حقبة السبعينيات والثمانينيات مثل «خريف العشّاق»، والآخر أوغل في الواقع الآني مثل «على صفيح ساخن». وستكون للكوميديا حصّتها مع عودة الكوميديان ياسر العظمة في «السنونو».