لطالما استثنى حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة، جلّ الإعلام اللبناني، من اهتماماته. ظهر هذا الأمر، بعد التظاهرات الشعبية، التي اندلعت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عندما وجهت أصابع الإتهام اليه والى السياسات المالية التي أوصلت البلاد الى حافة الإنهيار الإقتصادي، إذ ما زالت ساحة المصرف شاهدة على مجموع الإعتصامات وكذلك على الشعارات التي دونت على الجدران. وقتها فضّل سلامة إجراء مقابلاته مع وكالات أخبار غربية، والإدلاء بأحاديث اليها، واكتفى الإعلام اللبناني وقتها بنقل مضامين ما قاله، وكلنا يذكر المؤتمر الصحافي الذي عقده في مصرف لبنان، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ووقتها استثنيت وسائل إعلام معينة ودعيت أخرى في اللحظات الأخيرة. لكن ما الذي استجد حتى يتكرر ظهور سلامة على وسائل إعلام محلية يومي الأربعاء والخميس الماضيين؟ وكيف بات سهلاً تحويل هذه المنابر الى منصات لتلميع صورة الحاكم، والدفاع عما يواجهه من اتهامات؟ بعد انتشار وثائق تؤكد قيام الحاكم بتحويلات مالية الى الخارج، واثارة ضجة عارمة حولها على وسائل التواصل الإجتماعي، سارع سلامة الى الظهور عبر mtv، التي قامت بالواجب، وقصدت مراسلتها جيسي طراد المصرف المركزي، وقدمت صورة عن «عصامية» رياض سلامة الذي قام بدوره بابراز وثائق تؤكد تحصيله لثروته قبيل توليه الحاكمية. لم ينته الأمر هنا، بل شهدنا يوم الخميس الماضي، حفلة مشابهة، على قناتيّ «الجديد» وotv. إذ ظهر سلامة على القناة البرتقالية، في برنامج «رح نبقى سوا» بعيد النشرة الإخبارية المسائية، لمدة 16 دقيقة. وبعد الترحيب العارم بالحاكم من قبل المراسلة جويل بو يونس، لم يقدم سلامة جديداً، سوى تكرار ما قاله في بيانه الصحافي، واعتبار ما سرّب مجرد وثائق مزورة. قبل هذه المقابلة الهاتفية، خصصت «الجديد»بدورها، مساحة لهذه القضية، فبعد عرضها لبيان صخر الهاشم وكيل «فيرست ناشيونال بنك»، المصرف المتهم بعملية التحويل، عاد الهاشم وظهر في اتصال هاتفي، وضمن محاججة خجولة من داليا أحمد، التي سألته عن موعد إظهار المستندات الداحضة لما سرّب من وثائق. خلاصة المداخلة الهاتفية، تأكيد على عدم تحويل أو ايداع مبالغ مالية، واعتبار المستندات مزوّرة. هكذا شكلت هذه اللقاءات التلفزيونية، التي تحصل للمرة الأولى، في تكرار لسردية الحاكمية المصرفية، وضوحاً ساطعاً لاستزلام القنوات، وتجنيد منصاتها لخدمة رياض سلامة، بعد أشهر بحّت فيه أصوات بعضها بعبارات استعادة الأموال المنهوبة، والثورة على الطبقة السياسية والمالية الحاكمة!.