يبدو أن هناك موجة في البلاد، تشبه الى حدّ كبير الترهيب المعنوي، ومنع أي شخصية من الإدلاء برأيها، وتأويل كلامها وتوظيفه في إطار بث الفتنة أو هزّ السلم الأهلي. فقد كان مفاجئاً ما اقدم عليه المحامون محمد زياد جعفيل، ميشال فلاح، وليد حدرج ومحمد أسد صفصوف، إذ قدّم هؤلاء إخباراً الى النيابة العامة التمييزية، ضد الملحن سمير صفير، متهمين إياه بـ «إثارة الفتن والنعرات الطائفية والمسّ بالأديان». جاء ذلك على خلفية ما قاله صفير في برنامج «انت قدا» (mtv) يوم السبت الماضي، عندما سُئل عن وزير الخارجية جبران باسيل، وفشله لدورتين في الإنتخابات النيابية في مسقط رأسه «البترون». هنا، عقب صفير (معروف عنه لسانه السليط وسقفه المرتفع في الكلام تلفزيونياً)، بالإعتراض قائلاً: «لو يسوع المسيح بيجي ما رح ينجح». عبارة تقال مجازياً للدلالة على صعوبة نجاح باسيل في دائرته، أحيلت اليوم الى القضاء، تبعاً لمواد قانون العقوبات (المواد /317/ و/473 ) التي تتعلق بـ «إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحضّ على النزاع بين الطوائف»، و«تحقير الشعائر الدينية التي تمارس علانية او حث على الإزدراء باحدى الشعائر ». الملحن اللبناني رد على تويتر، واصفاً ما يرّوج بـ «الكلام السخيف»، وبأنه قصد أنّ باسيل لن ينجح في البترون في ظل قانون «الستين». حادثة تذكرنا بما حصل أخيراً مع رئيس «الاتحاد العمّالي العام» السابق بشارة الأسمر الذي عوقب بالسجن أياماً عدة، واجبر على الإستقالة من الإتحاد، فقط لأنه أطلق نكتة سمجة بحق البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير، في الخفاء، وعُمل على تسريب الكلام لاحقاً في الإعلام ليجلد ألف مرة، ويراد من الحادثة تعميمها كنموذج ترهيبي لأي شخصية لديها آراء مخالفة، أو يراد تحميلها عقوبة فعل لا يحتاج الى هذا الكمّ من المحاسبة.