في الزمن الصعب، رحل ادمون صعب (1940-2019). في زمن تهاوي المهنة، وانقلاب المعايير الأخلاقية، غادرنا الصحافي الكبير بعد صراع مع المرض، عن عمر 79 عاماً. أسبوع واحد فصل فقط بين رحيل مي منسى، وادمون صعب. تقاطع الشخصان على موعد الموت، وهما اللذان جمعتهما مؤسسة واحدة تحت خيمتها لأعوام طوال :«النهار». ولد ادمون صعب، في بلدة «المعلّقة»، (زحلة)، ودرس الحقوق في «جامعة القديس يوسف» عام 1965، وفي العام نفسه دخل أبواب «النهار»، ليظل هناك، قرابة 45 عاماً متنقلاً بين أقسام عدة هناك : فكان سكرتير القسم المحلي، نائب مدير التحرير، رئيس القسم الإقتصادي والمالي، ومدير تحرير «النهار» (قسم العربي والدولي)، كما تسلم سفينة «دار النهار» عام 1958. في العام 1993، تسلّم رئاسة التحرير التنفيذية في الصحيفة البيروتية، وعرف بعامود الرأي هناك، الذي رافقه قرابة 15 عاماً. في العام 2009، انتقل صعب الى صفحات «السفير»، إذ واظب هناك على كتابة مقالة رأي أسبوعية، تصدر على الصفحة الأولى هناك. بعد توقف «السفير» عن الصدور عام 2016، انضم ادمون صعب، الى اسرة «الأخبار» وكانت له مساهمات، في قسم «السياسة المحلية» في الصحيفة، وآخر المقالات التي حمّلت توقيعه، مقالة بعنوان :«حرب السعودية «الناعمة» على أدراج قصر بعبدا» في أيلول (سبتمبر) الماضي. ينتمي ادمون صعب الى مدرسة عريقة من الصحافة اللبنانية، عاصر فيها كبار الصحافيين وترك بصمة لا تنسى. صدر له العام الماضي، كتاب :«العهر الإعلامي..من ابراهيم اليازجي الى غسان تويني» (دار الفارابي). كتاب يلخص ما آلت اليه «مهنة المتاعب»، من تغييرات جذرية حصلت بفعل الثورة التكنولوجية، وتأثيرها على طريقة التفكير والإتصال والترفيه. فيما كان من المنوي اصدار كتاب جديد له بعنوان :«مسيرة عمر مع غسان تويني من زنزانة الحرية الى رهبانية النهار» (دار الفارابي)، لكن وافته المنية قبل تحقيق ذلك، والكتاب يتوزع الى فصلين، الأول بمثابة سيرة ذاتية، والثاني يسرد للعوامل التي جعلت «النهار»، «مدرسة» في عهد غسان وجبران تويني. عرف الصحافي الراحل بتواضعه، وكياسته، وهو الرافض على الدوام للقب «إعلامي»، وكان دائم التشديد على قواعد المهنة، أكثر من الدخول في دهاليز «الأنا»، فكان بالفعل حارس المهنة وأخلاقياتها. «نقابة المحررين»، وفي بيان لها، نعت الراحل، إذ وصف نقيب «محرري الصحافة» جوزيف قصيفي، ادمون صعب ب «فارس الحضور في الإستحقاقات الصعبة»، و ب«القدوة لأجيال من الصحافيين»، و«الوطني الملتزم قضايا لبنانه»، و «الصوت الصارخ في وجه الظلم والفساد والمفسدين». البيان اعتبر أن «بغياب ادون صعب تطوى صفحة من الزمن الجميل يوم كان للصحافة دورها وألقها واسهامها في صناعة الرأي العام».



*تقام الصلاة عن راحة الراحل بعد غد الثلاثاء في كاتدرائية «مار مارون» - كسارة (زحلة)- عند الساعة الثالثة بعد الظهر- فيما تقبل التعازي قبل الدفن وبعده يومي الثلاثاء والأربعاء في صالون الكاتدرائية- أما نهار الخميس فتقبل التعازي في صالون كنيسة «سانت ريتا» (سن الفيل-حرج تابت)- من الساعة 11:00 وحتى 19:00.